السبت 23 نوفمبر 2024

«يا قطن مين يحميك؟».. موسم حصاد محفوف بمخاوف المزارعين

  • 11-9-2017 | 22:35

طباعة

كتبت-أماني محمد

 

سعت مصر إلى زيادة إنتاجها من محصول القطن خلال العام الجاري، التي مهدت له مطلع العام وطمأنت الفلاحين على سعر بيع القنطار بما يتماشى مع الأسعار العالمية ويحقق جانب ربح كافي، فـ"الذهب الأبيض" معروف بجودته العالية داخل البلاد وخارجها.

 

وكان الفلاحون اشتكوا من تدهور زراعة وتسويق القطن خلال الأعوام الماضية، فقلت المساحات المزروعة به وعزف الفلاحين عن زراعته لارتفاع تكلفته مقابل تراجع سعره مما أدى إلى انهيار صناعات الغزل والنسيج.

 

وكان الدكتور عبدالمنعم البنا، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، افتتح مطلع الأسبوع الجاري، موسم جني القطن بمحافظة الفيوم، وقال الوزير إن الإقليم من المحافظات التي تبدأ فيها عمليات جني محصول القطن في وقت مبكر،  لافتاً إلى أن إجمالي المساحة المنزرعة بالقطن في المحافظة هذا الموسم بلغت حوالي 13 ألفا و92 فدانا، منها 7500 فدان منزرعة بصنف جيزة 95، و 5592 فدانا منزرعة بالصنف جيزة 90 .

وأشار "البنا" إلى أن المساحة المنزرعة بالقطن على مستوى الجمهورية بلغت هذا الموسم حوالي 220 ألف فدان، بزيادة كبيرة عن الموسم الماضي والذي بلغت خلاله المساحة حوالي 130 ألف فدان.

 

إنتاجية العام الماضي

وحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن صادرات مصر من القطن تراجعت العام الماضي بنسبة 54.2% في الربع الثاني من الموسم الزراعي، كما بلغت صادرات القطن خلال الفترة من ديسمبر وحتى فبراير بلغت 112.7 ألف قنطار مقابل 246 ألف قنطار في نفس الفترة من العام الماض.

 

وفي نفس العام، ووافقت الحكومة على وضع سعر لضمان لشراء القطن من المزارعين المحليين عند 1250 جنيها للقنطار لتحقيق هامش ربح جيد للفلاحين.

 

ولفت جهاز الإحصاء أيضًا إلى أن استهلاك القطن محليا تراجع أيضا لـ 76.4 ألف قنطار مقابل 175.8 ألف قنطار في نفس فترة المقارنة، بانخفاض 56.6% نتيجة "توقف بعض مصانع الغزل والنسيج عن الإنتاج".

 

 

الأسعار الجديدة

الدكتور حامد عبد الدايم، المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة، قال إن المساحة المزروعة من القطن هذا العام تقدر بـ220 فدان مرتفعة عن العام الماضي والذي بلغت فيه المساحات نحو 130 ألف فدان، مضيفا أن الوزارة وضعت سعر ضمان للقنطار بقيمة 2100 جنيه للقنطار من مزارعي الوجه القبلي و2300 جنيه للوجه البحري.

 

وأضاف أن لجنة تسويق الأقطان ستجتمع السبت من كل أسبوع للحكم على الأسعار وتقييمها حسب متغيرات السوق وأن المزارعين يتوجهون بمحصولهم للبيع لشركات تسويق الأقطان، موضحا أن سعر الضمان يعد بمثابة حد أدنى للقنطار تلتزم الحكومة على الشراء به من المزارع حال انخفاض الأسعار أما خلاف ذلك للفلاح الحرية في البيع بالسوق بالسعر الذي يراه مناسب.

