أمر الإسلام الرجال بحسن معاملة النساء، كما خص الإسلام المرأة بالحفظ والتكريم، وأحاطها بسياج من الرعاية والعناية، سواءً كانت أمًا، أو أختًا، أو بنتًا، أو زوجة، وأكد على أن الرجل والمرأة سواء في الإنسانية.
أشار الله تعالى في القرآن الكريم إلى أن الرجل والمرأة خُلقا من أصل واحد، ولما بُعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنكر العادات الجاهلية التي كانت تضطهد المرأة وتظلمها، وأنزلها مكانة رفيعة تليق بها كأم وأخت وبنت وزوجة، وسَن للنساء الحقوق التي تكفل لهن الحياة الكريمة والاحترام والتقدير، ومن هذه الحقوق حق المرأة في الحياة فقد كان العرب يوئدون البنات، فحرم النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الفعل الشنيع، وجعله من أعظم الذنوب.
وخلال شهر رمضان نستعرض معا نماذج من النساء ومنهن اللاتي عاصرن النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعض من مواقف حياتهن.
ونلتقي اليوم مع بـ خديجة بنت خويلد
وُلِدَت السيدة خديجة في بيت عزٍ وكرم فقد كان أبوها سيد بني أسد، وكانت هي ابنته المدللة المطيعة، كبرت الإبنة الجميلة و تزوجت من أبي هالة وأنجبت منه طفليها هالة وهند وكانت الحياة هادئة يسودها الود والاحترام، ولكن هي سنة الحياة فسرعان ما توفى زوجها تاركًا وراءه زوجة شابة وأطفال صغار، وثروة طائلة.
فتزوجت من بعده من عائذ المخزومي ولكن سرعان ما توفى،فتقدم لخطبتها سادات مكة ولكن رفضت المال والجاه وآثرت الانصراف لتربية أولادها، والتفرغ لعملها فقد كانت سيدة أعمال من الدرجة الأولى، فقد كانت تعمل بالتجارة وفي هذا المجال ما فيه من الغش والسرقة فما لبثت أن سمعت عن رجلٍ في مكة يلقب بالصادق الأمين، فتمنت أن يعمل لديها فتحقق حلمها وعمل معها النبي ﷺ، فربحت التجارة، وحلت البركة بمالها.
ثم سافر النبي ﷺ بتجارتها إلى الشام فأرسلت ميسرة غلامها ليتبعه ويخبرها بما يرى فرأى الغمامة التي أظلته، وخبر بحيرة الراهب والتجارة التي ربحت على يديِه، وحُسن خُلُقِهِ وجمَّ أدبه.
فرجع للسيدة خديجة وأخبرها بما رأى فأعجبت به ورغبت في الزواج منه، وكانت تكبر النبي ﷺ بخمسة عشر عامًا فكان عمرها أربعين عامًا والنبي ﷺ خمسة وعشرين عامًا.
تم الزواج المبارك ونشأت الأسرة السعيدة التي يسودها المودة والرحمة ويرفرف على سمائها الحب.
وأنجبت للنبي ﷺ القاسم وعبد الله وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، وكان النبي ﷺ يتركها وأولادها للتعبد في غار حراء فكانت تُعدّ له مؤونته من الطعام والشراب حتى يتفرغ للعبادة شهرًا كاملًا دون اعتراض أو تذمر منها.
كانت المرأة في الجاهلية مهانةً ولا قيمة لها، فقد كان الرجل هو السيد المتحكِّم في المرأة حسب هواه دون احترامٍ وتقدير، ولكنّ بعد أن جاء الإسلام رفع من شأنها وقدّرها وجعل لها المقام الأول في البيت، فالمرأة مخلوقٌ لطيفٌ، وحساسٌّ، وذو قدراتٍ محدّدةٍ خلقها الله تعالى بكيفيّةٍ معينّةٍ لتأدية بعض المهام التي تستطيع تحمّلها، وقد تكون المرأة؛ أمّاً أو زوجةً أو أختاً أو ابنةً، وفي جميع حالتها يجب مراعاتها واحترامها، وسنتحدّث في هذا المقال حول كيفيّة تكريم الله عز وجل للمرأة.