حوار : حسام عبدالمنعم - تصوير: حسام عبدالمنعم
رغم إقامتها بباريس لفترة طويلة وبعدها عن وطنها إلا أن تفكيرها ظل منصبا على كيفية خدمة بلدها الأم وتصحيح صورته المغلوطة لدى المجتمع الفرنسى، أطلقت العديد من المبادرات الخيرية وحفلت سيرتها بالأنشطة الدؤوبة التى هدفت إلى خدمة المجتمع المصرى وذلك من خلال عملها كرئيسة للرابطة الدولية للإبداع الفكرى والثقافى بفرنسا، هذا بجانب عملها فى مجال العلاقات العامة بقصر فرساى التابع لوزارة الثقافة الفرنسية، فاستحقت أن تكون أول مصرية تعين عضوا بمجلس حى نوتردام بمحافظة فرساى قبل حصولها على الجنسية الفرنسية..
د. جيهان جادو، أستاذة القانون، وعضو الاتحاد العالمى للمرأة المصرية بأوروبا، ولجنة العلاقات الخارجية بالمجلس القومى للمرأة، تتحدث إلى «حواء » عن وضع المرأة المصرية، ودورها فى دعم وطنها وآليات تمكينها، وكيفية الاستفادة من تجارب الرائدات المصريات المقيمات بالخارج.
فى البداية ما تقيمك لوضع المرأة الراهن فى مصر؟
لا شك أن المرأة المصرية حصلت على الكثير من الحقوق والمكتسبات فى ظل حرص الرئيس عبد الفتاح السيسى على تمكينها، حيث حققت فى عهده العديد من الإنجازات على مختلف الأصعدة، وأثبتت قدرتها على العطاء والمشاركة فى بناء الوطن، لكن أود الإشارة إلى أن المدافعين عن حقوق المرأة فى أحيان كثيرة يكونون سببا فى تأخرها من خلال رغبتهم فى نقل الثقافة الغربية إلى مجتمعنا بحجة التحرر والدعوة إلى المساواة بينها والرجل متناسين أن هناك الكثير من تلك الثقافات لا تتناسب وعاداتنا وتقاليدنا الشرقية، وبالرغم مما حققته المرأة من إنجازات كحصولها على أعلى نسبة تمثيل برلمانية فى تاريخ مصر، وإصدار العديد من القوانين التى تجرم التميز بينها والرجل وكافة أشكال العنف الممارس ضدها، إلا أنها وحتى الآن لا توجد عدالة اجتماعية كافية تضمن لها التمتع الكامل بكافة حقوقها، بسبب سطوة العادات والتقاليد.
وماذا عن أبرز العادات والتقاليد الذكورية التى ترينها ذات تأثير سلبى علي حقوق المرأة، وما آليات مواجهتها؟
لا يكاد يختلف اثنان على أن الإسلام كرم المرأة أجل تكريم، وساوى بينها والرجل، وكفل لها الحق فى التعليم والعمل وتولى المناصب القيادية، إلا أن بعض العادات والتقاليد المجتمعية من شأنها التقليل أو طمس دور المرأة ما يخلق مشاكل اجتماعية على المدى البعيد، بالإضافة إلى أن وسائل الإعلام شوهت صورة المرأة، لذا أدعو رجال الدين إلى العمل على نشر صحيح الدين وتصحيح الصورة المغلوطة عن المرأة، وذلك من خلال تنظيم لقاءات مجتمعية على نطاق واسع لرفع وعى النساء بحقوقهن الدينية والقانونية، كما أن على الإعلام دورا كبيرا فى تصدير الصورة الصحيحة للمرأة المصرية إلى العالم.
تعد حملة «التاء المربوطة » من أبرز الحملات التى تبناها قومى المرأة فكيف يمكن الاستفادة منها خارج مصر؟
أود أن أؤكد أن د. مايا مرسى تقوم بدور كبير فى دعم المرأة والسعى لتنفيذ استراتيجية ٢٠٣٠ ، من خلال حملة التاء المربوطة التى أطلاقها المجلس، فهى تعد تمكينا حقيقيا للمرأة، وأعتقد أن توعية الحملة تبدأ من المرأة نفسها باعتبارها خير دعاية لها، كما يعد هاشتاج «التاء المربوطة سر قوتك » إعلانا جيدا للجهود التى يبذلها المجلس القومى للمرأة فى هذا الإطار.
من خلال عملك واقامتك بالخارج كيف حاولت تقديم صورة صحيحة عن المرأة المصرية أمام المجتمع الخارجى؟
خلال تواجدى بفرنسا كنت حريصة على أن أكون صورة حسنة للمرأة المصرية، فعندما تم ترشيحي سفيرة للنوايا الحسنة لخدمة المرأة الفرنسية رفضت وفضلت أن أعمل لصالح المرأة المصرية، وفيما يخصنا كشرقيات فقد نجحن في لفت أنظار العالم أجمع وليس على المستوى العربي فقط من خلال العديد من الجهود التى تبذلها نماذج من المصريات المغتربات لتصحيح صورتهن أمام العالم، كما أن محاولات تمكين المرأة وتوليها المناصب القيادية العليا في مصر جعلت العديد من الدول العربية والأجنبية تنظر لمصر باعتبارها مصدر إشعاعى يعنى بشئون وقضايا المرأة .