 

وأوضح "عبد الدايم" أن عدد المحافظات المزروعة بالقطن لهذا العام بلغت نحو 6 محافظات بالوجهين البحري والقبلي، مشيرا إلى أن تكلفة جني القمح مرتفعة لكن السبب الرئيس في انخفاض المساحات المزروعة به على مدار الأعوام الماضية بسبب تلوث البذرة وخلط الأقطان الذي حدث في السنوات الماضية.

 

وأشار إلى الوضع بدأ يتحسن وارتفعت المساحات المزروعة مقارنة بالعام الماضي، مضيفا أن وزارة الزراعة تستهدف رفع الرقعة الزراعية لمحصول القطن خلال العام المقبل إلى نحو 350 ألف فدان.

 

انخفاض المساحة المزروعة

النائب رائف تمراز، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، قال لـ«الهلال اليوم» إن المساحة المزروعة من القطن هذا العام تقدر بنحو 150 ألف فدان بعدم  أن كانت تصل إلى مليوني ونصف فدان في أعوام ماضية، مضيفا أن عزوف الفلاح عن زراعة القطن له أسباب عديدة أولها إهمال الحكومة للدورة الزراعية وعدم وجود آلات للجني.

 

وأضاف أن الدورة الزراعية وتقسيم الأراضي إلى 3 أقسام لزراعة الأرز والقطن والذرة وتبديل الزراعات فيما بعد كان يخدم الدولة ويساعدها في توفير السلع الإستراتيجية ويفيد الأراضي، موضحا أن تكلفة جني القمح أيضا مرتفعة بسبب عدم وجود الآلات اللازمة لتلك العملية ما جعل الفلاح يعزف عن زراعته.

 

وأوضح "تمراز" أن عدم تعاقد الحكومة مع الفلاحين وإعلان أسعار القنطار من قبل الزراعة أثر أيضا على إقبالهم على زراعة القطن، مطالبا بتطبيق المادة 29 من الدستور والتي تنص على أن "تلتزم الدولة بتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعي والحيواني، وشراء المحاصيل الزراعية الأساسية بسعر مناسب يحقق هامش ربح للفلاح، وذلك بالاتفاق مع الاتحادات والنقابات والجمعيات الزراعية".

 

وأشار إلى مشكلة أخرى تواجه زراعة القطن في مصر وهي انخفاض إنتاجية الفدان والتي تتراوح من 5 إلى 7 قنطار، في حين أن معدل إنتاج الفدان عالميا يصل إلى 14 قنطار، وهو سبب انخفاض مساحة الأراضي المزروعة من المحصول أيضا بسبب عدم تحقيق هامش ربح مناسب للفلاح، مضيفا أن عودة القطن لمكانته سيساهم في تشغيل مصانع وتوفير عملة صعبة ومكاسب أخرى على مستوى الصناعات الموازية مثل اليود والزيت وعلف الحيوانات.

 

الفلاح الذهبي

وطالب الدولة بالوقوف مع الفلاح ووضع استراتيجية للتعامل مع المحاصيل الهامة مثل قصب السكر والبنجر والقطن والقمح والتي بإمكانها تحقيق الاكتفاء الذاتي لمصر خلال سنوات قليلة.

 

ووصف السعر الذي حددته الحكومة للقنطار بواقع 2100 و2300 جنيه بأنه غير كافي في ظل ارتفاع الأسعار بعد تحرير سعر العملة وزيادة أسعار الوقود، وأصبح المقابل المناسب للقنطار 3500 جنيه.

 

وقال "تمراز" إن مجلس النواب ستكرم الفلاح الذي تصل إنتاجية الفدان لديه إلى 10 قنطار وسيقدمه المجلس إلى الفلاحين ليستعرض تجربته ويعرفهم بأساليبه في رفع كفاءة الفدان والعوامل التي أثرت على ذلك، مشيرا إلى أن السلالات التي يقدمها معهد البحوث الزراعية تطورت، لكن ما زلنا نحتاج إلى رفع إنتاجية الفدان من 7 قنطار إلى 14 قنطارًا حسب المعدل العالمي لفدان القطن.

