الأحد 26 مايو 2024

في ذكرى غزوة بدر.. تعرف على أكبر الملاحم والانتصارات والمعركة الفاصلة في تاريخ الإسلام

صورة افتراضية عن غزوة بدر

تحقيقات8-4-2023 | 21:38

نور الدين نادر

تحل اليوم ذكرى غزوة بدر، أحد أعظم الأيام في التاريخ الإسلامي؛ والتي وقعت في 17 رمضان، من العام الثاني الهجري، وكانت إرهاصات أول فتيل حرب اشتعل بين المسلمين بقيادة سيدنا محمد، وقبيلة قريش بقيادة عمرو بن هشام المخزومي، الذي هزمه وقتله المسلمون، في ليلة من أعظم الأيام الحاسمة والمجيدة في التاريخ، وسميت غزوة بدر نسبة لمنطقة بدر التي وقعت فيها المعركة، وتُسمى أيضًا غزوة بدر الكبرى وبدر القتال ويوم الفرقان.

انتظار المسلمين فرصة الحرب

خرج أبو سفيان في أوائل خريف السنة الثانية للهجرة في مسار تجارة كبير يستهدف الشام، وهى التجارة التي حاول المسلمون اعتراضها، حين خرج "النبي" إلى العُشَيرة، لكن عند وصولهم كانت القافلة قد مرت منذ يومين، فانتظر المسلمون عودتها، ولما تحيَّن محمد انصرافها من الشام بعث طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد يستفهمان عن مسارها، ثم نزلا الاثنان عند كشدٍ الجهني بالحوراء، وأقاما عنده في خِباء حتى مرَّ الماشون، فأسرعا إلى محمد  ليحكيا ما رأوه.

 

معرفة قريش بخروج المسلمين

وعلى الناحية الثانية يقول محمد حسين هيكل "لقد علم أبو سفيان بخروج محمد لاعتراض قافلته، فخاف أن يعترضه المسلمون وهو عائد، خاصة بعد أن ربحت تجارته، وظل ينتظر أخبارهم، وكان الجهني الذى نزل عليه رسولا محمد بالحوراء بعض من سأل، ومع أن الجهني لم يصدُقه الخبر فقد بلغه من أمر محمد والمهاجرين والأنصار معه مثل ما ترامى إلى محمد من خبره؛ فخاف عاقبة أمره أن لم يكن من قريش في حراسة العير (الماشية) إلا ثلاثون أو أربعون رجلًا. عند ذلك استأجر ضمضم بن عمرو الغفاري، فبعثه مسرعًا إلى مكة ليستنفر قريشًا إلى أموالهم.

 

معرفة المسلمين بتحرك قريش

علم الرسول  إصرار زعماء   مكةعلى قتال المسلمين، فاستشار أصحابَه في الأمر، وقد أجمع قادة المهاجرين -رغم أنهم أقلية عن الأنصار- على تأييد فكرة التقدم لملاقاة العدو، ومنهم أبو بكر وعمر بن الخطاب، والمقداد بن الأسود، وقال المقداد لمحمد: "امضِ ونحن معك"، وقد أدرك الصحابي الأنصارسعد بن معاذ، وهو حامل لواء الأنصار، مقصد الرسول، فأيده.

 

استعداد المسلمون للمعركة

وانطلق المسلمون، وكان عدد جيش قريش يقترب من ثلاثة أضعافهم، حتى وصلوا إلى وادٍ ذَفِران فنزلوا فيه، وهناك جاءهم الخبر بأن قريشًا قد خرجوا من مكة ليمنعوهم، ونزل الرسول محمد  والمسلمون عند أدنى ماء من مياه   بدر، فقال الحباب بن المنذر للرسول: "يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل؟ أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟" ، فرد الرسول: بل هو الرأي والحرب والمكيدة، فقال: "يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل،  فانهض يا رسول الله بالناس حتى تأتي أدنى ماء من القوم فننزله ونغور ما وراءه من الآبار، ثم نبني عليه حوضًا فنملأه ماءً ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون"، فأخذ الرسول محمد برأيه ونهض بالجيش حتى أقرب ماء من العدو فنزل عليه، ثم صنعوا الحياض وغوروا ما عداها من الآبار.

وبعد نزول  الرسول محمد والمسلمين على أدنى ماء قريش اقترح سعد بن معاذ على الرسول بناء عريش له يكون مقرّاً لقيادته ويأمن فيه من العدو، ووافق الرسول، وشيد هذا المقر حصنًا له.

 

إرهاصات المعركة

وقبل وصول  إلى قريش إلى بدر بعثت، للتعرف على مدى قوة جيش المدينة، فدار عمير بفرسه حول العسكر، ثم رجع إليهم فقال: "300 رجل، يزيدون قليلاً أو ينقصون، ولكن أمهلوني حتى أنظر أللقوم كمين أو مدد"، فبحث في الواد فلم ير شيئاً، ورجع إليهم فقال: "ما وجدت شيئاً، ولكني قد رأيت يا معشر قريشٍ البلايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، والله ما أرى أن يُقتل رجلٌ منهم حتى يَقتلَ رجلاً منكم، فإذا أصابوا منكم أعدادكم، فما خير العيش بعد ذلك، فروا رأيكم"، ولكن أبا جهل رفَضَ العودة إلى مكة بدون قتال وأصر على المضي لقتال المسلمين.

 

بداية المعركة

بدأت المعركة وكان الرسول هو القائد الأعلى للغزوة، وأسند إلى مصعب بن عمير القرشي العبدري لواء القيادة العامة، وقسم جيشه إلى كتيبتين، كتيبة المهاجرين، وأعطى رايتها لعلى بن أبى طالب، وكتيبة الأنصار، وأعطى رايتها لسعد بن معاذ، وكانت الرايتان سوداوين، وتولى قيادة الميمنة الزبير بن العوام، وكان على الميسرة المقداد بن عمرو.

وتحفز رجل من جيش قريش وهو الأسود بن عبد الأسد المخزومي، قائلاً: «أعاهد الله لأشربن من حوضهم، أو لأهدمنه، أو لأموتن دونه»، فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب، فلما التقيا ضربه حمزة فأطَنَّ قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض، فوقع على ظهره وأصيبت رجلُه دمًا نحو أصحابه، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه، يريد أن تُبَرَّ يمينُه، ولكن حمزة ثنى عليه بضربة أخرى أتت عليه وهو داخل الحوض.

وردّاً على ذلك، خرج من جيش قريش ثلاثة رجال هم: عتبة ابن ربيعة وأخوه وابنه، وطلبوا المبارزة، فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار وهم: عوف ومعوذ  ابنا الحارث (وأمهما عفراء)، ولكن الرسول أرجعهم؛ لأنه أحب أن يبارزهم بعض أهله وذوي قرباه.

 

استراتيجية الرسول للفوز بالحرب

فقتل الثلاثة، ولما شاهد جيش قريش قتل الثلاثة الذين خرجوا للمبارزة غضبوا وهجموا على المسلمين هجومًا عامًا، فصمد وثبت المسلمون، وهم واقفون موقف الدفاع، ويرمونهم بالنبل كما أمرهم الرسول، وابتكر الرسول في قتاله مع أعدائه يوم بدر أسلوبًا جديدًا في مقاتلة الأعداء، لم يكن معروفًا من قبلُ عند العرب،، فقاتل بنظام الصفوف، يكون المقاتلون على هيئة صفوف الصلاة، وتقل هذه الصفوف أو تكثر تبعًا لقلة المقاتلين أو كثرتهم، وتكون الصفوف الأولى من أصحاب الرماح لصد هجمات الفرسان، وتكون الصفوف التي خلفها من أصحاب النبال، لتسديدها من المهاجمين على الأعداء.

واتبع الرسولُ أسلوب الدفاع ولم يهاجم قوة قريش، وكانت توجيهاته التكتيكية التي نفذها جنوده سببًا في زعزعة مركز العدو، وإضعاف نفسيته، وبذلك تحقق النصر على العدو برغم تفوقه  العددي، حتى بدأت أمارات الفشل والاضطراب تظهر في صفوف قريش، واقتربت المعركة من نهايتها، وبدأت جموع قريش  تفِرُّ وتنسحب، وانطلق المسلمون يأسرون ويقتلون حتى تمت على قريش الهزيمة.

وانتهت الغزوة بانتصار المسلمين على قريش، وكان قتلى قريش سبعين رجلاً، وأُسر منهم سبعون آخرون، وكان أكثرهم من قادة قريش وزعمائهم، وقُتل من المسلمين أربعة عشر رجلاً فقط، في ليلة من أعظم وأمجد ليالي المسلمين.