الجمعة 29 نوفمبر 2024

بعدما أصبح السكوت مستحيلاً فى السنوات الأخيرة وأضحت السياسة تشكل جزءاً كبيراً فى حياة الشعب .. إلى أى مدى تؤثر الآراء السياسية للفنانين على شعبيتهم؟

  • 14-2-2017 | 21:56

طباعة

تحقيق: عمرو والي

يبدو أن آراء الفنانين السياسية كانت ولاتزال محل جدل كبير، فبعد أحداث متسارعة شهدت فيها البلاد زخماً على كافة المستويات، انقسم النجوم إلى فريقين الأول بات حريصاً على عدم التحدث فى القضايا السياسية عبر وسائل الإعلام حتي لا يقع فى أي أزمة، أو تصريح قد يُحسب عليه، والثاني اختار أن يعلن موقفه دون مشكلة، معلناً تحمله تبعات الإدلاء بهذا الرأي. ... «الكواكب» تطرح تساؤلات عدة بالتزامن مع عدد من القضايا البارزة على السطح مؤخراً، ومنها حالة الجدل التي أحدثتها قضية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية فى قضية «تيران وصنافير»، والأزمة التي نشبت بين الفنانة داليا البحيري ولاعب الكرة المعتزل محمد أبو تريكة، على خلفية إدراجه علي قوائم الإرهابيين، لنتساءل هل يحق للفنان أن يعلن آراءه السياسية بكل وضوح؟ أم الأفضل أن يحتفظ بها لنفسه خوفاً من أن يتأثر بها الجمهور، لما لهذا الفنان من شهرة ونجومية ومصداقية؟، وإلي مدى يمكن أن يؤثر الأمر على شعبيته؟ لاسيما بعد دخول الفنان كطرف في صراعات سياسية عديدة، وذلك عبر السطور القادمة.

موقف واضح

أكد الفنان حسين فهمي، على أنه يجب الفصل بين آراء الفنان السياسية وعمله الفني بشكل تام، مشيراً إلى أن الجمهور يحترم الفنان لأعماله الفنية، وقيمتها، وليس لآرائه السياسية دخل بالفن، والتي يمكن أن نتفق أو نختلف معها، وهذا هو ما يحدث فى أوروبا والولايات المتحدة، حيث نرى فنانين ونجوماً من الطراز الرفيع، لديهم جماهير عريضة، يعلنون آراءهم السياسية دون أن يؤثر ذلك على نجوميتهم وشهرتهم الفنية، وقد يختلف البعض مع الفنان على آرائه الفنية، وتوجهاته السياسية، لكن لايمكن أن يقلل ذلك من قيمته كفنان، وما يحمله من تاريخ فني.

وأضاف فهمي أن اهتمامه بالسياسة لم يؤثر على كونه فناناً إطلاقاً، لأنه لا علاقة بين الاثنين، خصوصاً أنه مهتم بالسياسة منذ فترة طويلة، وهذا لم يؤثر على وجوده في السينما أو التليفزيون، لافتاً إلى أن الفنان يجب أن يعلن عن آرائه السياسية بكل صراحة ووضوح دون إخفاء، ولا يتوقف الأمر فقط على وقت الأزمات أو الأحداث الضخمة، وإنما طوال الوقت، لأن الفنان جزء من المجتمع، يجب أن يشارك ويتفاعل فيه، ويوضح وجهة نظره لما يجرى على كافة المستويات داخل بلده التي يعيش فيها.

تأخر فني

فيما أكد الفنان طلعت زكريا أنه توقف عن الحديث في السياسة، مشيراً إلى أن آراءه السياسة أثرت كثيراً على مشواره الفني، وتسببت فى تأخره عن الكثير من مشروعاته، 5 سنوات قائلا" بطلت أتكلم فى السياسة".

وأضاف زكريا أن المواطنين أصبحوا يشعرون بالزهق والضيق جراء الأحداث السياسية المتلاحقة، ودور الفنان هنا يجب أن يكون حيوياً وفعالاً عبر تقديم المتعة لهم ورسم الضحكة والبهجة على شفاههم، من خلال الدراما والسينما.

