الجمعة 3 مايو 2024

نساء في الإسلام (30- 17)| أم حبيبة

تعبيرية

ثقافة8-4-2023 | 11:43

عبدالله مسعد

أمر الإسلام الرجال بحسن معاملة النساء، كما خص الإسلام المرأة بالحفظ والتكريم، وأحاطها بسياج من الرعاية والعناية، سواءً كانت أمًا، أو أختًا، أو بنتًا، أو زوجة، وأكد على أن الرجل والمرأة سواء في الإنسانية.

حيث أشار الله تعالى في القرآن الكريم إلى أن الرجل والمرأة خُلقا من أصل واحد، ولما بُعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنكر العادات الجاهلية التي كانت تضهد المرأة وتظلمها، وأنزلها مكانة رفيعة تليق بها كأم وأخت وبنت وزوجة، وسَن للنساء الحقوق التي تكفل لهن الحياة الكريمة والاحترام والتقدير، ومن هذه الحقوق حق المرأة في الحياة فقد كان العرب يؤدون البنات، فحرم النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الفعل الشنيع، وجعله من أعظم الذنوب.

وخلال شهر رمضان نستعرض معا نماذج من النساء ومنهن الذين عاصرن النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعض من مواقف حياتهن.

ونلتقي اليوم مع أم حبيبة

هى رملة بنت أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤى.

وهى صحابية من المهاجرين والسابقين الأولين وزوجة النبى محمد (صل الله عليه وسلم)، من إخوانها الصحابى يزيد بن أبى سفيان، والصحابى والخليفة معاوية بن أبى سفيان.

أم حبيبة واحدة من كرام من هاجر إلى الحبشة من النساء المسلمات بنت رجل من أكبر المعاندين للدعوة آنذاك "أبى سفيان" تاركة أباها وأخواتها والعز والمتعة فى ظلهم، ماضية إلى أرض الغربة والوحشة والنأى مع زوجها عبيد الله بن جحش.

سافرت إلى الحبشة مع زوجها لكنها هناك بقت وحيدة، فقد تنصر زوجها، وداعها إلى النصرانية، فرفضته وقاطعته، ولم تتخل عن دينها، وظلت ثابتة على الحق من ربها ورسوله الكريم، وهى فى غربتها بلا أهل، وظلت تعانى آلام الغربة القاتلة، وآلام الترمل، وآلام الوحدة والوحشة، لا يجمعها مع مهاجرى الحبشة إلا رابطة العقيدة، بينما أبوها سيد مكة وصاحب الكلمة النافذة، والرأى المطاع، لكنها ترفض حماه، وتأوى إلى حمى الله ورعايته صابرة صادقة مجاهدة، وبقيت رفيقتها الوحيدة هى ابنتها حبيبة.

مرت حقبة من الزمن وهى فى عزلتها الحزينة حتى شعرت ذات يوم بجارية من جوارى النجاشى تطرق بابها مستأذنة، كانت تحمل رسالة من النجاشى: "إن الملك يقول لك: وكلى من يزوجك من نبى العرب، فقد أرسل إليك يخطبك".

واجتمع المسلمون فى المساء بقصر النجاشى ليشهدوا إعلان  الخطبة والزواج، وتلقت أم حبيبة التهانى والهدايا، وأصبحت أم للمؤمنين، واحتفلت المدينة المنورة فيما بعد بدخول بنت أبى سفيان بيت الرسول.

لقد ألم أم حبيبة أن تظل الحرب دائرة بين زوجها النبى الكريم، وبين أبيها، وكان كل أملها أن يتحقق وعد ربها "عسَى اللَّهُ أن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"، وقد تم وعد الحق الكريم.

وتم فتح مكة وأعلن أبو سفيان إسلامه، وبعث أبو سفيان من نادى فى مكة "من دخل دار أبى سفيان فهو آمن"، وعادت الفرحة تغمر قلب "رملة" وسجدت لله شاكرة.

وعاشت أم حبيبة عهد الرسول وخلفاؤه الرشيدين، وأكملت ما تبقى من حياتها فى المدينة، حتى لقيت ربها فى خلافة أخيها معاوية.

كانت المرأة في الجاهلية مهانةً ولا قيمة لها، فقد كان الرجل هو السيد المتحكِّم في المرأة حسب هواه دون احترامٍ وتقدير، ولكنّ بعد أن جاء الإسلام رفع من شأنها وقدّرها وجعل لها المقام الأول في البيت، فالمرأة مخلوقٌ لطيفٌ، وحساسٌّ، وذو قدراتٍ محدّدةٍ خلقها الله تعالى بكيفيّةٍ معينّةٍ لتأدية بعض المهام التي تستطيع تحمّلها، وقد تكون المرأة؛ أمّاً أو زوجةً أو أختاً أو ابنةً، وفي جميع حالتها يجب مراعاتها واحترامها، وسنتحدّث في هذا المقال حول كيفيّة تكريم الله عز وجل للمرأة.

 

 

Dr.Randa
Dr.Radwa