الأربعاء 15 مايو 2024

بعد اختيارها لعضوية لجنة الشخصيات المرموقة بالآلية الأفريقية .. السفيرة منى عمر: تعزيز دور مصر فى القارة السمراء مهمتى

15-2-2017 | 18:44

حوار: مروة لطفي - عدسة: ديفيد أيمن

تقلدت العديد من المناصب القيادية بوزارة الخارجية المصرية، والمجلس القومي للمرأة، فضلاً عن عضويتها باللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بجنيف.. وعندما سألتها أي عمل أقرب لقلبك وذاتك، أجابت بلا تردد "عملي في ما يخص الشأن الأفريقي".. إنها السفيرة منى عمر مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية الأسبق،والتي اختيرت لعضوية لجنة الشخصيات المرموقة بالآلية الأفريقية لمراجعة النظراء، وعن منصبها الجديد وغيره من قضايا القارة السمراء التقتها "حواء" وكان هذا الحوار.                                          

ينصب اهتمام الآلية الأفريقية لمراجعة النظراء حول الديمقراطية، الحكم الرشيد، الحوكمة، الإدارة الاقتصادية وحوكمة الشركات والتنمية، فكيف ترين الديمقراطية في القارة الأفريقية؟

- هناك ديمقراطية حقيقية تتمتع بها كثير من الدول الأفريقية والتي قد لا تتواجد في أفضل البلدان الغربية وأصدق دليل تجربة الانتخابات الرئاسية الأخيرة في غانا والتي فاز فيها زعيم المعارضة في انتخابات حرة ونزيهة، ونفس الشيء حدث في زامبيا وتنزانيا لكن للأسف دائماً ما تذكر التجارب السيئة بينما نتغافل عن التجارب الناجحة.

الدور المصري                       

رغم أن مصر كانت راعية لحركات التحرر في كثير من الدول الأفريقية خلال فترة الستينيات إلا أن دورها تقلص في ما بعد، فما السبب من وجهة نظرك؟!

- توجد عدة أسباب منها انشغالنا بمنطقة الشرق الأوسط وتركيز اهتمامنا على القضية الفلسطينية في الوقت الذي أصبحت القارة الأفريقية تبحث عمن يحقق لها التنمية بعد تخلصها من الاستعمار وبالتالي كانت بحاجة لتغيير دور مصر تجاهها.. ولأن الرئيس الراحل أنور السادات كان يرى أثناء حكمه أن أوراق اللعبة خلال السبعينيات في يد الغرب إذ لا تملك أفريقيا ما تساعد به مصر حينذاك فكان  التوجه نحو الشمال وما ترتب عليه من انعكاسات بدأت بزيارة إسرائيل والمقاطعة العربية لمصر، وخلال تلك الفترة دخلت قوة أخرى من العالم لأفريقيا لتأخذ بيدها نحو التنمية.. هكذا، مضت العلاقات حتى الثمانينيات حيث حاولت مصر استعادة دورها في أفريقيا بإنشاء ما يسمى الصندوق المصري للتعاون الأفريقي والذي تولاه بطرس غالي ومن خلاله أوفد 8 آلاف خبير مصري في كافة قطاعات التنمية الصحية، التعليمية، الإعلامية وغيرهم لكافة البلدان الأفريقية حيث رأت مصر أنه إذ لم يكن لديها منح اقتصادية فلدينا الموارد البشرية اللازمة لتنمية القارة السمراء في كافة القطاعات.. ورغم ما قدمته مصر من مساعدات حينذاك إلا أن ابتعادنا خلال السبعينيات ودخول قوة أخرى كان له أثر في تقليص دورنا عن السابق.

بعد أزمة سد النهضة، كيف ترين علاقة مصر بالدول الأفريقية وما المخرج لتلك الأزمة ؟

- أرفض بشدة اختزال العلاقات المصرية الأفريقية في مسألة سد النهضة وكأنه المشكلة الوحيدة التي لو تم حلها لأصبحنا أهم دولة في القارة!.

ومع ذلك فأزمة هذا السد لها عدة أوجه والمشكلة تكمن في تضارب وجهات نظر المختصين في أمور الجيولوجيا، فهناك رأي يؤكد على عدم وجود ضرر على مصر من بناء هذا السد بينما يرى الآخر أن بنائه كارثة تعرض مصر والسودان إلى الجفاف.. لذا تم إحالة الموضوع لمكاتب استشارية دولية لتحديد مدى ضرر هذا السد من انعدامه على مصر والسودان.. فلو جاءت النتائج مدعمة للرأي الذي ينفي وجود أضرار علينا من بناء السد لن تكون هناك مشكلة أما لو حدث العكس فلدينا وثيقة من رئيس الوزراء الأثيوبي تؤكد على تعهده بعدم إلحاق أي ضرر على مصر والسودان ومن ثم سنتمسك بتلك الوثيقة.. لكن حتى تصدر هذه التقارير فلا يوجد ما نفعله.

وزارة الشئون الأفريقية 

ونحن على مشارف تغيير وزاري، سبق واقترحت إنشاء وزارة تختص بالشأن الأفريقي فإلى أي مدى نحتاج لتلك الوزارة؟

- رغم أن إنشاء اللجنة الأفريقية بالبرلمان خطوة مهمة إلا أنني مازلت أرى ضرورة إنشاء وزارة لهذا الصدد.. فأفريقيا ليست كأي قارة، فهي أمن قومي، اقتصادي، وسياسي لمصر.. ومجال التوسع فيها يحتاج لأدوات تساعد المجتمع المدني والإعلام ورجال الأعمال للتوجه لـ 55 دولة أفريقية.. فوجود وزير ينسق مشروعات تنموية تدعم التعاون المصري الأفريقي ضرورة اقتصادية، وكذلك رسم رؤية لكيفية التصدي للإرهاب ومحاربته في أفريقيا ضرورةأمنية، وأخيراً تحسين صورة مصر وتعزيزها في 55 دولة ضرورة سياسية.. لهذا أرى أن تخصيص وزارة لهذا الشأن ضرورة قصوى..

وضع المرأة                          

 وماذا عن وضع المرأة الأفريقية؟!

- قد تفاجئين أن وضع المرأة الأفريقية في بعض البلدان أفضل من مصر.. فالمرأة الأفريقية وصلت لرئيسة جمهورية، رئيسة برلمان، وزيرة دفاع، ورئيسة مخابرات ووزيرة داخلية.. كذلك تشكل النساء نصف عدد مجلس الوزراء في بعض الدول و 64% من أعضاء البرلمان وجميعها أرقام لم تصل لها حتى الدول الأسكندينافية والتي دائماً ما تتحدث عن حقوق المرأة!..فالاهتمام بالمرأة غير عادي أو مسبوق في كثير من دول القارة السمراء.

باعتبارك عضو بالمجلس القومي للمرأة، هل يوجد تعاون مشترك بين المجلس ودول القارة الأفريقية في إطار النهوض بالمرأة؟

- بالتأكيد، فالمجلس القومي للمرأة يحرص على المشاركة في كافة المنتديات والاجتماعات الأفريقية، كذلك نعقد دورات تدريبية وورش عمل بالتعاون مع الدول الأفريقية في كافة المجالات كالصحة والإعلام والقضاء.

يعتبر الختان من المشاكل التي تؤرق النساء في القارة الأفريقية، فهل للمجلس القومي دور في التصدي لهذه الظاهرة بالدول الأفريقية؟!

- للأسف حدث ردة في مشكلة الختان خلال فترة حكم الإخوان في مصر ومن ثم انشغل المجلس في محاربة تلك الظاهرة في بلدنا أولاً، فكان قانون الختان الذي يعاقب الوالدين والقائم بعملية الختان.. في نفس الوقت هناك محاولات لمحاربة تلك الظاهرة في كثير من بلدان أفريقيا حتى أن الرئيس السابق لدولة جامبيا وهي في غرب أفريقيا أصدر قانونا بتوقيع عقوبة السجن المؤبد لكل من يشارك في عملية الختان وهم أب وأم الضحية والمنفذ لعملية الختان لكن حتى الآن لم يتم القضاء على تلك الظاهرة.

الدبلوماسية الناعمة             

تشغلين منصب مدير مركز أفريقيا بالجامعة البريطانية، فإلى أي مدى يساهم المركز في التعاون بين مصر والقارة الأفريقية؟

- تعزيز العلاقات بين مصر والدول الأفريقية من خلال أدوات الدبلوماسية الناعمة هو الهدف من إنشاء هذا المجلس.. من هذا المنطلق عقدنا العديد من المؤتمرات للتوعية بالهوية الأفريقية والتحذير من مخاطر الإرهاب، كذلك نساهم في تعريف رجال الأعمال والشباب بما تحتاجه أفريقيا من مشاريع تنموية ينتج عنها ربح للجانبين.. فالقارة الأفريقية مليئة بالكنوز والخيرات.

وجدير بالذكر أن المركز افتتحته رئيسة جمهورية أفريقيا الوسطى كاثرين سامبا بانزا والتي نجحت في القضاء على الحرب الأهلية في بلدها بين المسيحيين والمسلمين ورفضت أن يمتد حكمها بعد انتهاء مدة رئاستها للبلاد.

حقوق الإنسان

 في الفترة الأخيرة تعالت الأصوات المطالبة بحقوق الإنسان والبعض اتهم مصر بانتهاك تلك الحقوق، فبماذا تردين على هذا الاتهام خاصة أنكِ عضو باللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بجنيف؟

- من حق أي إنسان أن يأكل ويشرب ويعيش في أمان و كي يتم ذلك يجب القضاء على الإرهاب ، و إذ تحدثنا عن حقوق الإنسان فعلينا النظر في حق أمهات الشهداء من ضحايا الإرهاب اللاتي فقدن أبنائهن دون وجه حق قبل أن نتحدث عن حقوق الجناة اللذين قتلوا أبرياء دون وجه حق !.. فلو نظرنا لحال القارة الإفريقية على سبيل المثال و ما تعانيه بعض مناطقها من فقر و مجاعات و وفيات لأطفال و أمهات أثناء الولادة لوجدنا أن هذه هي أكثر جرائم ترتكب ضد الإنسانية .. لذا أرى أن مناقشة تلك الحقوق أولى بالرعاية قبل التحدث عن حرية التعبير عن الرأي والتي تشغل بعض المنظمات الحقوقية.

 من وزارة الخارجية، للمجلس القومي للمرأة، لحقوق الإنسان وغيرهم من المهام الكثيرة التي توليتها فأيهما أقرب لنفسك؟!

- بالنسبة لي كان وما زال العمل فيما يخص الشأن الأفريقي هو الأقرب والذي أجد فيه ذاتي لذا سعدت كثيراً باختياري ضمن الشخصيات المرموقة للآلية الأفريقية.

ما الذي تتمنين تحقيقه من خلال تلك الآلية؟

- أتمنى أن أنجح في عمل شبكة علاقات قوية في القارة الأفريقية من خلالها أصحح المفاهيم الخاطئة عن مصر وأعزز صورتها في العالم.

وأخيراً، ما حلمك للمرأة المصرية ونحن في عامها؟

- أحلم أن يتم التعامل معها وفقاً للعدالة الاجتماعية وحق المواطنة، فتحصل على كافة حقوقها كإنسان بعيداً عن أي تفرقة على أساس النوع.