تعتبر مصر حاضنة آل بيت النبوة وأولياء الله الصالحين، وقد بوركت بوجودهم حيث تأتي من منطلق دعوة السيدة زينب الشهيرة لأهل مصر لترحيبهم بقدومها قائلة: "أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل لكم من كل مصيبة مخرجًا ومن كل ضيق فرجًا".
ونستعرض خلال أيام شهر رمضان المبارك عدد من هؤلاء الأولياء وفترة إقامتهم في مصر، ونستعرض اليوم: السيدة حورية حفيدة الإمام الحسين.
هي زينب الحسينية شرف الدين "زينب الصغرى" ويمتد نسبها من الأب إلى الإمام أبى عبد الله الحسين بن الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه، ونسبها من الأم يمتد إلى بنت كسري ملك الفرس وحظيت باسم حورية نظرا لجمالها وتقواها، ورافقت -رضى الله عنها- الجيوش الإسلامية في فتح مصر وأظهرت شجاعة فائقة في قتالها جنبا إلى جنب مع الرجال خلال معركة (البهنسا) بالمنيا جنوب مصر وبعدها استقر موكبها فى مدينة بنى سويف.
حيث استقبلت بترحاب من الأهالي الذين توافدوا عليها للحصول على بركة حفيدة النبى ودعائها لهم بالخير، ورحلت إلى الرفيق الأعلى بكرا لم تتزوج ودفنت بمكان إقامتها، وبنى محمد بك إسلام مسجداً بجوار ضريحها والذي أصبح جزءا من المسجد، وأتم بناءه نجله عثمان بك سنة 1323 هجرية، والمقام الكائن فى نهاية المسجد ويفصلهما باحة، وتوضع لافتة تحمل سيرة السيدة حورية في أحد حوائط الباحة، بجوار باب مقامها.
ومنذ القدم ظهرت عند المصريين القدماء فكرة الولي الذي يمثل الآلهة المحلية التي يلجأ إليها الناس لتوصيل رغباتهم إلى إله الدولة الرسمي، سواء رع في الدولة القديمة أو آمون في الدولة الحديثة، وتطور الأمر مع دخول الإسلام إلى أضرحة الأولياء.
وعلى الرغم من ازدحام القاهرة بالمنشآت الحكومية، والوزارات، خاصة منطقة وسط البلد، إلا أنها ما زالت تحتفظ بعدد كبير من الأضرحة التى يتبارك بها المصريين، وهذه الأضرحة كانت موجودة قبل بناء القاهرة الخديوية على يد الخديوى إسماعيل، فربطت بين حقبة الدولة الإسلامية والقاهرة الحديثة التى أراد الخديوى بنائها على الطراز الأوربى لتباهى عواصم العالم الأكثر تمدن ورقى.
على الرغم من رغبة الخديوى انذاك فى بناء القاهرة من جديد على غرار العاصمة الفرنسية باريس، إلا أن المصريين استطاعوا الحفاظ على أضرحة أولياء الله الصالحين، والتى سميت مناطق نسبة لهم، فوسط الحداثة تجد ضريح لأحد المشايخ، وإن كان لا يذكره كل أهالى المنطقة المحيطة به.
هناك أضرحة مشهورة فى القاهرة يعلمها الجميع مثل ضريح سيدنا الحسين، والسيدة زينب والسيدة نفيسة، وغيرهم، ولكن هناك أضرحة أخرى تنتشر فى شوارع وسط البلد لم يعرفها الكثير ولكن أهالى المنطقة المجاورة لها يقيمون لبعضها الموالد ويتباركون بالمكان ويزورنه.