الخميس 28 نوفمبر 2024

الإنصاف مع جهاز الأمن

  • 9-9-2017 | 15:36

طباعة

بقلم – أحمد أيوب

نلوم كثيراً على الداخلية ونحملها تبعات أزمات لم تخلقها وقرارات لم تتخذها، لكن عندما تحقق نجاحاً لا نجد من يشهد لها أو يعطيها حقها أو ينصف رجالها.. ربما يرجع ذلك إلى أن الإنسان بطبعه متمرد على كل من يفرض القانون ويطبق النظام ولكن عندما يصل هذا التمرد عند البعض إلى إنكار الجهد وتجاهل النجاح وتصيد الأخطاء والبحث عن سلبيات فهذا ما لا يقبله عاقل.

فالوطن لم يعد يتحمل مثل هذه النظرات القاصرة المغرضة، وإنما يحتاج بشدة إلى العقلانية فى الرؤية والموضوعية فى التعامل خاصة مع مؤسسات فى أهمية وقيمة الشرطة المصرية التى تحملت خلال السنوات الأربع الماضية من المهام والمسئوليات ما لم يتحمله جهاز أمنى فى العالم كله، ما بين جهود مضنية لإعادة الأمن والانضباط للمجتمع المصرى، ومواجهة شرسة لإرهاب مدعوم من قوى وأجهزة مخابرات كبرى. وتضحيات يومية يدفعها أبناء الوطن من رجال هذه المؤسسة التى قدمت مئات الشهداء فى سبيل أمن مصر وشعبها.

الموضوعية تقتضى من كل مصرى أن يقارن ما نحن عليه الآن من استقرار أمنى وأمان وما كنا نواجهه قبل أربع سنوات من الآن حين انتشر البلطجية والسوابق والمطاريد فى كل مكان، وحينما أراد تنظيم إرهابى فرض سطوته وسيطرته على المجتمع وإحراق كل مؤسسات الدولة.. كما يجب أن نرصد عشرات العمليات الأمنية الاستباقية الناجحة التى حققها هذا الجهاز فى العامين الماضيين تحديداً وكيف أنقذت هذه العمليات الشعب من جرائم إرهابية كان من الممكن أن تحول البلد إلى كتلة مشتعلة من النار.

الأهم كيف استطاع هذا الجهاز بحرفية شديدة ووسط كل هذه المهام الصعبة والمواجهات المصيرية أن يحقق معدلات ملموسة من معايير احترام حقوق الإنسان فى التعامل مع المواطن داخل أقسام الشرطة وخارجها.

وكيف استطاع بمهارة تجديد الدماء داخل كل إداراته على مستوى الجمهورية بهدف خلق جيل شرطى جديد يفهم معطيات العصر والتحديات الجديدة وقادر على مواجهتها بكفاءة وقدرة تصل فى معدلاتها إلى المستويات العالمية.

بالتأكيد لا يعنى هذا أننا نتعامل مع جهاز «ملائكى» أو أن نتستر على أى تجاوزات أو فساد يظهر بين أبنائه، فالتجاوزات موجودة والأخطاء متوقعة، لكن فى الوقت نفسه يجب ألا نضخم الأحداث الفردية أو تجاوزات قلة من رجال الشرطة لنحولها إلى قاعدة نلوث بها سمعة هذه المؤسسة ونشوهها بين المواطنين، يجب ألا تغلب المواقف الشخصية على أحكامنا ورؤيتنا لهذا الجهاز وكفاءته التى عادت بنسبة كبيرة بعد أن عانى لفترة طويلة بعد ثورة ٢٠١١ بسبب فقدان العديد من كفاءاته ورجاله المخلصين.

من الطبيعى والعادى جداً فى أى دولة أن ينجح جهاز الشرطة أو يخطئ، ويحقق رجاله «خبطات أمنية» ويواجهون أحياناً تقصيراً، وأظن أن ما تشهده دول كبرى فى العالم من جرائم إرهابية وقتل ودهس وطعن تكشف أن لكل جهاز أمنى كبوته، لكن ليس معنى هذا أن نذبح هذه الأجهزة أو أن نحكم عليها بالإعدام، فالخطأ وارد مثل النجاح، والتقصير متوقع مثل القدرة على تحقيق الخبطات الأمنية ، لكن المهم هو كيف يستفيد أى جهاز من أخطائه وكيف يحولها إلى فرصة للتعليم وتحقيق النجاح.

أعتقد أننا نحتاج لأن نكون أكثر إنصافاً مع جهازنا الأمنى وأن نعطيه حقه وأن نسانده فى حربه ضد كل أنواع الجريمة التى يراد تصديرها لمصر، من إرهاب متطور إلى مخدرات بأنواع مختلفة إلى فتن طائفية مختلقة، إلى عصابات منظمة يتم تهريبها إلى داخل البلاد، يقينا لن نصمت على أي فساد يظهر بين رجال هذا الجهاز ولن نهون من أي تقصير ، لكن قبل هذا ندعم جهاز ومؤسسة لها تاريخها من أجل أمن مصر.

 

    الاكثر قراءة