أيهما فى رأيك أكثر نجاحا: المرأة المقيمة فى مصر أم المهاجرة؟
بالنسبة لى سر نجاح أى امرأة هو إصرارها على تحقيق حلمها وتحديد الأهداف التى تسعى إليها والعمل بجد واجتهاد من أجل الوصول إلى ما تتمناه، فالمرأة عامة عليها أن تعمل كثيرا على تجميع كل طاقاتها وقدراتها باتباع العوامل المساعدة لتحقيق أحامها، فمن وجهة نظرى لا يوجد فرق بين المرأة المصرية فى الداخل والخارج، ولكن الفرق فى سعى المرأة لتحقيق أهدافها، كما أن مصر لديها الكثير من النماذج النسائية والكوادر الناجحة، ولكن ما تحتاجه المصرية هو توفير مناخ عملى مناسب يساعدها على تحقيق ما تتمناه.
نشأت بمجتمع شرقى له عاداته وتقاليده، فهل وجدت صعوبة فى الاندماج مع المجتمع الفرنسى؟
قبل زواجى وسفرى إلى فرنسا كان لى الكثير من التحفظات على بعض العادات والتقاليد، ورغم ذلك لم يؤثر انتقالى إلى مجتمع متحرر كفرنسا على هويتى المصرية، بل حرصت على الحفاظ على تعاليم دينى وأداء الشعائر الدينية والتمسك بالعادات التى نشأت عليها, وهو ما كان بمثابة تحد كبير لى خلال الفترة الأولى من سفرى، كما كان بداية النجاح الحقيقى وكسب احترام من حولى، فالمصرى المغترب كلما تمسك بهويته وأصوله زاد احترام من حوله له بل أجبرهم على الالتزام بتلك العادات واحترامها.
وماذا عن تأسيسك لرابطة للإبداع الفكرى؟
بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير لاحظت اهتمام الكثيرين بالسياسة وانصرافهم عن آداب الاختلاف فى الرأى، والحوار المتمدن، وكان دورى العمل على تنمية ثقافة تقبل الآخر وإرساء مبدأ «الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية » وذلك من خلال عقد العديد من المؤتمرات بالتعاون مع المجلس الثقافى المصرى بفرنسا، ومن هنا جاءت فكرة تأسيس رابطة الإبداع الفكرى، وكانت البداية خلال الأسبوع الثقافى المصرى بالتعاون مع محافظة «فيرسال » والسفارة المصرية بباريس، حيث لعبت الرابطة دورا كبيرا فى تحسين صورة مصر من خلال إجراء استطاعات عامة بقصر «فيرسال » حول المشكلات التى تمنع الفرنسين من زيارة مصر، وكانت هذه هى البداية الحقيقية لإنطلاق الرابطة.
وكيف تم تعينك عضوة بمجلس الحى بمدينة فيرسال؟
لم يكن وصولى لهذا المنصب سهلا بل كان نتيجة جهد وتعب بذلتهما خلال انخراطى بالمجتمع الفرنسى وتناول القضايا العامة التى تهم المرأة الفرنسية، وتحسين صورة المهاجرات إلى أن جاء تكريمى بالقانون العالمى للمرأة بمحافظة فيرسال، وطالبونى أن أكون مستشارة لهم للتواصل مع الجاليات العربية وتقديم الدعم لهذه الجاليات للاندماج مع المجتمع الفرنسى، حيث كانت هذه الخطوة تمثل عبئا على الدولة هناك، وبعد سنوات من العمل الدؤوب فوجئت بتعينى عضوة بمجلس الحى من قبل المحافظ على الرغم من عدم حصولى على الجنسية الفرنسية فى ذلك الوقت لأصبح بذلك أول مصرية تدخل مجالس الأحياء.
كمغتربة عن وطنها الأم.. كيف استقبلت خبر إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسى 2017 عاما للمرأة؟
شعرت بسعادة غامرة بمجرد سماعى الخبر، وأحسست بفخر كبير كونى مصرية، وما زاد من سعادتى أن الفرنسيات حسدن المرأة المصرية على اهتمام قيادتها السياسية بها، ففى أحد الأيام وأثناء حضورى اجتماع المجلس الوطنى لحقوق المرأة الفرنسية فاجأتنى رئيسة المجلس بتهنئتى بتخصيص 2017 عاما للمرأة، وقالت: «مصر دى غريبة، العالم بيحتفل بيوم واحد للمرأة ، ومصر بتحتفل بـ 365 يوما