الأربعاء 26 يونيو 2024

في قانون الغرام .. بقدر حبك تكون عقوبتك!

15-2-2017 | 18:41

تحقيق : مروة لطفي

تساءلت دوماً لماذا كلما تعالت دقات القلب كان العقاب أشد؟! أليس الحب مرادفاً  للتسامح أم أن هذا الفؤاد يأبى عطاء كل هذا العشق دون مقابل؟! وكيف يقبل ذلك إذ كان كل ما يطمع فيه مكاشفة مجرد مكاشفة لما يحدث في حياتك كما سبق وأشركتني في الصغيرة قبل الكبيرة من أحزانك؟! أسئلة كثيرة طرحتها ومعاناة أكثر أعيشها مع كل هفوة تخفيها بحجة أنها لا تستحق! والنتيجة شروخ وتصدعات تصيب صمام القلب وتعرضه للتلف والدمار.. فترى إلى أين تأخذني هفواتك؟!

- يبدو أنني لست الوحيدة التي أعاني من هفوات من تسري أحرف اسمه في كل قطرة من دمي فغيري الكثيرات منهن رانيا حازم"40 سنة" تقول: أحببته.. بل غرقت في هواه..  وقد بادلني نفس المشاعر.. وتزوجنا عقب تخرجنا من الجامعة.. فكان العشق سبباً في طلاقنا بعد ثلاثة أعوام فقط من الارتباط! نعم.. العشق الذي جعلني لا أقوى على تحمل إهماله لاحتياجاتي العاطفية وإخفائه لتفاصيل كثيرة خاصة بعمله وأسرته.. فكلما سألته عن السبب تعلل بأنها أشياء ليست بهذا القدر من الأهمية.. في البداية.. سامحته لكن مع تكرار ذلك بنىسدوداً وحواجز بيننا أسفرت عن خلافات أدت للطلاق..هكذا، انتهت علاقتنا وبعد عشر سنوات تزوجت من أرمل بطريقة تقليدية.. والغريب أنه فعل أسوء كثيراً مما فعله حبيب عمري لكنني لم أعبأ أو أبالي بأي من تصرفاته، هل لأنني تزوجته بعقلي ومن ثم تعاملت معه بقواعد المنطق أم لأنني لا أقوى على تكرار الفشل؟! لا أعرف تحديداً لكن الأكيد أننا كلما أحببنا أكثر توقعنا من الطرف الآخر عطاءً أزيد فكانت تبعات خذلانه لنا أشد!

مشاعر متطرفة                 

- شهيرة راشد"محاسبة" هي الأخرى تعاني من ويلات عشمها الزائد في كل من تحب سواء على المستوى العاطفي أو غيره من العلاقات تقول: أعترف أنني أتسم بتطرف المشاعر، فعندما أحب أتحول دون تخطيط لشيك على بياض من العواطف في أيدي الطرف الآخر.. ومن ثم لا أبخل عليه بأي من الأحاسيس ولا أريد منه سوى التقدير فقط لماهية حبي له.. فإذ لم أجده سرعان ما أنقلب للنقيض وأكرهه.. أليس الحب والكراهية وجهان لعملة واحدة؟!

خطوط حمراء      

- وتختلف منى العوضي"مدرسة" مع الآراء السابقة  وتتساءل: كيف أحب شخصاً ولا أتسامح مع هفواته؟! وبدلاً من أن أغضب منه  أعاقبه لحد الكراهية؟! أعتقد أن هذا حب مريض، فالإنسان الطبيعي يغفر هفوات المحيطين وإن لم ينسها فالعاقل يتغافل حتى تسير الأمور وإلا خسرنا كل من أحببنا على أهون سبب!  

- ويتفق عماد عدلى"موظف" مع الرأي السابق ويضيف: الاعتدال مطلوب في كافة المشاعر.. فالحب الزائد عن الحد يطير العقل ويعرض صاحبه لحماقات قد تؤثر سلباً على علاقاته بمن حوله.. لذا دائماً ما أنصح أبنائي بوضع خطوط حمراء في كافة علاقاتهم وقبول الطرف الآخر بعيوبه قبل مميزاته تجنباً للصدمات..

صورة مثالية

- بقدر ما يكون الحب تكون العقوبة.. هذه العبارة قالها بطل مسلسل "تحت السيطرة" فماذا عن رأي كاتبات المشاعر الإنسانية في تلك المقولة؟!

- تقول الكاتبة المتميزة سلمى شلاش: أتفق مع هذه المقولة، فعادة ما نرسم صورة مثالية لمن نحب ومن ثم ننكر أي سلبيات تكون في الطرف الآخر.. فعين المحب لا ترى إلا كل ما هو جميل ومن ثم تكون الصدمة مدوية عند أي خطأ ولو كان بسيطاً.. من هذا المنطلق نجد كثيراً من علاقات الحب تدمر بفعل كذب أو تجاهل أحد طرفيها للآخر.. وهو ما يفسر فشل العديد من زيجات الحب.. على عكس العلاقات العقلانية التي تأتي بعد اختبارات عديدة ويكون قبول الآخر بعيوبه ومزاياه أساساً لاستمرارية العلاقة.

- وتضيف شلاش أن الشخص قد يغفر أخطاء من يحب  لكن عادة ما يترك هذا الخطأ علامة تظل محفورة على جدار القلب للأبد..

- وتتفق الكاتبة والفنانة نادية رشاد مع الرأي السابق وتضيف أن المحب دائماً ما يتوقع من حبيبه أشياء مغايرة تماماً للواقع، فبقدر ما يكون الحب تكون التوقعات، وهو ما يخلق مشاكل في كثير من العلاقات.. فنحاول التغافل عنها مرة، بعدها نغضب مرات، وإحباط تلو آخر تتعاظم الخيبات فيحدث الانفجار.. وهذا ما يفسر استمرارية العلاقات القائمة على العقل أكثر من تلك المبنية على حب.. لذلك علينا تعلم قبول عيوب الآخر وإيجاد منطقة مشتركة للتعامل بعيداً عن أوهام الحب..

تغيرات كيماوية

- هذا عن رؤية المبدعات، فماذا عن رأي الطب النفسي وهل تختلف مسألة عقوبة الحب من شخصية لأخرى؟!

- يقول د. جمال فرويز استشاري الطب النفسي: الحب عبارة عن تغيرات كيماوية تحدث للإنسان ، فعندما يرى الشخص حبيبه يزداد إفراز الدماغ لمادة السيراتونين والمسماة بهرمون السعادة  بينما يقل إفراز مادة الإيدرونالين والتي تفرزها الغدة الكظرية عند التعرض للغضب والضغط الشديد.. فإذ ما تعرض المحب لموقف صادم من حبيبه حدث العكس فازداد إفراز الإيدرونالين وقل السيراتونين.. وهنا يكون العقاب بقدر الحب والذي تختلف نوعه ودرجته من شخصية لأخرى.. فالشخصية السوية تغضب وقد تنفجر ثم تهدأ وتتسامح على عكس الشخصية الهستيرية التي تبالغ في رد الفعل.. بينما تضخم كل من الشخصيات الشكاكة والوسواسية الفعل ومن ثم تبالغ في العقوبة..أما الشخصية الدورية فحالتها المزاجية هي التي تحدد موقفها..

و جدير بالذكر أن المرأة أكثر من الرجل في عقوبات الحب ويرجع ذلك لفرط مشاعرها وعواطفها ومن ثم تتأثر سلباً حال التجاهل والإهمال..