يحل اليوم رئيس الوزراء اليابان فوميو كيشيدا ضيفًا على القاهرة، من خلال سلسلة من اللقاءات الرسمية، التي يبدأها من مصر، في مستهل جولته التي تمتد من الشرق الأوسط إلى قلب أفريقيا، فاليابان تنظر لمصر باعتبارها محور العلاقات الدبلوماسية مع دول المنطقة.
وأعرب سفير اليابان بالقاهرة أوكا هيروشى، عن سعادته البالغة بزيارة رئيس الوزراء اليابانى، لمصر، وذلك في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها مصر واليابان لتحقيق التنمية المستدامة والتعاون الإقليمي والدولي، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
زيارات ممثلي اليابان في عهد الرئيس السيسي
ولا تعتبر زيارة «كيشيدا» أول زيارة رئيس وزراء ياباني إلى مصر خلال السنوات الأخيرة، إذ سبقه إلى ذلك رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي، وكانت أولى زياراته في يناير 2015، بعد أشهر قليلة من تولي الرئيس السيسي رئاسة مصر.
ثم قام الرئيس السيسي بالرد في أواخر شهر فبراير عام 2016، بزيارة رسمية إلى اليابان، كانت الأولى له، وفي نفس الشهر، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي مع شينئيتشي كيتاوكاشينئيتشي كيتاوكا رئيس الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (چايكا).
وقد رحب الرئيس السيسي بالتعاون مع اليابان في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، منوهًا إلى أن مصر تولي هذا المجال اهتمامًا كبيرًا، فضلاً عن بحث أبرز القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وأشار الرئيس إلى أن الفرصة متاحة أمام اليابان لتنفيذ مشروعات كُبرى في مجال الطاقة المتجددة بمصر تعكس مساهمتها الكبيرة لمعالجة الآثار السلبية الناجمة عن تغير المناخ.
عمق العلاقات بين مصر واليابان
وتربط البلدين علاقة وثيقة تعود إلى القرن التاسع عشر، عندما بدأت أول بعثة ساموراي في النزول إلى مصر عام 1862، وعمق من هذه العلاقة اعتراف اليابان باستقلال مصر وبدأت بذلك علاقات حديثة بين البلدين عام 1922، ويستقر الآن في مصر عدد كبير من اليابانيين، إضافة إلى زيارات لا تنقطع بأعداد كبيرة متبادلة، ففي عام2009 زار مصر حوالي 90000 ياباني؛ وزار اليابان حوالي 3500 مصري عام 2007.
وتاريخيًا ثمة علاقات ودية تمثلت في العديد من الزيارات التي يقوم بها كبار الدبلوماسيين من البلدين، وخاصة زيارة رئيس الوزراء الياباني تومي-إتشي موراياما إلى مصر عام 1995، وزيارة الرئيس الراحل محمد حسني مبارك إلى اليابان في مناسبات مختلفة خلال أعوام 1983 و1995 و1999.
التعاون التجاري والاستثماري
ويحتفظ البلدان بتعاون جاد ومدعوم بعلاقات اقتصادية وتجارية قوية، فبين عامي 1998 و 2002، قدمت اليابان مجموعة من القروض والمنح لمصر تتجاوز قيمتها 3.5 بليون دولار أمريكي، كما قدمت اليابان سيارات إسعاف وجسر ومركز الزوار لمنطقة وادي الملوك.
وتعمل 107 شركات يابانية في مصر بمجالات عدة تتضمن العديد من الأنشطة الاستثمارية، لاسيما الصناعات الهندسية، والمعدنية، وصناعة السيارات، والأدوية، والمنتجات الغذائية، والبنية التحتية، والسياحة، وتكنولوجيا المعلومات، بالإضافة إلى الاستثمار في الخدمات المالية.
واستثمر الجانب الياباني في المنطقة الاقتصادية بقناة السويس، إذ تم الاتفاق معه ، على إنشاء مجمع مصانع على مساحة 20 ألف متر مربع باستثمارات يابانية مباشرة 10 ملايين دولار لإنتاج مستلزمات تعقيم، ومستحضرات التجميل اليابانية وفقا للمواصفات اليابانية، وسيوفر ذلك المشروع نحو 1500 فرصة عمل.
التعاون في مجال التعليم
وينشط في مصر حاليًا عدد من المدارس المصرية اليابانية، والتي تبلغ 51 مدرسة في 26 محافظة، بها 147 طالبا من ذوى الهمم، و 2000 معلم ومعلمة ومدير ووكيل وإداري، و11850 طالبا وطالبة بالصفوف الدراسية الأولى.
وتحاول هذه المدارس تطبيق النموذج الياباني من الأنشطة التعليمية “توكاتسو” ، والتي تركز على بناء شخصية الطفل المتمثلة في سلوكياته ومهاراته وقيمه واتجاهاته بنفس درجة الأهمية لتنمية معارفه ومعلوماته ومهاراته العقلية.
التعاون لدفع جهود المجتمع الدولي
وتتسم علاقة البلدين بالتوافق، فكلاهما يؤمن بضرورة تعزيز السلام العالمي من خلال دفع جهود المجتمع الدولي نحو حل الصراعات بالطرق السلمية، خاصة مع ما يمر به العالم من أزمات وتحديات ضخمة، تفرض على الجميع التعاون بدلًا من الانقسام والصراع، من خلال العديد من المؤتمرات، وبحث سبل التهدئة لما يدور إقليميا (أحداث السودان- والقضية الفلسطينية)، وعالميًا (أزمة روسيا أوكرانيا)، ما يمثل نفس موقف مصر الهادف لمجتمع سلمي آمن على الصعيد المحلي والعالمي.
وكان رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا عقد مباحثات ثنائية وموسعة مع العاهل الأردني، عقب الأحداث المثارة مؤخرًا على هامش مداهمة قوات الاحتلال الصهيوني القدس وبعض الأراضي الفلسطينية، مؤكدًا الحاجة الملحة لوقف جميع الإجراءات أحادية الجانب التي تنتهك الوضع التاريخي والقانوني القائم في المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس.
ودعت اليابان منذ فترة ليست بعيدة الصين إلى لعب «دور مسؤول» في ضمان السلام والأمن في أوكرانيا، بعد أن قالت الولايات المتحدة إن بكين تدرس توريد أسلحة إلى موسكو، وتحاول اليابان دائمًا ما تحاوله مصر من وقف كل سبل الحرب مهما كانت أسبابها.
اليابان تكرم مجموعة من المسؤولين المصريين بوسام الإمبراطور
وقد كرمت الحكومة اليابانية، مجموعة من المسؤولين المصريين بوسام الإمبراطور، ولم تنس دورهم في تعزيز العلاقات اليابانية، فحصل عمرو موسى، وزير الخارجية الأسبق والأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، على هذا التكريم لمساهمته في تعزيز العلاقات اليابانية المصرية كوزير للخارجية المصرية على مدى فترة طويلة بداية من عام 1991 وحتى عام 2001.
وتم تكريم كل منى أحمد، وكيل أول وزارة التعاون الدولي، ومديرة مكتب آسيا سابقًا، وطارق السيد محمد، رئيس جمعية أوراسينكي تانكوكاي مصر، وفرج بركات السيد بركات مدير العلاقات العامة ومدرس اللغة العربية بالمدرسة اليابانية بأبو ظبي، على وسام إمبراطور اليابان؛ تقديرًا لمساهماتهم الكبيرة في تعزيز العلاقات وتوطيد أواصر الصداقة بين اليابان ومصر.