نيفين الزهيري
الحلم الأمريكي، الديمقراطية والحرية وغيرها من التعبيرات التي أطلقت علي الولايات المتحدة الأمريكية والتي أعتبرها الملايين بمثابة ملاذ وملجأ لهم مما يحدث حولهم في بلادهم، وإن تمثال الحرية يلقي بظلاله علي حياتهم دائما، خاصة مع مايتم تصديره من خلال الأعمال السينمائية عن المواطن الأمريكي الذي لا يقهر ويرحب به الجميع، ولكن كل هذا مجرد سراب مع ما تقوم به الإدارة الأمريكية من قمع للحريات، وخاصة حرية الرأي، والتي أعلن عنها من خلال نجوم هوليوود نفسهم والذين تعرضوا للقمع من هذه الإدارة لمجرد إعلانهم عن رأيهم بمنتهي الحرية والتي ينص عليها القانون والدستور الأمريكي ويكفلها لكل مواطن.
ميل جيبسون
ولكن مايحدث الآن يعود بنا لما حدث مع النجم العالمي ميل جيبسون الذي كان دوما معروفا بأنه من القلة في هوليوود ممن لا يعرفون الوقوف علي الحياد ودوما ما يلهب صفحات الجرائد والمجلات بتصريحات نارية، معبرا عن قناعاته وآرائه في الأوضاع السياسية في البلاد والموقف السياسي الأبرز في تاريخ جيبسون، وهو الذي اتخذه تجاه الحرب الأمريكية علي العراق حيث أعلن وقتها رفضه لتلك الحرب وسياسات جورج بوش الأب بصفة عامة، وهو ما أدي إلي تجميده من الساحة الفنية لمدة 5 سنوات كاملة بين عامي 2005 وحتي 2011 عندما قدم فيلم "عصور الظلام".
وكان جيبسون وقتها يقدم فيلم "ابوكاليبتو" الذي قام بإخراجه، والذي يمثل عودته الاولي للسينما بعدحادثة القاء القبض عليه مخمورا والتصريحات التي هاجم فيها اليهود واتهامه بمعاداة السامية وهي من الجرائم الكبري في الولايات المتحدة، وقال وقتها للصحافة إن فيلمه ابوكاليبتو الذي يتحدث عن ثقافة الخوف التي مارسها قادة تلك الشعوب تذكره بممارسات بوش ورجاله.
جورج بوش
فإن فيلم «علامات» أوSigns يبقي واحدا من أهم العلامات في تاريخ السينما الأمريكية، إذ تعدي دوره مجرد كونه فيلما يعبر عن موقف، ولكنه كان عبارة عن فيلم يؤرخ لبداية عصر اليمين المحافظ في الولايات المتحدة، وهو العصر الذي تحولت فيه الولايات المتحدة بقيادة جورج بوش وتياره الجديد إلي ما يشبه «الواعظ» الذي يريد نشر الحرية والديمقراطية في العالم ولو باستخدام القوة العسكرية.
ومن يشاهد هذا الفيلم لميل جيبسون كأنه شاهد تفسيرا حيا لجميع الأحداث التي تعاقبت علي الولايات المتحدة والعالم في السنوات الثلاث التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر2001 فقد ظهر هذا الفيلم أصلا بعد فترة قصيرة من هجمات سبتمبر، وفي الفترة التي كان فيها كل أمريكي يخشي من العدو المجهول القادم من كهوف، تورا بورا، أو ربما من المجهول نفسه الذي يستطيع مهاجمة الولايات المتحدة في عقر دارها، والفيلم عرض المشكلة، وقدم معها الحل المناسب، ليس من وجهة نظر صناع الفيلم فحسب، وإنما من وجهة نظر اليمين المحافظ الذي كان قد وصل إلي السلطة بالفعل في البيت الأبيض.
