الأحد 19 مايو 2024

أولياء الله الصالحين (11-30).. أبو الحسن الشاذلي

مسجد أبو الحسن الشاذلي

ثقافة2-4-2023 | 18:54

عبدالله مسعد

تعتبر مصر حاضنة آل بيت النبوة وأولياء الله الصالحين، وقد بوركت بوجودهم حيث تأتي من منطلق دعوة السيدة زينب الشهيرة لأهل مصر لترحيبهم بقدومها قائلة: "أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل لكم من كل مصيبة مخرجًا ومن كل ضيق فرجًا".

ونستعرض خلال أيام شهر رمضان المبارك عدد من هؤلاء الأولياء وفترة إقامتهم في مصر، ونستعرض اليوم: أبو الحسن الشاذلي... مضئ جبل حميثرة

في عام 593 هجريًا، في بلاد المغرب بقرية "غمارة"، ولد "علي بن عبد الله بن عبد الجبار"، الذي ينتمي نسبة إلى الحسن ابن سيدنا علي ابن أبي طالب وابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم، وسمي بعد ذلك بأبي الحسن، وفي المغرب في سنواته الأولى تلقى العلوم الدينية بورع ودأب شديد حتى برع فيها، لكنه لم يكتف، فهاجر إلى العراق وهناك التقى من الأولياء بأبو الفتح الواسطي، وقال له أحد الأولياء: "يا أبا الحسن إنك تبحث عن القطب بالعراق مع أن القطب ببلادك، فارجع إلى بلادك تجده"، فعاد أبي الحسن لبلاده يسأل حتى التقى بالقطب الأكبر "عبد السلام بن مشيش"، الذي كان يتعبد في أعلى جبل، وهناك أشار عليه أن يرسل لبلدة "شاذلة" بتونس، ومنها اكتسب قنيته.

في صحراء مدينة البحر الأحمر وبين الجبال يقع الوادي الصغير، بقعة بعيدة في الصحراء البكر يحج إليها الناس بكل اختلافاتهم، مسجد أبيض كبير تم تجديدة منذ سنوات قليلة وبه عدة ساحات لاستقبال ضيوف الشيخ. وخلف الزجاج يقع مقام الإمام "أبي الحسن الشاذلي"، يمتليء الزجاج بآثار بصمات الناس ولمساتهم ويحمل أوجاعهم وشكواهم التي يحملونها للإمام ليشفع لهم فيها عند ربهم.

حول المسجد قرية صغيرة، وفي غير أيام المولد تبدو مهجورة خالية إلا من ساكنيها، الذين قادتهم أقدامهم بمحبة الإمام وقرروا العيش قربه، فأقاموا بيوتاً وأسر تبحث عن الحياة في حميثرة.

يحيط المسجد الجبال التي يتسلقها زائري المولد كحج مصغر يطلق عليه "حج الغلابة"، حيث يجمعون الأحجار في أشكال فوق الجبل للعودة ثانية.

ومنذ القدم ظهرت عند المصريين القدماء، فكرة الولي الذي يمثل الآلهة المحلية التي يلجأ إليها الناس، لتوصيل رغباتهم إلى إله الدولة الرسمي، سواء "رع" في الدولة القديمة أو "آمون" في الدولة الحديثة، وتطور الأمر مع دخول الإسلام إلى أضرحة الأولياء.

وعلى الرغم من ازدحام القاهرة بالمنشآت الحكومية، والوزارات، خاصة منطقة وسط البلد، إلا أنها ما زالت تحتفظ بعدد كبير من الأضرحة التى يتبارك بها المصريين، وهذه الأضرحة كانت موجودة قبل بناء القاهرة الخديوية على يد الخديوى إسماعيل، فربطت بين حقبة الدولة الإسلامية والقاهرة الحديثة التى أراد الخديوى بنائها على الطراز الأوربى لتباهى عواصم العالم الأكثر تمدن ورقى.

على الرغم من رغبة الخديوى آنذاك فى بناء القاهرة من جديد على غرار العاصمة الفرنسية باريس، إلا أن المصريين استطاعوا الحفاظ على أضرحة أولياء الله الصالحين، والتى سميت مناطق نسبة لهم، فوسط الحداثة تجد ضريح لأحد المشايخ، وإن كان لا يذكره كل أهالى المنطقة المحيطة به.

هناك أضرحة مشهورة فى القاهرة يعلمها الجميع مثل ضريح "سيدنا الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة، وغيرهم"، ولكن هناك أضرحة أخرى تنتشر فى شوارع وسط البلد لم يعرفها الكثير ولكن أهالى المنطقة المجاورة لها يقيمون لبعضها الموالد ويتباركون بالمكان ويزورنه.