الثلاثاء 21 مايو 2024

تسعيرة الكـــــــــــنائس لـزواج الأقباط

11-9-2017 | 14:47

تقرير: سارة حامد

اختيار صعب يواجهه الشباب القبطى المقبل على الزواج، فهو إما أن يرضخ ويقبل بالمطالب المالية التى تفرضها الكنيسة، أو يتم حرمانه وعروسه من مباركة الكنيسة للزواج، وهو ما دفع عددا من الشباب لرفض الشروط المالية، فى حين أن الغالبية لم تجد حلا سوى القبول بالأمر الواقع وضم «مصروفات الكنيسة»، إلى قائمة «متطلبات الزواج».

وفقا للمعلومات المتاحة، فالكنيسة قررت فرض رسوم إضافية مقابل إتمام إكليل الزواج، منها رسوم فتح الكنيسة التى تختلف حسب موقعها الجغرافي، وأيضا تحصيل رسوم تتفاوت مابين ١إلى ١٠ بالمائة من قيمة الشبكة.

كنائس نجع حمادى، التزمت بالتعليمات الكنسية الصادرة فيما يتعلق ب«رسوم الزواج»، ليس هذا فحسب، لكنها قررت رفع رسوم فتح الكنائس لتصل إلى ١٠٥٠جنيهات فى هيئة ضريبة على إكليل الخطوبة داخل الكنيسة و١١٥٠جنيهاً رسوم زواج، وتزيد تلك الرسوم مبلغ ٢٥٠ جنيها فى حالة رغبة الزوجين إجراء مراسم العرس داخل كنيسة السيدة العذراء الجديدة بنجع حمادي.

كما أكدت أنه فى حال إجراء أقباط نجع حمادى الإكليل خارج مصر، ترتفع معها التسعيرة المفروضة لتصبح ١٧٠٠ جنيه ضريبة خطوبة و ٢٣٠٠ جنيه رسوم زواج، أما إجراء المراسم خارج الكنيسة تخضع الضريبة المفروضة لتقدير الأب الكاهن الذى يقوم بإجراء المراسم.

الأوضاع داخل مجلس كهنة إيبارشية أسيوط للأقباط الأرثوذكس لم يختلف عما هو عليه فى «نجع حمادى»، حيث تقرر تحديد رسوم طقس الإكليل بجميع الكنائس، على أن يتم تثبيت رسوم طقس الإكليل بقيمة ١٥٠٠ جنيه، بالنسبة للصلاة بكنائس مدينة أسيوط، وألف جنيه بالنسبة للكنائس خارج المدينة، دون الأخذ فى الاعتبار الحالة المادية للعروسين أو أسرهما أو الوظيفة خارج أو داخل مصر.

ونص القرار على أن يكون هذا الرسم محدداً وشاملاً لرسوم التوثيق وأية رسوم أخرى خاصة بوثيقة الزواج، مع مراعاة أن ينصرف العمل بالقرار على رسومات حجز صلاة الإكليل بعد صدوره، ولا ينصرف الي ما تم سداده من مبالغ ورسوم حجز قبل القرار، إذ لا ترد المبالغ المسددة لخدمات صلاة الإكليل.

من جهته قال مينا فهمي، أحد المتزوجين حديثا إن مصروفات الزواج للشاب متوسط الحال لا تقل عن نصف مليون جنيه لشراء سكن وأدوات منزلية وكهربائية، إضافة إلى مصروفات فتح الكنيسة فى إكليل الزواج الذى تتفاوت أسعاره فى الكنائس، فتصل فى الكنيسة البطرسية بالعباسية بنحو ألف جنيه وتزيد وتقل حسب قاعة الكنيسة المقام بها الإكليل والتسهيلات الأخرى، إضافة إلى دفع ثمن تصوير الفيديو والتكييفات، ووضع الورود وغيرها من أشكال تزيين قاعة الكنيسة؛ استعدادا للعرس لتصل فاتورة ما يتم تسديده فى المتوسط إلى ألفى جنيه قد تزيد أو تنخفض حسب المستوى الاقتصادى للعروسين، الذى يتناسب مع إمكانيات الكنيسة التى سيعقد بداخلها مراسم الإكليل.

فهمى يؤكد الكنائس تتحصل على واحد بالمائة من نسبة الشبكة المقدمة من العريس إلى العروس، ويكون منصوصا عليها فى وثيقة عقد الزواج وهى أحد مصادر دخول الكنيسة، التى تنفق من خلالها على الفقراء والمحتاجين، إضافة إلى تلقى تبرعات من القادرين.

