حوار: إيمان النجار
الإنجاب حال إصابة المرأة بالسرطان، واستئصال الرحم، والعقم.. موضوعات تحدث فيها الدكتور أسامة عزمى أستاذ الصحة الإنجابية، ورئيس شعبة البحوث الطبية بالمركز القومى للبحوث، مؤكدا أن من ٥ إلى ٨٪ من الحاصلات على علاج للسرطان يُمكنهن الإنجاب، وأن أدوية السرطان قد تحدث عُقما نهائيا لأنها تدمر خلايا المبيض، لذا قبل بدء العلاج ننصح السيدة بضرورة سحب البويضات وحفظها فى المعمل.
«عزمي» قال فى حوار مع «المصور» إن النزيف المُتكرر أثناء الولادة وبعدها والأورام وبطانة الرحم المهاجرة.. أسباب رئيسية لاستئصال الرحم، مضيفاً: أنه حتى الآن لم يتم الاعتراف بزراعة الرحم للسيدات كبديل فى حالات استئصاله.
العقم قد يحدث بسبب استئصال الرحم.. ما هى الحالات التى يحدث فيها ذلك؟
استئصال الرحم يتم فى عدد من الحالات منها، ما قد يحدث فى سن صغيرة، ومنها حالة تتعرض لنزيف شديد أثناء الولادة، فيكون الحل هو الاستئصال لإنقاذ حياة المريضة، أيضا حالات نزيف ما بعد الولادة تقريبا تصل لنحو واحد فى الألف، منها حالات تصل لمرحلة الاستئصال، ممكن تصل إلى ١٠أو ١٥ حالة سنويا بمعدل واحد فى المليون تقريبا، والأورام سبب آخر لاستئصال الرحم بمختلف أنواعه. سرطان مبايض أو رحم أو عنق الرحم حسب الحالة أمام الطبيب المعالج، وبطانة الرحم المهاجرة هى الأخرى سبب لاستئصال الرحم، لكنها منتشرة فى الخارج أكثر، أو فى حالات ما بعد سن الأربعين مثلا، وتعرض السيدة لـ»لخبطة» فى الهرمونات وتعرضها لنزيف متكرر، وغالبا ما تكون قد أنجبت من قبل.
زراعة الرحم.. هل حل بديل لاستئصال الرحم؟
زراعة الرحم عندما نتحدث عنها، فمن المهم أن نشير إلى أن أحد المشاركين فى الفريق السويدى الأسترالى الذى أجرى أول عملية زراعة الرحم فى العالم، وهو الطبيب المصرى أشرف حنفى يقيم فى أستراليا منذ ثلاث سنوات، وحتى الآن لم يتم نشر تجربة أخرى ناجحة حتى الآن، فمن الممكن أن تكون هناك محاولات، لكن لم تنجح، لأنها عملية صعبة ويرتبط بها أمور تتعلق بهل التبويض يصل للرحم؟، وهل الجسم تقبل العضو الجديد؟، وما تأثير الأدوية على الحمل؟، أيضا هناك كلام حول تأثير الرحم المزروع على الجنين وتغذيته وهل سيؤثر على كرموزمات الجنين؟.. كلها عوامل تؤخر مسألة الاعتراف بزراعة الرحم، فحتى الآن لم يمكن طرحها كبديل للسيدات فى حالات استئصال الرحم على سبيل المثال.
تحديدا.. ماذا عن العقم بسبب السرطان؟
بداية جزء من علاج السرطان هو العلاج الجراحى، وهنا قد تأتى الإصابة فى أجزاء الرحم أو المبايض، ويتم استئصال الرحم أو المبيض وتفقد المرأة فرص الإنجاب، وبالنسبة لعلاج السرطان عموما يحدث لدى السيدات عقما أو فشلا فى المبيض فى الغالبية العظمى، لكن النسبة الأقل وتتراوح من ٥ الى ٨٪ فقط من السيدات التى تعرضت لعلاج السرطان سواء العلاج الكيماوى أو الإشعاعى، يمكنها الإنجاب، لذا يتم إخبار السيدات من البداية أن احتمال فشل المبيض وتوقفه عن العمل، وبالتالى العقم هو النسبة الأغلب.
