الأحد 5 مايو 2024

دار الهلال والدور المصري في الصحافة الكردية

مقالات21-4-2023 | 21:46

يحتفل الصحفيون الكورد سنويا بذكرى صدور أول صحيفة كردية باسم "كردستان" والتي صدرت أول عدد في 22 أبريل نيسان عام 1898 في القاهرة على يد مقداد مدحت بدرخان سليل العائلة البدرخانية المعروفة وإعداد في دول المهجر منها بريطانيا وسويسرا.

ويعتبر هذا اليوم عيدا للصحفيين الكرد، فقبل 125 عاما انطلقت التجربة من القاهرة، ووضع أول حرف كردي على صفحاتها، وطبعت أول جريدة كردية في مطابع دار الهلال، ومنها انتشرت كلمة "كردستان" إلى العالم.

وعندما نذكر الصحافة الكردية وأولى انطلاقاتها لابد أن نشير إلى مصر التي كانت ولازالت تحتضن المثقفين والفنانين والمضطهدين وتعترف بحقوق كافة الشعوب و الأعراق والقوميات.

فقد انطلقت "كردستان" من أرض الكنانة بعدما منعت من الإصدار في وطن الأمم بسبب التوجهات العنصرية والشوفينية، ما جعل من مقداد مدحت بدرخان يرتحل إلى بلد أمين لا يفرق بين هذا و ذاك، بلد ينتشر فيه العلم و الفن، هنا في مصر المحروسة وأم الدنيا.

إن إصدار صحيفة "كردستان" انطلاقة نوعية في تاريخ الشعب الكردي الذي تعرف العالم على تاريخه وواقعه كشعب مظلوم يطلب العيش الكريم كبقية شعوب المنطقة، ينشد السلام والاستقرار وصداقة و محبة الشعوب الأخرى.

خلال فترة إصدار "كردستان" واجهت الصحافة الكردية الكثير من المشاكل والمعوقات والمطبات، إلا أنها استطاعت أن تثبت نفسها على الساحة الصحافية العالمية، ففي العام 1898 عندما صدر العدد الأول من هذه الصحيفة ربما كانت هناك أمم لا تعرف القراءة و الكتابة أو دول لم تنشأ، فيما استطاع الكرد إصدار صحيفتهم الأولى بفضل الأسرة البدرخانية ودور مصر التي احتضنت تلك الأسرة وسمحت لها بإصدار أول صحيفة كردية.

صدر بعد ذلك العديد من الصحف الكردية في المهجر أو داخل الوطن، وتم نقل أول مطبعة لطبع الصحف إلى كردستان في بداية الثلاثينات من القرن الماضي من قبل حسن حزني موكرياني، حيث نقل مطبعة من حلب إلى مدينة رواندوز في محافظة أربيل، فصدرت صحيفة "زاري كرمانجي".

الصحافة في كردستان الآن في طور آخر، خاصة بعد العام 1991 وتشكيل برلمان وحكومة الإقليم، حيث صدرت قوانين تؤيد حرية الصحافة والرأي في به فأصبح واحة للحريات الصحفية، وتأسست نقابة للصحفيين عام 1998 وأصبحت عضوا في الفيدرالية الدولية للصحفيين.

وتصدر الآن في الإقليم قرابة أكثر من 200 مطبوعة صحفية بين يومية وأسبوعية وشهرية وفصلية، مع العديد من القنوات الفضائية والمحلية، ولكل مكون من مكونات كردستان إعلامه الخاص ينطق لغته القومية، وهناك قانون للعمل الصحفي الذي يمنح الصحفي الحصانة خلال ممارسة مهنته.

واليوم؛ الصحافة في كردستان تعيش عصرها الذهبي، رغم وجود أصوات تغرد من خارج السرب، وهناك التزامات أمام المجتمع والقيم الدينية والرموز الوطنية والأمن يحميها القانون.

في عيد الصحافة الكردية نقدم التحية والتقدير للصحفيين، وتحية حب واعتزاز لمصر التي كانت سببا في نشر الكلمة الكردية، و دار الهلال التي طبعت فيها صفحات "كردستان"، متمنين استمرار احترام ميثاق الشرف المهني ومعايير أخلاقيات المهنة لبناء مجتمع حضاري.