وأوضح أن هناك من يلجأ إلى أساليب ملتوية للتهرب من تلك الرسوم التى تفرضها الكنيسة على الشبكة المقدمة، من خلال إنكار الزوجين لتقديم شبكة والامتناع عن تحريرها فى عقد الزواج لعدم دفع رسوم تقدر واحد بالمائة من قيمة الشبكة المقدمة، بينما تصر بعض العائلات على تحريرها فى عقود التوثيق لضمان حقوق الزوج والزوجة القانونية.

وقال مايكل يوسف، أحد المتزوجين حديثا: الزواج الكنسى بات عائقا أمام الشباب نظرا لمغالاة الكنائس فى بتسعيرة الأجور، حيث تحول من طقس دينى ورباط مقدس لـ«بيزنس»، فى بعض الكنائس فكل كنيسة لها تسعيرة مختلفة عن غيرها حسب المكان عقد الإكليل والإمكانيات التى توفرها سواء القاعات المكيفة أو المنطقة التى تقع فيها الكنيسة، فكلما كانت أرقى ارتفعت بورصة الأسعار.

وأشار إلى أنه تزوج منذ عامين فى كنيسة قصر الدبارة بميدان التحرير، رغم كونه قبطيا أرثوذكسيا تزوج فى كنيسة تابعة لطائفة زوجته الإنجيلية وذلك لطول إجراءات الكنائس الأرثوذكسية فى توثيق عقود الزواج الكنسي، ومضاعفة الأسعار، إضافة لخضوع الخطيبين لدورات إرشادية «المشورة الأسرية»عن الحياة الزواجية التى تستغرق مدة لا تقل عن ٣ أشهر، والتزام الزوجين بالمداومة على الصلاة داخل الكنيسة خلال تلك المدة، فهذه تعد شروطا مبالغا فيها، مقابل الحصول على ورقة تحمل موافقة الكنيسة الأرثوذكسية على زواج الطرفين «وثيقة خلو الموانع».

«مايكل» يقول إنه سدد مايقرب من ١٤ ألف جنيه رسوم كنسية تراوحت مابين ٧ آلاف جنيه مقابل تزيين الكنيسة ٣٥٠٠جنيه رسوم فتح الكنيسة وألفى جنيه مقابل توثيق الكاهن لعقد الزواج بالشهر العقاري، وألف جنيه مقابل تشغيل شاشات العرض داخل قاعة إجراء مراسم الإكليل، وألف جنيه تحت بند تأخر العروسين عن المراسم ولو لدقائق عن الوقت المحدد لبدء الصلاة، فيما يتحمل الزوج نفقات إقامة حفل اجتماعى فى النوادى والمتنزهات الخارجية عقب انتهاء الإكليل داخل أروقة الكنيسة.

الإجراءات المعقدة تلك، والمبالغ المالية التى سددها، دفعت «مايكل» دفعته لأن يفكر جديا بإطلاق مبادرة إرشادية تستهدف المقبلين على الزواج الكنسي، من خلال إحضار كاهن فى قاعات الأفراح والنوادى الاجتماعية، والعزوف عن تأجير القاعات الكنسيةبسبب إرتفاع الرسوم.

أشرف أنيس، مؤسس حركة الحق فى الحياة المسيحية، فى تعقيبه على حديث «مايكل»يري أن أحد أسباب رفض بعض قيادات الكنائس لحلول قضية الأحوال الشخصية المسيحية، يتمثل فى المكاسب المادية التى تحققها من إجراءات مراسيم الخطوبة والزواج والكشف الطبى للمقبلين على الزواج والدورات التدريبية التى تسبق إصدار الكهنة لوثيقة «خلو الموانع».

وأضاف: المبالغ المالية التى يتم تحديدها تختلف من طائفة مسيحية لأخرى، فالكنيسة الإنجيلية لا تفرض على رعاياها إجراء الفحوص الطبية فى مراكز طبية كنسية تابعة لها، على عكس الكنيسة الأرثوذكسية التى لا تعترف بأى فحوص صادرة من غير مراكز طبية أرثوذكسية.

وأكمل: الكنائس الإنجيلية لا تشترط حضور المقبلين على الزواج لدورات تدريبية، على عكس الكنيسة الأرثوذكسية التى تفرض حضور الدورات والانتظام فى حضور عظات الكنيسة لمدة لاتقل عن ٣ أشهر.