وما أسباب العقم؟
العقم رغم أنها كلمة عربية، لكنى أفضل لفظ تأخر الإنجاب، فلفظ العقم يُطلق على مجموعة من السيدات أزيل من عندهن الرحم، أو توقف عمل المبيض لديهن لأى سبب، أو أن الرجل نفسه ليس لديه حيوانات منوية، لكن أغلب الحالات ليست من هذه النوعية، لكن الأغلب لحالات تأخر الإنجاب ونحددها بسنتين بعد آخر حمل أو إجهاض وهذه المدة من بدء الرغبة فى الإنجاب، أو سنة فى حالات عدم الإنجاب سابقا مع اشتراطات تتعلق بتواجد الزوج، والنسبة العالمية لتأخر الإنجاب تتراوح من ٧ إلى ١٠٪ من السيدات فى سن الإنجاب.. كل مليون سيدة فيهن ٧ آلاف سيدة عندهم مشكلة فى حدوث الحمل، ولدينا نحو ١٢ مليون سيدة فى سن الإنجاب، وبهذه النسبة يكون لدينا سنويا نحو من ٦٠ الى ٧٠ ألف حالة «زوجين» تُعانى من مشكلات تأخر الإنجاب، لأن من ٤٠ الى ٥٠٪ منها يكون السبب متعلقا بالزوج، والنسبة المتبقية بالزوجة.. وأسباب تأخر الإنجاب التى تتعلق بالزوج منها، ضعف الحيوانات المنوية وضعف حركتها، وقلة عددها، ووجود التهابات أو دم أو صديد فى السائل المنوى، وهذا تتم معرفته بالتحاليل، وهناك نسبة قليلة من الحالات لا يكون لديها حيوانات منوية، وهذا يكون نتيجة انسداد فى الحبل المنوى أو فشل فى الخصية.. بالنسبة للزوجة هناك أربعة أسباب رئيسية لتأخر الحمل أشهرهم، ضعف التبويض أو نتيجة انسداد قناة فالوب، وعدم قدرة جدار الرحم على استقبال البويضة الملقحة، أو وجود بعض الأجسام التى قد تؤدى إلى طرد الحيوان المنوى أو قتله أو منعه من الحركة، وعدم التقاط البويضة داخل الرحم بعد تلقيحها، وهناك بعض الأجواء المحيطة بالحوض مثل الرحم والأنابيب أو الرحم أو المبيض غير ملائمة لحدوث الحمل مثل التهابات أو بطانة الرحم المهاجرة.. كل هذا الأسباب يتم اكتشافها بمختلف وسائل التشخيص من تحاليل وأشعة، بعد كل هذه الأسباب من الممكن أن نجد زوجين ليس لديهم هذه لأسباب ولا يحدث الحمل، ونسبتهم تتراوح من ٥ الى ٧٪ من الحالات التى تعانى من تأخر الإنجاب.
وهل معدلات العقم فى تزايد؟
ليس هناك زيادة فى نسب تأخر الإنجاب، بالعكس معدلات الخصوبة فى تزايد، لكن نتيجة زيادة معدلات الإنجاب ووسائل التواصل الاجتماعى والتوعية الصحية، أصبحت الناس تلجأ أكثر للأطباء، وبدأوا يسألون بعد ستة أو أربعة أشهر بعد الزواج عن الإنجاب، وزيادة التردد على الأطباء يعكس الوعى الصحى وليس زيادة معدلات العقم، لكن قد يكون هناك تغير فى أسباب تأخر الحمل، فمثلا أصبح من الشائع زيادة نسبة الرجال الذين يعانون من مشاكل فى الحيوانات المنوية، وضعف التبويض بالنسبة للسيدات كسبب يتزايد لأسباب قد تتعلق بالتلوث أو نوعية الأطعمة أو الضغط النفسى فى العمل والمنزل وسرعة إيقاع الحياة، مع الأخذ فى الاعتبار أن الحمل عملية بيولوجية تتأثر بشدة عند الطرفين بالحالة النفسية، مثلا الالتهابات التى كانت موجودة بكثرة كسبب لتأخر الحمل، قلت عن ذى قبل، ذلك لأن المضادات الحيوية والعلاجات أكثر قدرة على التعامل معها.
وما علاقة العقم بالأمراض الأخرى؟
توجد بعض الأدوية مثل، أدوية القولون وارتجاع المرئ وبعض الأمراض النفسية تؤثر على عملية التبويض وتؤثر على السيدات أكثر منها فى الرجال، لكن فى حالة توقف الدواء تعود البويضة للعمل، بخلاف حالات أدوية السرطان سواء كيماويا أو إشعاعيا لأنها قد تحدث عقما نهائيا لأنها تدمر خلايا المبيض، لذا قبل بدء علاج السرطان لمدة طويلة ننصح السيدة فى حال أنها لم تنجب بضرورة سحب بويضات وحفظها فى المعمل أو عينة من نسيج المبيض نفسه، وعندما ينتهى العلاج تستطيع استخدامها مرة أخرى فى حال عودة المبيض للعمل، أو استخدامها بالحقن المجهرى فى حال رغبتها، وهذه كتقنية موجودة فى مصر منذ أكثر من عشر سنوات، لكن للأسف كثيرا من الأطباء خاصة أطباء الأورام ليس لديهم الوعى الكافى بهذه النقطة فما يركز عليه علاج الورم بمختلف الوسائل حسب كل حالة، دون إعطاء أهمية لهذه النقطة لتجد السيدة بعد سنوات من العلاج غير قادرة على الإنجاب، فالسيدة على الأقل يجب يكون لديها اختيار بالاحتفاظ بفرصة للحمل بإخبارها بهذه التقنيات وهذا دور الأطباء، ومدة الحفظ للبويضات أو نسيج المبيض تصل لنحو عشر سنوات وهذه مدة كافية لإنهاء العلاج، ويوجد لدينا مراكز كافية خاصة أننا نتحدث عن فئة تتعرض للعقم ونسبة منها قد تكون لم تنجب من قبل أو تريد الإنجاب مرة أخرى.. بالنسبة لأمراض أخرى مثل الروماتيود والإيدز وغيرها من الأمراض، الأمر يتعلق بتأثر نشاط المبيض طوال فترة العلاج ثم العودة للعمل بعد توقف العلاج، وسوف تظل مشكلة التأثير السلبى للعلاج الكيماوى أو الإشعاعى لحين استخدام العلاجات الموجهة للخلية المصابة دون تأثر باقى الخلايا.
سمعنا عن بيع البويضات والحيوانات المنوية على مواقع التواصل الاجتماعي؟
هذا الكلام غير مسموح به على الإطلاق سواء من الناحية الدينية أو القانونية، فهذا نوع من اختلاط الأنساب، فلكى تكون عملية الحقن المجهرى «أطفال الأنابيب» عملية مسموحا بها، يجب توافر عدة شروط منها، أن تكون هناك علاقة زوجية بين الزوج والزوجة، وأن تكون الحيوانات المنوية من الزوج والبويضات من الزوجة، وألا يتم استخدام مواد بيولوجية أو كيميائية من أى إنسان آخر من أجل إنجاح عملية التخصيب، وأن يتم إرجاع الجنين داخل رحم الأم، وألا يتم استخدام أجنة من شخص آخر، وأن تكون العلاقة الزوجية قائمة بين الزوجين أثناء عملية الحقن المجهرى وفى بعض الحالات يتم الرجوع لدار الإفتاء والأزهر، كأن يكون الزوج توفى فى الفترة ما بين سحب العينات وإرجاع الجنين، لكن فى المقابل توجد حالات تلاعب فى الخفاء، فالقانون يجرم مثل هذا الأفعال، ولابد من تشديد الرقابة على مراكز الحقن المجهرى والتأكد من توافر الشروط ومنها توفر الرقم القومى ووثيقة الزواج والتواريخ المحددة، لأنه وارد أن يحدث تلاعب فى إحضار الزوج مثلا لسيدة أخرى غير الزوجة للحصول على البويضات منها، لكن أعتقد أنه لو حدث ذلك فيكون بالاتفاق بين الطبيب والمركز والحالة.. وهنا الرقابة هى الحل كما هو الحال فى زراعة الأعضاء وما يحدث فيها من تلاعب.