سوزان ساراندون
وأيضا انضمت له النجمة سوزان ساراندون فى فترة الحرب الأمريكية على العراق خلال عام2003 وموقفها من الاحتلال الاسرائيلي وهو ما كان السبب في تجميد عملها حيث انضمت وقتها الى المعارضة السياسية لحرب العراق الثانية مع زملائها جورج كلوني ومايكل مور وشون بن الذي شاركها بطولة فيلم "رجل ميت يمشي" وأعلنت أنها لا تخشى أحدا ولم يحدث أن نصحها أحد بأن تخفف من غلوائها وانتقاداتها السياسية ببساطة لأنها لا تطلع وكلاءها وممثليها على ما ستقوله.
وأخيراً بدأت تضع على موقع تويتر بعض الاحصائيات التي نشرتها الأمم المتحدة عن القصف لقطاع غزة من طرف اسرائيل، وعدد الأطفال الذين قتلوا هناك، وتقول إن بعض الناس ردوا بقولهم "أوه.. وهل من الصواب أن يقوم الطرف الآخر بقصف اسرائيل بالصواريخ.. هل تكرهين اليهود؟ وقد ردت عليهم بالقول: أنا لا أعتقد أن العنف هو الطريق لحل المشاكل".
حرية التعبير
وفي 2008 كررت نفس الأمر في أكثر المؤتمرات سخونة سياسية كان مؤتمر الأمريكية سوزان ساراندون سفيرة النوايا الحسنة بالأمم المتحدة والتى أثبتت مواقفها الدائمة ضد الغزو الأمريكى للعراق، وإعلانها أنها إذا وصل ماكين إلى كرسى الرئاسة فإنها ستترك وطنها إلى إيطاليا أو كندا. وحول هذه المواقف أكدت أنها تمتلك حرية التعبير عن آرائها وخاصة السياسية منها، وأنها أفكار وآراء ثابتة، وأنها سعدت بعملها كمخرجة لتقدم منظورها ورؤيتها الخاصة.
أما عن الصورة السيئة والمتكررة للعربى فى السينما الأمريكية، ومدى اعتراضها عليها، أكملت بأنها تنتمى لجمعيات لمناهضة التفرقة العنصرية، وأنها أحد أهم مشاكل السينما النمطية أو الأنماط التى ينبغى تكسيرها، ولكن الخبر السيئ أن هوليوود ليست سياسية، هوليوود لا تريد أن تكبر فى السن، ولكن هذا لايمنع وجود مجموعة من الأفراد الذين يريدون تحدى النمطية وإيجاد صورة مختلفة، مثلما عبروا عن آرائهم مما أعطاهم الفرصة لانتخاب أول رئيس أمريكى بشرته سمراء، وهذا يعبر عن روح التغيير من أسفل إلى أعلى، لأن حكم بوش كان الأكثر كوميدية فى العالم.
وفي وقت لاحق وُجّهت الى ساراندون، الفائزة بجائزة أوسكار، في عام 1999 تهمة الإخلال بالنظام العام، عندما شاركت في حملة احتجاج في نيويورك ضد قتلة أمادو ديالو، المهاجر الغيني الشاب الذي أصيب بـ «41 رصاصة» أطلقت عليه من قبل أربعة من رجال الشرطة الذين اعترفوا إنهم قتلوه خطأ، بعد ان اشتبهوا به.
بربارا ستريسند
ومع تخبط السياسة الأمريكية في موضوع حربها علي العراق عام 2003، كان له رد فعل متبادل بين نجوم هوليوود، والحكومة التي حاولت أن تقلل من أعمالهم وتعمل علي إفشالها عند عرضها فبعد أن كان كل منهم يقدم مابين 5 أو 7 اعمال سنويا، قدموا خلال هذا العام عملا او عملين فقط، ومنهم بربارا ستريسند المتعددة المواهب والتي تعد من أكثر النجوم صراحة في انتقاد سياسة الحرب ضدّ العراق، فأثناء حفلة موسيقية لجمع التبرعات لمجلس النواب الديمقراطيين دعت المغنية والممثلة إلى "تغيير النظام" في العاصمة الأمريكية. وقالت "أعتقد أن وضع البلاد على شفير الحرب، ومن طرف واحد أمر مخيف جداً".
ومن المواقف المهمة ضد الحرب الأمريكية كان موقف الممثلة جين فوندا التي أعلنت أنها ضد الموقف الأمريكي وضد سياسة الرئيس بوش.
جين فوندا
حيث صرحت فوندا بأنه عمل على إثارة بعض المواقف في المجتمع الأمريكي فعمل بعضهم وقد دعم موقفها وشن حملة لمساندة رأيها على الإنترنت. كما عمل الطرف الآخر على شن حملة ضدها عبر الوسيلة نفسها. والجدير بالذكر أن فوندا تساند عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط وقد قامت أخيراً بزيارة الأراضي الفلسطينية وتفقدت هناك بعض الأهالي.
وفي عام 1970، اعتُقلت جين فوندا من قبل المسئولين في دائرة كمارك الولايات المتحدة الأمريكية، في مطار هوبكنز الدولي. وكانت هانوي فوندا، كما لقبها الناس، والمعروفة بنشاطها السياسي، ومعارضتها الشديدة لحرب فيتنام، في طريقها لحضور مؤتمر جامعي. وحسب تقرير الشرطة أن التهمة التي وجهت الى فوندا كانت العثور على المخدرات في حقيبتها. رغم أن السلطات ذكرت، فيما بعد، أن ما عثرت عليه لم تكن سوى أقراص تحتوي على الفيتامينات.
جورج كلووني
وفي 2012 كانت الشرطة الامريكية قد اعتقلت النجم جورج كلوني، قبل أيام، أثناء مشاركته في احتجاج ضد العنف في السودان. غير أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال نجم هوليوودي، بسبب من مواقفه الاجتماعية والسياسية الملتزمة. على الرغم من أن هناك الكثير من مشاهير هوليوود ونجومها، دخلوا السجن لأسباب تتعلق بتناول الكحول أثناء قيادة سياراتهم، أو بمحاولة اعتدائهم على المصورين، والى غير ذلك من الأسباب التي لا تدخل ضمن ما نحن بصدده هنا، لكن في المقابل، أصبح العديد من النجوم خلف القضبان بسبب دفاعهم عن مواقفهم الاجتماعية والإنسانية وأفكارهم السياسية.
فانيسا ريدجريف
تم اعتقال فانيسا ريدجريف خلال السبعينيات، لانضمامها إلى حملة احتجاجية ضد حرب فيتنام، أمام سفارة فيتنام في الولايات المتحدة الأميركية. وفي أعوام السبعينيات ذاتها، كانت ريدجريف قد فاجأت الجميع، بإلقائها خطاباً سياسياً، عندما فازت بجائزة أفضل ممثلة، خلال حفل توزيع جوائز الأوسكار. حيث قالت: "زملائي الأعزاء، (...) أحييكم من هنا وأعبر عن تقديري لكم لرفضكم الخضوع لتهديدات جماعة من الصهاينة القتلة، يعد سلوكها إهانة للمكانة التي يتمتع بها اليهود في جميع أنحاء العالم. وأعاهدكم بأنني سأواصل محاربة معاداة السامية، والقمع، والفاشية".
مارتن شين
مارتن شين، الممثل المعروف لدى جيل الشباب بأنه والد النجم الكوميدي تشارلي شين، بينما اشتهر بين الأوساط السينمائية بدوره في فيلم "أبوكاليبس ناو- القيامة الآن"، حارب على مدى سنوات طويلة من أجل قضايا اجتماعية، وبسببها اعتُقل في اكثر من مناسبة. ففي عام 1996 تم اعتقاله بسبب مشاركته في مسيرة مناهضة للأسلحة النووية أمام مقر "مركز بحوث ريفرسايد". واعتقل أيضاً في عام 1997، عندما احتج على حقوق جامعي الفراولة في كاليفورنيا.