قيادات الكنيسة لهم مبررات للرد على ما يقوله الشباب فالقس لوقا راضي، وكيل مطرانية القوصية بأسيوط: قال إن مصادر دخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ضعيفة رغم التزاماتها وأوجه إنفاقها الضخمة، لذا تعتمد الكنائس والإيبارشيات على تبرعات رعاياها، إضافة لتحصيل رسوم طقس الإكليل من الشباب المقبل على الزواج لتنفقها على الفقراء التابعين لكل إيبارشية، إلى جانب تسديد فواتير كهرباء ومياه، وصرف رواتب للعاملين داخل الكنائس من سكرتارية وكهنة وقساوسة وقمامصة وغيرها.

وأرجع «راضى» تشديد الكنيسة الأرثوذكسية على إجراء الفحوص الطبية بالمراكز والعيادات الكنسية التابعة لها، إلى أنه أكثر ضمانا لمصداقية وشفافية النتائج دون تلاعب أو عبث بها حتى لا يطلب أحد الزوجين الطلاق نظرا لقصور صحى تم اكتشافه عقب الزواج، لافتا إلى أن الكنيسة تطبق عقوبات كنسية على الزوجين فى حال إجراء الزواج خارج أسوارها أو فى النوادى الاجتماعية؛ لأنها تعتبر الزواج الكنسى ضمن الأسرار السبعة للكنيسة الأرثوذكسية.

لوقا برر قرار أسقف أسيوط بتحديد تسعيرة محددة لإجراء مراسيم الإكليل بكنائس الإيبارشية بقيمة ١٥٠٠ جنيه بالنسبة للصلاة بكنائس مدينة أسيوط، بأنه قرار يهدف إلى تقليل الإقبال الشديد من الأقباط المقيمين بمراكز وقرى المحافظة وتشاحنهم على إقامة مراسم الزواج داخل كنائس مدينة أسيوط والعزوف عن كنائسهم، وهو ما يسبب تعطيلا للعظات داخل كنائس مدينة أسيوط، وتزاحما بين أبناء المدينة الراغبين فى إقامة مراسيم الإكليل وبين أبناء القرى والمراكز المحيطة بالمحافظة.

وعلل القس لوقا راضي، قرار أسقف أسيوط بعدم الأخذ فى الاعتبار الحالة المادية للعروسين أو أسرهما، بأن الكنيسة الأرثوذكسية تخصص جزءا من أموالها للجان إخوة الرب «فقراء الأقباط» وتتحمل كافة نفقات المتعثرين ماديا، لذلك المقصود من القرار هو عدم المغالاة أو التمييز بين أسر وغيرها وفقا للمستوى المادي، وذلك من خلال تحديد مبلغ مالى محدد لرسوم طقس الإكليل داخل كافة الكنائس، دون الأخذ فى الاعتبار المنطقة التى تقع فيها الكنيسة أو الإمكانيات المادية للزوجين وأسرهما.

القس لوقا أشار إلي أن فتيات الصعيد تبالغ فى طلب المهور والشبكة التى أحيانا تصل لـ٨٠ ألف جنيه، ويزيد وهو ما يحمِّل الزوج أعباءً مادية فوق المحتمل، لذا تفرض الكنيسة ضريبة على المهور والشبكة لتقليل تلك الظاهرة وخفض المهور المطلوبة.

من جانبه دعا القس رفعت فكري، نائب رئيس السنودس الإنجيلي، كافة الكنائس المسيحية بالرفق الشباب المقبلين على الزواج من خلال تخفيض رسوم فتح الكنائس لإجراء مراسم الإكليل.

وشدد على أن توحيد تلك الرسوم على كافة الكنائس قرار مستحيل الصدور، نظرا لتفاوت مصاريف الكنائس ومستوى الخدمات التى توفرها بداخل قاعاتها، مشيرا إلى أن الطائفة الإنجيلية لا تجبر رعاياها على إجراء فحوص طبية داخل مستشفيات تابعة لها، بينما تكتفى بمستشفيات تابعة لوزارة الصحة حتى لا تضيف أعباءً مالية إضافية على الزوجين، وموضحا أنه لا علاقة بين ارتفاع أسعار الزواج الكنسى وأزمة إصدار قانون الأحوال الشخصية الموحد التى يرجع أسبابها لانعدام التفاهم بين الكنائس.