وماذا عن الجديد فى علاجات العقم؟
التشخيص أصبح أكثر دقة، والأسباب أصبحت معروفة بدرجة أكبر، والعلاجات أو الأدوية المتوفرة أصبحت بتقنية أعلى وفعالية أكبر، صحيح أن سعرها أغلى مع ارتفاع الأسعار الأخير وفى بعض الكورسات العلاجية تصل الحقنة الواحدة الى ١٥٠ و٢٠٠ جنيه، ومكن السيدة تحصل على ٣٠ أو ٤٠ حقنة، بخلاف الأدوية الأخرى، فالكورس العلاجى يتراوح من ٦ إلى ١٠ آلاف جنيه كأدوية فقط ما بين الزوج والزوجة.. بالنسبة للحقن المجهرى هناك تقنيات أكثر فعالية من حيث البروتوكول المستخدم للتنشيط، ونسبة نجاح حدوث تلقيح البويضات خارج الرحم تصل الى ٩٠ أو ٩٥٪، ومتابعة الأجنة داخل الحضانات أصبحت أفضل، ونسبة حدوث الحمل ارتفعت من نحو ٥ أو١٠٪ عند بدء عمليات الحقن المجهرى، لتصل إلى ٤٥ و٦٥٪ على مستوى العالم كله ومصر ليست متأخرة عن هذه النسبة، ونسبة الفشل واردة وتكرار العملية وراد أيضا فى النسبة المتبقية، والأسباب الرئيسية لفشل عملية الحقن المجهرى تعود لعامل السن، فعامل السن مهم جدا، فنسب حدوث الحمل تقل فى أواخر الثلاثينات، وعدد البويضات المخزونة داخل المبيض، والحيوانات المنوية وقدرتها على الإخصاب، ووجود تمدد أو صديد أو سائل داخل قناة فالوب والعامل الأخير يؤثر على ثبات الأجنة داخل الرحم بنسبة كبيرة، وكل عامل من هذه العوامل له طريقة فى التعامل والعلاج وكيفية تجنبها ما عدا عامل السن لا يمكن التعامل معه، إلا فى حالة واحدة أن تكون السيدة احتفظت بالبويضات فى سن صغيرة.
وماذا عن خطورة المنشطات؟
مخاطر الأدوية المنشطة أنها تحدث مرض نشاط زائد فى المبيض وممكن تصل الحالة الى أن تدخل السيدة للمستشفى لعلاج الأمر، وقد يصل للوفاة بنسبة حالة لكل مائة ألف، وهذا يحدث غالبا مع الجُرعات العالية أو مع الحالات التى تعانى من تكيس على المبيض، وبعض الأدوية قد تحدث اضطرابا فى المعدة، واضطرابا فى القولون أو «زغللة» فى العين، لكن هذه الآثار تنتهى بعد وقف العلاج بدون تناول علاجات أخرى، لكن فى المقابل لا تقلل مخزون المبيض، ولا تؤدى هذه المنشطات لحدوث الإصابة بالسرطان، وهؤلاء السيدات اللاتى يحصلن على المنشطات تكون نسبة الهرمون الأنثوى عالية خاصة للحالات التى تعانى من ضعف التبويض، ويكون أكثر عرضة للإصابة بالسرطانات، لكن ليس بسبب المنشطات بل بسبب المرض الموجود من الأساس وهو خلل فى الهرمون الأنثوى.