الجمعة 3 مايو 2024

إدارة التحول الرقمي للدولة المصرية في ظل الجمهورية الجديدة (1)


د. شريف درويش اللبان

مقالات1-5-2023 | 20:33

د. شريف درويش اللبان

يمثل مسمي "الجمهورية الجديدة" انطلاقاً نحو عالم التحول الرقمي في ظل بناء مصر لقدراتها الرقمية وتطور بيئة الأعمال ووضع أسس مجتمع المعرفة، إيماناً باعتبار التقنيات الحديثة بوابة للازدهار الاقتصادي، وتسعى الحكومة متمثلة في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى بناء مصر الرقمية والوصول إلى مجتمع مصري يتعامل رقميًا في كافة مناحي الحياة، ولذلك تعمل على تعزير تنمية البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتحسين الخدمات الرقمية في الجهات الحكومية، وذلك لتحسين أداء الوزارات والهيئات الحكومية الأخرى، ورفع جودة الخدمات وكفاءتها من خلال تحسين بيئة العمل، وقد أثبتت أزمة جائحة كورونا أهمية جهود الانتقال إلى "مصر الرقمية"، التي أسهمت في تخفيف حدة تداعيات الجائحة، واستدامة المعاملات المالية والحكومية من خلال التوظيف الأمثل للتكنولوجيا المتطورة، وتوطين التجارب الدولية المتميزة في تطبيق الأنظمة الرقمية، على نحو العالمي في الانتقال من بيئة العمل الورقية إلى النظم الإلكترونية.
كما أن فكر الجمهورية الجديدة يعنى وجود دولة جديدة بمواصفات جديدة، تحتاج إلى بنية أساسية في كافة الخدمات وتتناسب مع توجهات الفترة الراهنة، فإن هذا الفكر يرتكز على نمط جديد تعتمد عليه الجهات الحكومية فيما يتم تقديمه من خدمات للمواطنين، على أن تكون أدوات ونظم تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصالات هي العامل المشترك في كل ما يتم إتاحته من خدمات حكومية سواء في خدمات النقل أو الطرق أو الإسكان أو الصناعة أو الزراعة وغيرها من قطاعات الدولة المختلفة، الأمر الذي يتطلب بنية تحتية قوية تتحمل أعباء هذا التغير نحو نهضة وتنمية المجتمع المصري.
 وهذا هو الأمر الذي يتم تطبيقه حالياً بمنتهى الكفاءة على أرض الواقع، وذلك في ضوء خطة الدولة للتحول الرقمي في كافة المجالات مثل الطرق والكباري الزراعة والكهرباء والطاقة والقضاء وميكنة القطاعات الحكومية والخدمية، بشكل يتناسب مع توجهات الجمهورية الجديدة التي تنفذها الدولة حالياً.
وتماشيًا مع خطط الدولة التوسعية لاستخدام المنظومة الرقمية والابتكارات التكنولوجية فى شتى مناحي الحياة، بما حقق التقدم الرقمي فى ظل الجمهورية الجديدة، جاءت أهم أهداف التحول الرقمي للدولة المصرية في توفير منصة رسمية للخدمات الحكومية، تمكن المواطنين والجهات المختلفة من الوصول إليها عن طريق إتاحة هذه الخدمات في منصة موحدة (منصة مصر الرقمية)، لذا سعت الدراسة الحالية إلي التعرف علي كيفية استغلال الدولة المصرية للمواقع الإلكترونية الرسمية في عملية التحول الرقمي.
وقد فازت مصر مؤخرًا بجائزة التميز الحكومي العالمية عن فئة التحول الحكومي الرقمي ممثلاً في مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، وذلك في ختام فعاليات القمة العالمية للحكومات بدبي لعام (2023)، وأكد د. عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن عملية انتقال الحكومة المصرية للعمل بالعاصمة الإدارية الجديدة يمثل نقلة نوعية في الأداء الحكومي لتصبح حكومة ذكية تشاركية لا ورقية. وذلك بعد اختيار العاصمة الإدارية الجديدة لتكون العاصمة الرقمية العربية لعام (2021)، حيث إنها جهود تحقيق التطوير المؤسسي الرقمي، والتحول الرقمي، وتنمية المهارات والقدرات الرقمية، وتحفيز الإبداع الرقمي في بيئة ذكية ومتكاملة ومتجانسة.
وحرصت الدولة على تهيئة وخلق البيئة الرقمية للعاصمة الإدارية الجديدة بدءاً من البنية التحتية مروراً بالأنظمة والتطبيقات التي يستخدمها الموظف، وصولاً لتأهيل العاملين لاستخدامها، فضلاً عن تنمية وبناء القدرات الرقمية للعاملين بالوزارات والجهات المنتقلة. 
ويُعد ذلك التميز الذي حظيت به الدولة المصرية في مجال التحول الرقمي دولياً وعالمياً، هو ثمار الجهود الذي قامت به وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نحو مشروعاتها لبناء مصر الرقمية من خلال  تنفيذ عدد ضخم من المشروعات بالتعاون مع قطاعات الدولة لرقمنة الخدمات الحكومية، وتحقيق التحول الرقمي في كافة القطاعات.

