كعادة كل صباح ننهض لنذهب لأعمالنا علي اختلاف طبيعتها ومستوياتها تأخذنا إلي أماكنها المختلفة نفس الطرق تتدرجً من اصحاب المناصب للعمال البسطاء.
أجلس بجوار نافذة السيارة أتأمل الطريق ووشوش من يمرونا بجانبي من سيارات لأجد أن كلما مرت سيارة بجواري يستقلها وجه تائه يبحر في ملكوته لا أكاد أنظر إليه إلا وثقل الدنيا في قلبه يظهر علي وجهه أعباء الدنيا ومتاعبها وجوه متعبه تبحث عن شتي السبل لإيجاد لقمة اليوم وأن يمر اليوم بسلام، ويحبذا لو انتهي بنسمات سعادة تلطف علي قلوبهم.
ركزت قليلاً عندما توقفت السيارة للحظات لأري مشهداً تردد علي بصري كثيراً علي منصات التواصل الاجتماعي كصورة عابرة وسمعته في حكاية أحدهم ولم أتخيله أو أشعر بمدى صعوبة إحساسه علي النفس البشرية رجلاً في الأربعين من عمره يقف أمام صندوق القمامة يبحث عن طعام يسد به جوعه يتلفت حوله كي لا يره احد وما أن رأي السيارة حتي أكل الحزن والخجل ملامحه وانصرفنا جميعاً بنظرنا عنه من صدمتنا شل تفكيرنا للحظات فكلاً من يعتقد أن حياته هي الأصعب وأن ما يمر به لا يتحمله أحدٍ ومن أن تري هذه الوجوه المتعبة التي أربكتها الحياة بقصصها المختبأة خلف قاماتها المنهكة إلا وتدرك أنك في فيضً وافر من النعم وتتذكر أنك إذ أصبحت كل صباح معافي في بدنك أمن في بيتك عندك قوت يومك فكأنما حيزت لك الدنيا.
واستكملت طريقي لأجد عشرات الأولاد يعملون في ورشة تصليح للسيارات بلا تعب أو تذمر يبدون أكبر من سنهم قادرون علي تحويل لحظات التعب لسعادة وضحك وما أن انصرفت عنهم بعيني لأجد مسن يتجاوز عمره السبعون عاماً ما زال يعمل في بيع الجرائد وأخري سيدة بملامح جميلة يغطيها تعب ومشقة الأيام تبيع الخضروات، عودة مرة أخري أتأمل وجوه من هما في السيارات من حولي لأجد أن كل هؤلاء الأشخاص علي اختلاف وظائفهم ووجوههم تائهه كلاً منهم في ملكوته، تتوق لأن تقف في مكان أمن تسهل فيه الحياة.
وسرحت بتفكيري قليلاً لسؤال دائماً ما يشغل تفكيري من صعب الحياة علي هؤلاء من أثقل عيش الحياة في قلوبهم أليس بشر مثلهم أليست تلك قرارتهم، استوقفتني جملة أن الصخور تسد الطريق أمام الضعفاء بينما يرتكز عليها الأقوياء للوصول إلي القمة أدركت حينها أني أنا وجميع تلك الوجوه التائهة خيارات حياتنا بأيدينا وأن لا شئ يستطيع أن يمنع الإنسان إذا فكر صحيحاً في تحقيق هدفه وليس هناك شيء على وجه الأرض يستطيع أن يساعده إذا فكر خطأ وتشبث بفكره، تأملت حال الأشخاص وفكرت في من لديه القدره في تغييره وجدت أن أكثر الأشخاص ينتظرون شيئاً ما ليغير حياتهم وآخرون يتغيرون عندما تحدث لهم صدمة أو تتغير أدوراهم في الحياة لكن الأصح أن يحدث التغيير عن قصد ووعي نابع من أرادة الفرد وأحساسه بالمسؤولية.