هانا ولوليس
أما النجمة داريل هانا التي اشتركت سابقاً في العديد من حملات الاحتجاج المطالبة بحماية البيئة، كان قد تم إلقاء القبض عليها العام الماضي، أثناء مشاركتها في مظاهرة أمام البيت الأبيض ضد مشروع مد خط أنابيب نفط من كندا الى ساحل الخليج الأمريكي. وتم الإفراج عنها بكفالة قدرها 100 دولار.
في 2012 اعتقلت الشرطة لوسي لوليس، المشهورة بدور زينة في المسلسل التلفزيوني "زينة: الأميرة المحاربة"، ومعها خمسة من نشطاء «جرينبيس - السلام الأخضر»، لصعودها الى سفينة للتنقيب عن النفط، كانت تهم لمغادرة نيوزيلاندا. لكن الشرطة وجهت إليهم تهمة سرقة السفينة، وكانت الممثلة التليفزيونية قد أعلنت أنها ستواصل التزامها بحملتها من أجل حماية كوكب الأرض.
ترامب وستريب
مع ما تمر به الولايات المتحدة الأمريكية من حالة تخبط في سياساتها العامة خاصة بعد تولي دونالد ترامب مقاليد الحكم بشكل رسمي، وهو ما يحدث بشكل واضح لكل من يتابع، فهو علي النقيض تماما لما كان يحدث في عصور الرؤساء السابقين لأمريكا، خاصة في تعليقهم علي أعمال فنية أو ممثل قدم عملا لا يروقهم، حيث يتم عرض العمل بالرغم من الضجة التي تحدث حوله، ولكن يتم تجميد فكرة أن تقدم لهذا النجم أي أعمال لفترة طويلة، ولكن ترامب بدأ الحرب مبكرا علي هوليوود منذ فترة ترشحه للانتخابات.
فلقد جعل ترامب الإدارة الأمريكية تتعامل بمنتهي العنف مع نجوم هوليوود وخاصة ممن كانوا يدعمون هيلاري كلينتون أو الرافضين لسياساته ومايقوم به، وعلي رأس القائمة النجمة العالمية ميريل ستريب التي قامت بتقليده من خلال عمل مسرحي تحت اسم "اللون الأرجواني"علي أحد مسارح برودواي، وذلك أثناء فترة الانتخابات الأمريكية، وهو ما أدي إلي تبادل مستمر في الاتهامات بين الطرفين، خاصة بعد ما واجهت ميريل الملايين من الحضور والمشاهدين في حفل توزيع جوائز الجولدن جلوب بكلمة انتقدت فيها التصرفات والقرارات التي تصدر عن ترامب ووعوده بأن تعود أمريكا للأمريكيين من دون المهاجرين الوافدين إليها، حيث وظفت هذه الفرصة لتقول كلمة تطالب فيها بالحق في الحياة وحماية الصحافة والفن بل والولايات المتحدة في خمس دقائق ربطت فيها مابين دورها في الحياة وعلي الشاشة ودور الرئيس الجديد.
ولكن كانت هذه الدقائق بمثابة فتح باب لم يمكن غلقه، حيث أقام عليها ترامب حربا علي مواقع التواصل الاجتماعي من خلال مجموعة من التويتات، ليؤكد من خلالها أنها مبالغ في تقديرها في هوليوود، واصفا ما قامت به "عندما يستخدم الأقوياء موقعهم للاستقواء علي الآخرين، نخسر جميعا"، ولكن لم تسر الأمور علي طريقته حيث أعلن بن أفليك دعمه لها، بينما قام مارك هاميل بتحويل الكلمات التي قالها ترامب إلي مقطع صوتي بشكل ساخر ليعرضها على تويتر ولكن بصوت شخصية الجوكر من فيلم بات مان، ومع الأيام القادمة ستظهر العديد من المواقف، وهو ماجعل ترامب يلصق تهمة جديدة لميريل وهي معاداة السامية .