وأكد زكرياً أن الفن يجب أن يلعب دوراً هاماً فى هذه المرحلة الهامة من عمر الوطن، موضحاً أنه قارب علي الانتهاء من تصوير فيلم «حليمو أسطورة الشواطىء»، ويستعد لدخول مسلسل «الزئبق» مع كريم عبد العزيز وشريف منير للعرض فى الموسم الدرامي الحالي 2017

منظومة متكاملة

ويرى الفنان عزت العلايلي أن الفن والسياسة مكملان لبعضهما البعض، مشدداً على أن الفن وسيلة أساسية لكي تستمر العملية السياسية، وأن فئة الفنانين والسياسيين مؤثرة فى المجتمع، وبالتالي يجب علي الفنان أن يعلن عن آرائه بوضوح وبشكل كامل، لأن مثل هذا الأمر يجعل شخصيته الفنية تكتمل أمام الجمهور.

وأضاف العلايلي إعلان الفنان لموقف ما يجب أن يكون نابعاً عن دراية وخبرة ودراسة، ومنها تنبثق وجهة نظره ورؤيته، لأن الجمهور والمشاهدين يشعرون دائماً أن الفنان قدوة ونموذج ومصدر ثقة، وهو ما يعكس تأثير الفن فى المجتمع بصورة كبيرة.

وشدد العلايلي علي أهمية وجود المزيد من الأعمال ذات النمط الاجتماعي الذي يحمل خلفية سياسية، لأن هذه النوعية تثري الصناعة وتحقق الاستفادة للجمهور.

تفاعل مع الواقع

وقالت الفنانة فردوس عبد الحميد، إن الفنان لا ينفصل عن مجتمعه وهو مواطن بالدرجة الأولى له رأيه السياسي وهو شخصية عامة ومعروفة يمكن أن يكون مؤثرا في المجتمع بشكل كبير، مشيرة إلى أن هذا الأمر لا يعتبر خروجا عن رسالة الفن إطلاقاً، مشددة علي أن الفنان له رسالتان الأولى لفنه والثانية لمجتمعه، والفنانون والمثقفون يمثلون جزءا رئيسياً من الوطن له دور فى قيادة المجتمع إلى بر الأمان.

وأضافت عبد الحميد أن تعبير الفنان عن رأيه هو واجب تجاه وطنه، وتأكيد على أن الفنان لا يعيش في كوكب آخر أو منفصل عن واقع بلده، لافتة إلى أن المرحلة الحالية من عمر الوطن تستوجب تكاتف الجميع للخروج بالوطن من كافة التحديات التي تواجه الشعب المصري.

احترام الآراء

والفنانة هند صبري تري، أن إعلان الفنان عن آرائه السياسية غباء، وبالتالي لايجب أن يتورط الفنان في تلك القضايا مشيرة إلى أن كل فنان لديه قناعة واختيار شخصي مسئول عنه فى النهاية، وهناك من سيؤيد الفنان فى رأيه، والعكس، والساحة مفتوحة للجميع.

مساحة الحرية

والناقد الفني طارق الشناوي يوضح أن السلطة والمجتمع لم ينضجا بما فيه الكفاية لتقبل كافة الآراء بجميع أطيافها، مشيراً إلى أنهما أصبحا يواجهان الفنان بكل شراسة وضراوة عند إبداء رأيه فى أي موضوع، وبالتالي إذا خرج تصريح من الفنان فى أغلب الأحيان يكون له تبعات، لاسيما مع وجود مواقع التواصل الاجتماعي، قد تؤثر عليه شخصياً أو مهنياً فيما يتعلق بالإبداع الذى يقدمه سواء تمثيلاً أو إخراجاً أو تأليفاً.

وأضاف الشناوي أن الجميع الآن يشاهد خروج تظاهرات ضد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب وسط مشاركة الفنانين، وعلى سبيل المثال خرج كل من ميريل ستريب، وجورج كلوني ليقولا آراءهما فى ترامب، ليخرج هو ويرد ويبدي اعتراضه بنفس الأسلوب حتي خرج ليسخر ويقول إن ستريب، فنانة أخذت أكثر مما تستحق وانتهت القصة، دون تضخيم، فلم نشاهد الإعلام الأمريكي يأخذ موقفاً ضدها، ولا الرئيس نفسه يملك صلاحيات للإضرار بها، فهناك القوى متعادلة.

وأوضح الشناوي أن في أوروبا وأمريكا الفنان يقول رأيه وجزء من الشعب يوافق وجزء آخر يعترض، الرئيس نفسه قد يوافق وقد يعترض، لكن لا تغلق أمامه الطرق أو يتعرض لأي مشكلات قد تعيق فنه أو إبداعه، لافتاً إلى أن بعض الفنانين والمثقفين اصبحوا خارج الخريطة الآن، ضارباً المثل بالفنانة بسمة والتي اختفت بعد ارتباطها بالسياسي عمرو حمزاوي، على الرغم من أنه لم يكن لها كفنانة آراء سياسية كثيرة.

وأوضح الشناوي أن الواقعة الأخيرة الخاصة بالفنانة داليا البحيري واللاعب المعتزل محمد أبوتريكة تمثل شكلاً آخر من القصة فى حكم المجتمع بكل قسوة على الفنان، مشيراً إلى أن أبو تريكة محسوب بشكل أو بآخر علي التيار الإسلامي، ومع تمتعه بمساحة حب كبيرة، جعلت الناس تحكم عليه بميوله، وترفض من يعتدي عليه مثل ما حدث مع البحيري والتي اضطرت للاعتذار أمام سيل الهجوم من السوشيال ميديا، وهو ما يعكس حالة من الحكم المجتمعي، والذى لايعطي حرية مساحة للفنان فى إبداء الرأي إذا اختلف معه.

وأكد الشناوي أن هناك فريقاً من الفنانين يفضل النظر للامور من وجهة نظر فنية بحتة، فلايفضل الدخول فى معارك جانبية مثل الحديث فى السياسة أو ماشابه، فنجد البعض يفضل الصمت والحياد تماماً تجاه القضايا السياسية حفاظاً على فنه، وحياته العملية، ففي النهاية هي خيارات شخصية للفنان.

التوقيت المناسب

ترى الناقدة الفنية ماجدة موريس أن الفنان من حقه الكامل التعبير عن آرائه السياسية باعتباره مواطناً فى المقام الأول، لافتة إلى أن الفنان من المفترض ألا يكون بمعزل عما يجري فى بلاده اجتماعيا وسياسيا واقتصادياً، وهو ما حدث خلال الآونة الأخيرة حيث أصبح متفاعلاً بدرجة كبيرة، وصار قادراً على تشكيل رأى والتعبير عما يعيش فيه.

وأضافت موريس أنه في السابق كان الفنانون حريصين على الابتعاد عن الحدث السياسي، ولكن الموقف بعد ثورة يناير تغير تماماً، وباتت هناك مشاركة من جانبهم زادت وتيرتها فى أعقاب حكم الإخوان، وما شهده من هجوم طال فنهم بداية من ترهيب بعض الفنانات لأداء أدوار بعينها، ومرورا بموجة السينما النظيفة، وانتهاء بالحرب التي شنتها الجماعة ضدّ الفن والفنانين، ومن ثم شعر الفنانون بقيمة آرائهم بل وخاضوا معارك عديدة واستطاعوا الانتصار فيها تعبيرا عن قيمتهم وقيمة فنهم وما يقدمونه للجمهور والمجتمع..

وبالتالي يجب علي الفنان أن يمتلك الذكاء فى توقيت الكلام أو الصمت، وأن يدرك بأنه مسئول وأي تصرف أو كلمة تصدر عنه سيكون لها ردود أفعال سواء إيجابية أو سلبية.

رسالة الفن

وقالت الناقدة الفنية خيرية البشلاوي، إن موقف الفنان السياسي من الممكن أن يضيف له أو ينتقص منه، لافتة إلى أن الشعب دائماً ما يكون له خيار معين يتم تأييده بصورة كبيرة، وحين يأتي الفنان ليعارض هذا الاتجاه الشعبي الجارف من الممكن أن ينتقص ذلك من شعبيته بلا أدني شك، وفى نفس السياق فإن حدثاً مثل الثورات حينما يخرج الشعب ليقوم بها، ومعارضة الفنان لها تجعله فى نفس الموقف الذى ينتقص منه جماهيرياً، مشددة على أن الوقت الراهن من الصعب أن تعتبر فيه فكرة الحياد حلاً، خاصة وان البلاد تمر بتحديات كثيرة.

وأضافت البشلاوي أن الشعب المصري دائماً قادر على الاختيار والفرز، وتذكر المواقف.

وأوضحت البشلاوي أن الفنان يجب أن يمتلك رؤية خاصة به، تتطلب منه أن يعمل على تثقيف نفسه، والوعي والإلمام بما يجري حوله، وألا ينغلق لأن الأعمال الفنية من المفترض أن دورها الأساسي هو رفع وعي المجتمع وتنميته بأسلوب ممتع، وبالتالي يجب أن ينعكس فى تلك الأعمال، أما من يحاول الاعتماد على التسلية، والوصول للجمهور عن طريق أعمال سينمائية أو درامية تجارية فقط دون مضمون مفيد فإن الجمهور يلفظهم بعد وقت قصير أو طويل، لاسيما وأن الشعب أصبح حالياً أكثر وعياً مع انتشار وسائل الاتصال والتكنولوجيا فى كل بيت، وأصبحت السياسة جزءا أصيلاً من مجريات حياته اليومية.

مسألة شخصية

الناقد الفني نادر عدلي يرى أن الفنان المصري أصبح يعيش حالة من الارتباك شأنه شأن المواطن العادي جراء المتغيرات السياسية المتطورة والمتوالية بصورة سريعاً يوميا، لافتاً إلى أنه يحاول أن يفهم مثله مثل أي مواطن خطوط اللعبة العالمية الجديدة، لاسيما مع قدوم الرئيس الأمريكي ترامب، والذي خرجت ضده تظاهرات مع أول يوم لتوليه الحكم، وشارك عدد من الفنانين بها، موضحاً أن هناك هموماً اقتصادية واجتماعية وسياسية أصبحت تشغل السينمائيين، وما يتعلق بقضية الإرهاب التي أصبحت مواجهته عالمية أكثر منها محلية.

وأضاف عدلي أن مشاركة الفنان برأيه في الأحداث السياسية هي مسألة شخصية تتعلق باختياره الذاتي.

الفن والسياسة

وقالت الناقدة الفنية ماجدة خير الله، إنه يجب الفصل بين الفنان كمواطن فى أي مجتمع صاحب رأي فيما يدور حوله فى كافة القضايا سياسياً واجتماعيا، وبين عمله كفنان ومبدع، حيث يقيم البعض الأمور بشكل كامل ككتلة واحدة.

وأضافت خير الله أن صاحب الرأي سواء مع أو ضد لابد أن يتوقع أن المخالفين له في الرأي سينتقدونه، موضحة أن المجتمع المصري لم يعتد على الأجواء الراقية في إبداء الرأي وعلى ثقافة الاختلاف، فنجد البعض يتهم المخالف له في الرأي بالعمالة والخيانة وبالتطرق للحياة الشخصية والإساءة لها، موضحة أن المجتمع شهد مثل هذه الحوادث خلال الآونة الأخيرة بشكل كبير.

وأشارت خير الله إلى أنه عندما يكون هناك دور يرى القائم على العمل أنه يناسب أي فنان يتم إرساله لهم، بغض النظر عن آرائه السياسية وبالتالي لاعلاقة بين موقف الفنان السياسي وقلة أو زيادة أعماله الفنية.

    الاكثر قراءة