السبت 18 مايو 2024

كم مقهى أغلق حتى الآن؟

15-2-2017 | 12:47

بقلم –  سليمان عبدالعظيم

قهوة الفيس بوك هى المفتوحة ٢٤ ساعة فى الـ ٢٤ ساعة، لا تراخيص ولا يحزنون. المهم أن تكون جاهزًا لتختفى من وراء شاشة جهاز الكمبيوتر أو شاشة الموبايل، لتثرثر وتدعى الشجاعة بل يمكنك أن تصبح بطلًا سياسيًا على الفيس بوك أو بطلًا فى أية معركة حتى لو كانت معركة حب وغرام والذى منه!.

أما المقاهى المعتادة التى عرفها أهل القاهرة من حوالى ٩٠٠ سنة فى أواخر العصر الأيوبى (معلومة تاريخية مؤكدة) فالله يرحمها الحملة التى بدأت على كافيهات مصر الجديدة الأسبوع الماضى ثم مدينة نصر وامتدت لتعبر النهر إلى الجيزة والمهندسين تحديدًا تدعو للدهشة، خصوصًا مع امتدادها إلى مقاهينا الشعبية، الدهشة من حجمها ومبرراتها وعدم فهم الروح المصرية، كلها عوامل صنعت هذا المشهد الغريب عن الشارع المصري..!

يقال إن الدافع وراء ما يحدث من إغلاق لمقاهى المحروسة هذه الأيام هو حادث مقتل «محمود محمد شهاب الدين» - ٢٤ سنة - فى أحد مقاهى مصر الجديدة الفخمة، وبأسلوب همجى.. وأن هناك (هبة) أمنية عارمة هى التى تقف وراء إغلاق المقاهى، يقال إن حركة الإغلاق الجمعى لـ»ترضية الرأى العام» الذى أثارته جريمة قتل محمود بهذه الكيفية التى تنطوى على استهتار بالروح البشرية وهمجية من طراز خاص..!

فإن كان هذا هو الدافع الحقيقى لما يحدث من إغلاق ضرب الأرقام القياسية للمقاهى فى القاهرة والجيزة، فإن ما حدث حتى الآن كاف للغاية، الحكومة عملت الواجب وزيادة، وإن كانت هذه (حملة لإعادة الانضباط) كما تقول مصادر حكومية - وغير حكومية أيضًا - فإنها تفتقد الجانب السياسى فيها.. بل تبدو الحكومة معها كأنها حكومة مستوردة من الخارج!.

فالمقهى فى القاموس اليومى للمصريين هو المتنفس الوحيد لجميع فئات الشعب، سواء الأغنياء أو أبناء الطبقة المتوسطة أو الفقراء أو أبناء العشوائيات، أو أبناء المدن والريف على السواء، بعد يوم العمل الشاق.. يرتاح المصرى على المقهى، إذا أراد أن يرى أصدقاءه .. فعلى المقهى، إن أراد أن (يفضفض) بكلام مليان أو فارغ .. فعلى المقهى، إن أراد أن يلهو قليلًا بالطاولة أو الدومنيو أو (يشغل مخه) بالشطرنج .. فعلى المقهى، إذا أراد أن يخلو إلى نفسه بعيدًا عن هموم البيت و(اللى فى البيت) .. فعلى المقهى..! والمقاهى - برغم الارتفاع الجنونى لأسعار السكر - لا تزال أقل تكلفة من أماكن التسلية الأخرى..!

اعتاد المصريون هذا المكان - المقهى - كمنزل ثان لهم بعد المنازل التى تسكنها أسرهم، فلماذا نغلقها فى وجوههم ب(ضبة ومفتاح)؟

وأبناؤنا الذين لا يزالون فى أول الشباب.. لماذا نجبرهم على (النزول تحت الأرض) للتعبير عن آرائهم؟ المقهى فرصة كبيرة لإخراج ما فى العقول حتى إذا كان سيئًا، فسوف يطير مع الدخان - على رأى إحسان عبدالقدوس فى روايته «حتى لا يطير الدخان»! - وإذا انتقل أبناؤنا إلى (تحت الأرض) فإن دخان الشيشة سيتحول إلى دخان قنابل وسلاح مدمر وإرهاب أسود..!

أيها السادة فى حكومة مصر.. إذا كان المطلوب هو «الانضباط» فلتجيبونا - أولًا - عن سؤال تلوكه الأفواه الآن: واشمعنى القهاوى؟ كثير من المرافق الخاصة اتضح أنها غير مرخصة، وتعمل بصورة غير قانونية.. فلماذا لا تمتد حملتكم هذه إليها؟!

والسؤال الذى أود - شخصيًا - أن أتلقى عنه جوابًا: لماذا لا تعطون المقاهى فرصة شهرًا أو شهرين - على الأكثر - لضبط مسائل التراخيص وما يتصل بها من النواحى القانونية؟..! إننى أتعاطف هنا مع المقهى الشعبى الذى طالته يد الإغلاق مثله فى ذلك مثل المقهى الفاخر أو «الكافيه» الذى يضع فوق رقبة «الزبون» مقصلة «الحد الأدنى» أو مينى شارج أعطوا الناس فرصة لتسوية أوضاعهم.. ألم تعطوا فرصة - بل فرصًا - لمليارديرات هاربين بأموال البلد من قبل لتسوية أوضاعهم؟..! اعتبروا أصحاب المقاهى (حسين سالم) أو فلان أو علان ممن تمت التفاهمات معهم، وبصرف النظر عن تفاهماتكم معهم.. فقد قبلتم المبدأ.. مبدأ التسوية.. فلماذا لا تقبلونه الآن؟!

إما أن هذه الحكومة لا تحسن التفكير.. أو أن فى الأمر “شيئًا ما”؟!.

عاوز حد فى البلد يقولى بصراحة إيه السر.. إيه هى الحكاية؟!

    الاكثر قراءة