الأربعاء 26 يونيو 2024

بابا قالي امشي شمال

17-1-2017 | 20:57

البيت يمثل لكل أسرة قلعة الأمان.. غرفها مجزئة إلى حنان واهتمام ورعاية واحتواء وغرز قيم ومبادئ وتعليم الدين وسلوكياته، فإذا فرغت غرفة من تلك الغرف اختلت القلعة كلها.

وإذا فقدت القلعة أحد أعمدتها عانت سكانها من الانهيار، فكثيراً ما كان السبب يرجع للأنانية والجحود والإهمال وتبادل الأدوار وإلقاء المسئولية، كل طرف على ظهر الآخر وخلق حجج للهروب من الدور الأساسي تجاه الأسرة والأبناء، بداية من أول يوم زواج حتى استكمال الرسالة والوصول بالأبناء ثمار العمر لبر الأمان.

فمثلما تحث الأديان السماوية على طاعة الوالدين وبرهم تحث أيضاً على رعاية الأبناء والاهتمام بهم، فلم يكن المال هو كل ما تحتاجه القلعة لتظل عاتية القوام مبهرة للناظرين، فأسوة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، كان يفرح لولادة أبنائه وأحفاده ويحبهم ويمازحهم، رغم انشغاله بنشر الإسلام وتبليغ الدعوة والغزوات، فقد كان شديد الحرص على تربيتهم وتنشئتهم على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور وتدريبهم على الأنشطة البدنية لتقوي أجسامهم وتصلب أعوادهم ليذهب عنهم الخمول والكسل، فكان يرُكب الحسن والحسين على ظهره قائلاً: "نعم الجملُ جملُكما", "ونعم العادلان أنتما".. ويقول أيضاً: "من كان له صبي فليتصابى له"، كما أن حبيب الله كان يربي أبناءه على العادات الصحية السليمة ويقدم لهم الرعاية والإرشاد ودعا إلى تقليم الأظفار, واستعمال السواك, وغسل اليدين قبل الطعام وبعده, الامتناع عن التنفس في الإناء, البعد عن الشراهة والتخمة، كما دعا إلى النوم على الشق الأيمن.

هكذا كانت تربية سيدنا محمد سيد الخلق لأولاده وأحفاده، فالسؤال هنا اليوم يكون للأباء والأمهات: ماذا تقدمون لأبنائكم لتحصدوا منهم ما تريدون من ثمار طيبة تفتخرون بها ويفتخر بها المجتمع؟

أجابت الدكتورة "سامية خضر"، أستاذ علم الاجتماع كلية التربية جامعة عين شمس، بأن منظومة المجتمع بأكملها تحتاج للتغيير وإعادة النظر والسيطرة بدايةً من المنزل مروراً بالمدرسة والنادي والإعلام، فالأجيال الحالية مظلومة مع الظروف الاقتصادية وانشغال الآباء بالتصدي لها بالإضافة أنهم يحتاجون لقدرات تؤهلهم لتربية النشء وأول ما يقابله الأطفال صراخ الأم في وجههم وسبهم بالشتائم بدلاً من الطبطبة وتفهم المواقف واحتوائها وتوجيههم بأسلوب هادئ توعوي.

فالطفل يحتاج لأم حديد وأب سعيد يستطيع أن يحاكي الأم والأطفال، إلى جانب عمله وأصدقائه، ليعدا إنسانًا سويًا متوازنًا يواجه الدراما والأفلام الهدامة للأخلاق. لقد غابت، للأسف، البرامج التي كانت تضيف لعقولنا وسلوكنا مثل (بابا شارو, أبلة فضيلة) ونفتقد للكارتون المصري.

وتعد مرحلة المراهقة أصعب المراحل لما بها من تغيرات فسيولوجية تمر على الجنسين، وفي الغالب البنت تميل أكثر للأب، فهنا يقع الخطر إذا كان الأب يتجاهل هذه المرحلة ويعطي لها الفرصة أن تبحث عن الاهتمام والدلال مع أقرب شاب يدق باب قلبها الذي يحب ويكره بقوة في هذه المرحلة، كذلك الشاب وتأثره بأصدقائه والمجتمع الخارجي، كلاهما يحتاجون إلى الرقابة بشكل غير مباشر لضمان وجود ثقة متبادلة.