 

وأضاف أنه يجب قصر فترة الزراعة على المدة ما بين منتصف شهر مارس إلى نهاية شهر أبريل وهي الفترة الزمنية الملائمة لزراعة القطن لأن الزراعة بعد انتهاء أبريل تؤثر على إنتاجية الفدان وتقللها.

 

 

قفزة جديدة

وقفزت صادرات القطن المصري، بنسبة 63.9% خلال الربع الأول من الموسم الزراعي 2016-2017، وقفًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، منتصف شهر فبراير الماضي.

 

وبلغت صادرات الأقطان خلال الفترة من سبتمبر وحتى نوفمبر بلغت 202.5 ألف قنطار متري مقابل 123.6 ألف قنطار خلال نفس الفترة من العام الماضي.

 

وأرجع الجهاز هذه الزيادة إلى ارتفاع المخزون من القطن في الموسم السابق.

 

وساهمت الأزمات في إعادة إحياء زراعة القطن المصري طويل التيلة خلال الموسم الزراعي الحالي، بعد أن تراجع إنتاجه بشدة خلال السنوات الأخيرة، على رأسها تعويم الجنيه والغش التجاري لعلامة القطن المصري في الأسواق الدولية، جاء ذلك حسبما أفادت وكالة «رويترز» في تحقيق نشرته مطلع العام الجاري.

 

 

الدورة الزراعية وتراجع الإنتاجية

محمد فرج رئيس الاتحاد العام للفلاحين، أكد أن عدم تفعيل قانون الدورة الزراعية أفقد القطن نحو 90% من المساحات المزروعة خلال السنوات الماضية، وقال إن المساحة لهذا العام تقدر بنحو 200 ألف فدان فقط، مضيفا أن وقف العمل بالدورة الزراعية بدأ في 2003 والتي كان بموجبها يلتزم الفلاح بدورة معينة من المزروعات ومن يخالفها يتعرض لغرامات ومخالفات وقضايا.

 

وأضاف لـ«الهلال اليوم» أن قرار تحرير تجارة القطن والذي صدر في عام 1992 أضر بالقطن أشد ضرر فموجبه بدأت الأصناف تتحرك بين المحافظات والشركات وبدأت تخلط الأنواع والتقاوي وقلت جودة القطن في التصنيع ما أدى لانهيار سعر القطن المصري الذي كان العمود الفقري للاقتصاد في وقت من الأوقات وبعدها كان الانهيار الفعلي بدءا من عام 1994.

 

وأشار فرج إلى أن إنتاجية المحصول قلت من 12 قنطارًا على 7 قناطير فضلا عن ارتفاع مستلزمات الإنتاج والعمالة وتكلفة الجني التي تصل في القنطار الواحد إلى أكثر من ألف جنيه وبالتالي أصبح سعر 3 آلاف للقنطار غير مجز ماديا للفلاح وخاصة أن القطن من المحاصيل طويلة المدة في الأراضي فلا تقل مدته عن 7 أشهر بما يعادل ثلثي سنة زراعية ينفق عليه الفلاح ولا يحقق له هامش ربح يعوضه.

 

الإصلاح ملحة

وطالب رئيس الاتحاد العام للفلاحين، بضرورة الاهتمام بتصنيع القطن وتصديره قبل زراعته لأن سمعته جيدة في الخارج وعدد العاملين في هذا القطاع ضخم سواء في شركات الغزل والنسيج أو في الزراعة، مضيفا أن يجب الاهتمام بالشق الزراعي واستنباط أصناف وسلالات جيدة وجديدة والاستفادة من التربة المصرية عالية الجودة.

 

وشدد على أهمية توفير مستلزمات الإنتاج وتقليل تكلفة جني القطن من خلال توفير الآلات اللازمة لتلك العملية لتخيف العبء من على كاهل الفلاح، مضيفا أنه يجب تصنيع القطن أولا داخل مصر ثم تصديره كمرحلة تالية وليس العكس.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة