كتب: خليل زيدان
قد لا يعلم الكثيرون أن أيقونة الطيبة في المسرح والسينما المصرية الفنان حسن فايق بدأ حياته منولوجست، وهو يجيد الغناء وأيضاً صيدلي بارع.
ورغم خبرته الطبية، فقد ظل أسيراً للمرض طيلة 15 عاماً.
في ذكرى رحيل صانع البهجة، “أبو ضحكة جنان” نلقي الضوء على مشواره الفني وجوانب من حياته الشخصية.
بدأ شغف الطفل حسن فايق بالفنون من خلال جلسات الطرب التي عاشها في طفولته، فقد كان الشيخ سلامة حجازي من أصدقاء والده، وبدأ الطفل الذي اتسمت حياته بالمرح والابـتسامة الدائمة في حفظ أدوار الشيخ سلامة وتقليدها، وعند نيله الشهادة الابتدائية، أقام له والده حفلاً أحضر فيه فرقة عكاشة، وأشاد الجميع بموهبة الطفل حسن المحتفى به عندما قدم بعض أدوار الشيخ سلامة حجازي في الحفل.
في السادسة عشرة من عمره، بدأ حسن فايق احتراف الفن من خلال انضمامه لفرق الهواة في التمثيل، وبعد عدة تجارب قرر أن يكوّن فرقة من الشباب الذي يهوى التمثيل ، منهم حسين رياض وعباس فارس وزينب صدقي، وشارك حسن معهم بالتمثيل والغناء، فقد كان بارعًا في تأليف المنولوجات الساخرة وتلحينها، وأصبح ممثلاً ومنولوجست تنتقد أعماله سلبيات المجتمع آنذاك، منها البطالة وشرب الخمور وتعدد الزوجات وغيرها من السلبيات.
مع اندلاع ثورة 1919، بدأت جموع الفنانين المشاركة في الثورة، فعكف حسن فايق على تأليف وإلقاء المنولوجات الثورية التي تندد بمساوئ الاستعمار، وأصبح من رموز الثورة بين الجماهير التي كانت تحمله على أعناقها، ليلقي أشعاره المنظومة وجُمله الثورية التي تلهب حماسهم، وقد أصيب حسن بنزلة برد حادة أقعدته في الفراش، وأصبح مكانه بين الثائرين خاويًا، وقد وصل إلى مسامع سعد باشا زغلول حماسة الشاب حسن فايق ومدى تأثير منولوجاته في الجماهير، وأن الحماسة خمدت بين الجماهير بسبب غيابه، فأرسل له سعد باشا يستدعيه ليستعيد دوره كصوت للثائرين.
التحق حسن فايق بعدة فرق مسرحية منها فرقة الريحاني وفرقة رمسيس ثم فرقة إسماعيل يس، وعند ظهور السينما كان من أوائل المشاركين، فقد شارك في فيلم أولاد الذوات عام 1932 وحصل على دور أكبر في فيلم عنتر أفندي عام 1935، وفي العام التالي، شارك في فيلمين وهما “بسلامته عايز يتجوز” مع نجيب الريحاني وفيلم “أبو ظريفة” وهكذا بدأت رحلة حسن فايق في السينما حيث يُعد من نجوم الصف الثاني.
وقد تم تصنيفه من رموز الخير والطيبة لأن ملامحه وطباعه ساعداه على أن يكون باعثاً للبهجة ورمزاً للمرح في الأعمال المسرحية والسينمائية، حتى إنه اشتهر بضحكة مميزة اقتبسها من أحد البشوات الذين دأبوا على مشاهدة مسرحياته باستمرار.
بلغت أعمال حسن فايق الفنية حوالي 166 عملاً ما بين المسرح والسينما، وكانت آخر مشاركة له في السينما في فيلم “معبودة الجماهير”، ولم يتمكن بعد ذلك من ممارسة أي عمل بسبب إصابته بشلل في ذراعه الأيسر، حيث قضى ما بقي من حياته مابين منزله والمستشفى للعلاج بها، ولا يعرف الكثيرون أن حسن فايق قد افتتح صيدلية بالقرب من منزله، كان يقضي بها الأيام الخوالي التي لا يعمل بها في الفن، فقد كان يجيد صنع التركيبات الدوائية، ومن الطريف أنه جاء إليه أحد المرضى يطلب منه دواء لا يوجد بالأسواق، فبحث عنه حسن في صيدليته ولم يجده، فما كان منه إلا أن وعد الرجل بأنه سيوجد له الدواء، وبالفعل ذهب بنفسه إلى إحدى شركات الدواء وأحضر له طلبه وقد كلفه مشوار البحث عن الدواء حوالي خمسة جنيهات، بينما كان سعر الدواء عشرين قرشًا، تلك كانت الأخلاق النبيلة لفنان أسعد الجماهير في السينما وفي الواقع.