وتعد "منصة مصر الرقمية" أحدث أدوات الدولة المصرية ضمن جهودها في ملف التحول الرقمي، فقد تم إطلاق منصة مصر الرقمية رسمياً كتطبيق عملياً لفكر الجمهورية الجديدة؛ وهى منصة للتيسير على المواطنين في إنجاز خدماتهم الحكومية "أون لاين" بسهولة ويسر، تحتوي علي (168 خدمة حكومية رقمية)، مشروع مصر الرقمية يتميز عن غيره من المحاولات السابقة للدولة لميكنة الخدمات الحكومية بتوافر الإرادة السياسية من أجل تقديم الخدمات للمواطنين بسهولة ويسر، علاوة على المتابعة الدورية من رئيس الدولة شخصيًا لجميع تفاصيل المشروع، وتوجيهه الدائم بسرعة تنفيذ المشروع بأعلى معايير الجودة والكفاءة.
كما تعتمد أغلب مشروعات التحول الرقمي على المواقع الإلكترونية، كواجهات عامة لتقديم الخدمات، والتي تحاول الربط بين الأنظمة وقواعد البيانات الحكومية، ومراكز البيانات عبر الشبكات الرقمية، واستكمالا لما بدأه الباحثين سابقًا في دراستهم عن منصة مصر الرقمية وتحليل كلٍ من الصفحة الرسمية للمنصة على موقع فيسبوك/ والحساب الرسمي للمنصة على موقع تويتر لمدة سبعة أشهر كاملة في الفترة الزمنية (1/7/2021 – 31/1/2022)، شملت المنشورات والتغريدات المنشورة خلال هذه الفترة، وتعليقات المستخدمين عليهما، وذلك للتعرف على مدى الاتفاق والاختلاف بين هذه المواقع في عرضها للخدمات الحكومية المختلفة، وتوظيف أشكال الاتصال الحكومي الإلكتروني، والتفاعل المتواجد عليها.
في هذا الإطار تبلورت مُشكلة الدراسة المهمة التي أجرتها الباحثتان د. هناء حسين قرني المدرس بشعبة الإعلام قسم الاجتماع كلية البنات - جامعة عين شمس و د. آيَةُ طَارِقَ عَبْدُ الهَادِي سِيدَ المُدرس بقسم الإعلام المرئي والمسموع بالمعهد  الكندي العالي لتكنولوجيا الإعلام الحديث CIC في "كيفية استغلال الدولة المصرية للمواقع الإلكترونية الرسمية في عملية التحول الرقمي"، ولهذا فقد سعت الدراسة إلى تحقيق هدف رئيس تمثل في رصد وتحليل الخدمات التي تُوفرها المواقع الرسمية التابعة لمنصة مصر الرقمية (محل التحليل) للمواطنين، وطريقة الحصول عليها، والجهات الحكومية المتواجدة على هذه المواقع، وإمكانيات الدعم الفني التي تُوفرها هذه المواقع، والوسائل الاتصالية المُتاحة عليها.
وتُعد هذه الدِرَاسَةِ من الدِّرَاسَاتُ الوصفية وتعتمد على المسح الوصفي Descriptive Survey بهدف وصف وتحليل الموقع الإلكتروني الرسمي لمنصة مصر الرقمية وما يحتويه من خدمات يوفرها للمواطنين، وذلك لأن هذا المنهج يشرح ما هو قائم بالفعل في اللحظة الراهنة.
وقد استخدمت الباحثتان أداة المُلاحظة Observation أثناء تحليلها للمحتوي Content المُتواجد بالفعل على الموقع الرسمي التابع لمنصة مصر الرقمية. 
وتمثل مجتمع الدِرَاسَةِ الحالية في المنافذ الإعلامية الإلكترونية للاتصال الرسمي للحكومة المصرية، وبما إن منصة مصر الرقمية https://di.gov.eg/ باعتبارها منصة لتقديم "الخدمات الحكومية الرقمية بشكل ميّسر وشخصي وحديث"، فمجتمع الدراسة هنا هو الموقع الإلكتروني للمنصة علي شبكة الإنترنت، وصفحتها على فيسبوك، وحسابها على موقع تويتر.
وتمثلت عينة الدراسة في الموقع الإلكتروني لمنصة مصر الرقمية كاملاً (https://digital.gov.eg)، والذي قد تم تحليله في شهر فبراير لعام 2023، وهناك مجموعة من المُبررات التي تم على أساسها اختيار عينة الدراسة الميدانية، وهي:
أولًا: اختيار منصة مصر الرقمية، باعتبارها منصة لتقديم "الخدمات الحكومية الرقمية بشكل ميّسر وشخصي وحديث".
ثانيًا: اختيار الموقع الإلكتروني لمنصة مصر الرقمية، للتعرف على الخدمات التى يوفرها الموقع للمواطنين، وكيفية الحصول عليها من خلال الموقع، والجهات الحكومية المتواجدة على هذا الموقع، وإمكانيات الدعم الفني التى يوفرها الموقع، وأخيرًا الوسائل الاتصالية المتواجدة على الموقع.
ونبدأ في الأسبوع القادم في عرض نتائج هذه الدراسة المهمة.

Dr.Randa
Dr.Radwa