الإثنين 25 نوفمبر 2024

الذكاء العاطفى للفنان المصرى

  • 3-9-2017 | 15:36

طباعة

بقلم : سحر الجعارة

رسالة غاضبة مما يحدث في سوريا، كتبها أذكى رجل في العالم "ستيفن هوكينج"، ووجهها إلى العالم، ونشرت الرسالة صحيفتا "واشنطن بوست" الأمريكية و"الجارديان" البريطانية.

كتب هوكينج: (ليس من الذكاء في شيء أن نشاهد مقتل أكثر من 100 ألف شخص أو استهداف الأطفال، بل يبدو الأمر غباءً محضاً، وحتى أسوأ من ذلك، عندما تُمنع الإمدادات الإنسانية من الوصول إلى العيادات الطبية، كما ستوثق منظمة "أنقذوا الأطفال" في تقريرها المقبل، وعندما تُبتر أطراف أطفال بسبب الافتقار إلى معدات وأدوات طبية أساسية، ويموت رضع حديثو الولادة في الحاضنات بسبب انقطاع الكهرباء) .. هكذا يفكر العالم المتحضر فى مأساة سوريا التى بدأت "سياسية" وانقلبت الى "كارثة إنسانية" !.

بدا "هوكينج" متأثراً جداً بما يحدث في سوريا، وخصوصاً وقوف العالم متفرجاً أمام الموت الذي يأتي من التطور التكنولوجي، وغياب تلك التكنولوجيا والمعدات الحديثة عند الحاجة لها لإنقاذ إنسان سوري يموت أمام العالم الذي يقف متفرجاً منذ بضع سنوات.

وكتب: (إن العدوان كانت له أفضلية أكيدة من أجل البقاء، لكن عندما تلتقي التكنولوجيا الحديثة مع العدوان القديم، فإن الجنس البشري بكامله والكثير من أشكال الحياة الأخرى على الأرض تكون مهددة).

(ما يحصل في سوريا هو من الفظائع المقرفة)، بهذه الكلمات اختصر "هوكينج" ما يحدث هناك وتابع: (ما يجري في سوريا عمل منكر وبغيض، يراقبه العالم ببرود عن بعد، فأين ذكاؤنا العاطفي؟، أين إحساسنا بالعدالة الجماعية؟).

لم ينتقد أحد دعوة "هوكينج" لحماية أطفال سوريا، التى ألقاها في وجه العالم: (يجب أن نعمل معا من أجل إنهاء هذه الحرب وحماية أطفال سوريا، فالمجتمع الدولي يقف متفرجًا منذ سنوات، فيما يحتدم هذا الصراع مُجهِضًا كل أمل، وأنا بصفتي أبًا وجدًا أُتابع عن كثب معاناة أطفال سوريا، عليَّ أن أقول: كفى)!.

لكن أغبياء العالم العربى انتفضوا لينتقدوا وفد الفنانين المصريين الذى ذهب الى "سوريا" ..وهاجمت بعض الصحف المعادية للرئيس السورى "بشار الأسد" الوفد الذى ذهب للمشاركة في معرض دمشق الدولي، وضم ( المخرج عمر عبد العزيز، رئيس اتحاد النقابات الفنية في مصر، والنجمة إلهام شاهين، والفنانة ندى بسيونى، والإعلامية بوسي شلبى، والفنان الكبير محمد صبحي ، والإعلامي جورج قرداحي)، لمجرد أن التواجد المصرى فى المعرض هز ضمير العالم الذى يتفرج على مأساة سوريا ، ووضح للعالم العربى تفاصيل الحياة اليومية التى تثبت أن الشعب السورى أقوى من الإبادة التى يتعرض لها.

الزيارة أوجعت المرتزقة والعملاء الذين يعملون لخراب سوريا وإسقاطها، خصوصا وأنها جاءت بعد أيام قليلة من إعلان بعض القوى والأحزاب السياسية المصرية، وهي الحزب الناصري، حزب الكرامة، الحزب الاشتراكي، الحزب الشيوعي وحزب التحرير، خلال مؤتمر صحفي بمقر الحزب الناصري في القاهرة، عن عزمها مخاطبة السلطات المصرية بضرورة عودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين سوريا ومصر، وكذلك نيتها تشكيل وفد تضامني لزيارة مقر البعثة القنصلية السورية في القاهرة!.

وقد نال النجم "محمد صبحى" النصيب الأكبر من هجوم وسفالة مرتزقة الأوطان وأنصار "الخريف العربى" .. لكنه رد بحدة - على صفحته الشخصية على الفيسبوك - قائلا : "نعم سافرت إلى سوريا الغالية وشاركت في معرض دمشق الدولي ولم أسافر إلى إسرائيل" .. وأضاف : لم يوجه لي الدعوة نظام وَلَكِن استشعار شعبي بعدما شاهد لي برنامج (مافيش مشكلة خالص) حلقة في حب سوريا وقد مست المصريين قبل السوريين.. لم أتحدث فيها عن نظام فالمعارضون وبعض المنحطين أخلاقيا -- على حد وصفه -غضبوا لأني زرت سوريا!.

وتابع "صبحى" : (إذا كُنتُم سوريين فالأولى والأشجع بكم أن تذهبوا لتغيير النظام أما اذا كُنتُم غير سوريين فعليكم أن تتركوا النظام لأهل البلد فهم كفيلون به .. واستطرد ذهبت باقتناع أساند الشعب السوري الذي عانى من الدمار والويلات والقتل والتهجير والاغتصاب وذبح الأطفال.. ذهبت لأشاركهم فرحتهم وهم يحتفون بي أني حققت رغبتهم لكي أتواصل معهم).

ما الفرق بين كلمات "صبحى" ومغزى زيارة الوفد المصرى لسوريا من جهة وبين خطاب "هوكينغ" الغاضب من الصمت الدولى من جهة أخرى ؟.

الفرق الوحيد هو أن "هوكينغ" أصيب، وهو في عمر 21، بمرض عصبي يدعى "التصلب الجانبي" جعل منه مع مرور الزمن مقعداً غير قادر على الحراك، وأصيب في العام 1985 بالتهاب رئوي، واضطـر إلى اجراء عملية جراحية لشق حنجرته أفقدته بعدها القدرة على الكلام كليـة. ويتخاطب مع الآخرين بكتابة الكلمات على شاشة.

وهو إلى الآن يعتبر أعظم عقل عبقري يعيش بيننا، وصاحب الفضـل في الكثير من النظـريات الفيزيائية والعلمية غير المسبـوقة .. ولهذا لم يتمكن من الذهاب لدمشق.

(الحرب في سوريا قد لا تمثل نهاية البشرية، ولكن كل ظلم يُرتكب يكون شرخًا في الواجهة، التي تبقينا متلاحمين، ومبدأ العدالة الكوني قد لا يكون مترسخًا في علم الفيزياء، لكنه لا يقلّ أهمية بالنسبة إلى وجودنا) .. إنها جمله كتبها "هوكينج" تلخص معنى وجود الوفد المصرى فى دمشق .. لأنه -على الأقل- يبقينا متلاحمين فى مواجهة الظلم .. محاربين دفاعا عن بلد عربى يسقط لتتسيد إسرائيل العالم العربى وترقص جماعة "الإخوان " الإرهابية فوق جثث السوريين وأشلاء حضارتهم.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة