تترقب جميع أطياف المجتمع، وسط حالة من التفاؤل، انطلاق الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني اليوم الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال حفل إفطار الأسرة المصرية في 26 أبريل 2022، بمشاركة واسعة وفعالة من مختلف القوى السياسية والنقابية والمجتمع الأهلي والشخصيات العامة والخبراء.
ومنذ أن منح الرئيس السيسي الضوء الأخضر لإطلاق هذا الحوار الجامع بدأت إدارة الحوار الوطني باتخاذ خطوات وجهود جدية على مدار 23 اجتماعًا؛ لوضع هيكل للحوار يستوعب جميع القوى المشاركة، إذ عكفت إدارة الحوار على بناء قاعدة صلبة لتثبيت أركان الحوار الذي حرك المياه الراكدة في الحياة السياسية؛ من أجل تحقيق أهدافه في الاستماع لكافة الآراء للمشاركة في بناء الجمهورية الجديدة التي أطلقها الرئيس السيسي.
وبناء على ذلك، كانت تحركات إدارة الحوار تتم بطريقة مدروسة من أجل الوصول لمرحلة الجلسات النقاشية تكون مرتكزة على قاعدة توافق بين قوى المجتمع؛ للوصول لمخرجاتٍ جديةٍ تخدمُ الوطن والمواطن.
إعداد هيكل الحوار الوطني
وعقب تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسى إدارة المؤتمر الوطني للشباب، الذي يتم تنظيمه تحت مظلة الأكاديمية الوطنية للتدريب، بإطلاق الحوار الوطني بين مختلف القوى السياسية والمدنية، اتخذت الأكاديمية العديد من الإجراءات من منطلق دورها في التنسيق بين الفئات المختلفة المشاركة بالحوار دون التدخل في مضمون أو محتوى ما يتم مناقشته؛ لإفساح المجال أمام حوار وطني جاد وفعال وجامع لكافة القوى والفئات.. حيث عملت الأكاديمية على تكوين فرق عمل لإدارة وتنسيق العمل خلال فاعليات الحوار الوطني، وإطلاق رابط عبر الموقع الإلكتروني للمؤتمر الوطني للشباب لتلقي المقترحات بشأن الحوار.
كما خاطبت الأكاديمية الوطنية للتدريب مختلف القوى السياسية والمدنية ودعتهم للمشاركة في الحوار الوطني وإرسال رؤيتهم لآليات وأجندة العمل لإدارة الحوار؛ للخروج باستراتيجية أولويات عمل الدولة المصرية، وأطلقت أيضًا استمارة لتسجيل الرغبات والمقترحات عبر الموقع الإلكتروني للمؤتمر الوطني للشباب.
وتمثلت أولى خطوات وضع هيكل الحوار في اختيار إدارة الحوار الوطني، الدكتور ضياء رشوان منسقًا عامًا للحوار، والذي حظي اختياره لهذه المهمة الصعبة بترحيب كبير من كافة القوى السياسية؛ لما يمتلك خبرة كبيرة والقدرة على الوقوف على مسافة واحدة من جميع القوى المشاركة في الحوار، بالإضافة لاختيار المستشار محمود فوزي الأمين العام للمجلس الأعلى للإعلام رئيسًا للأمانة الفنية للحوار الوطني، وتشكيل مجلس أمناء يتألف من 19 عضوا يعبر عن المشاركة الفعّالة المتنوعة لمختلف الرؤى الوطنية والخبرات الفنية والمهنية، بما يضمن التوصل إلى مخرجات إيجابية للحوار بما يخدم صالح المواطن المصري.
وبمجرد الإعلان عن تشكيل مجلس الأمناء، بدأ المجلس في عقد سلسلة اجتماعات مكثفة من أجل وضع القواعد واللوائح المنظمة للحوار فتم إصدار اللائحة المنظمة لعمل مجلس أمناء الحوار الوطني بجانب إصدار مدونة السلوك والأخلاقيات بالحوار كما قام مجلس الأمناء بدراسة الآلاف المقترحات التي تلقاها من قوى المجتمع وتوصل إلى تقسيمها 3 محاور: (محور سياسي _ محور مجتمعي _ محور اقتصادي).
وبعد تحديد المحاور الرئيسة الثلاثة للحوار الوطني، بدأت إدارة الحوار في تسمية اللجان الفرعية التي ستندرج تحت كل محور رئيسي، حيث تم تقسم المحور السياسي إلى 5 لجان فرعية هي: (الأحزاب السياسية - النقابات والمجتمع الأهلي - لجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابي- لجنة المحليات - لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة)، كما تم تقسيم المحور الاجتماعي إلى 6 لجان فرعية: (لتعليم والبحث العلمي - الصحة - القضية السكانية - الأسرة والتماسك المجتمع - الثقافة والهوية الوطنية - الشباب).
كما تم تقسيم المحور الاقتصادي إلى 8 لجان فرعية هي: (التضخم وغلاء الأسعار - الدين العام وعجز الموازنة والإصلاح المالي- أولويات الاستثمارات العامة وسياسة ملكية الدولة - الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي - الصناعة - الزراعة والأمن الغذائي - العدالة الاجتماعية - السياحة)، كما اختار مجلس الأمناء بالتوافق 44 مرشحًا للمحاور الرئيسة الثلاثة واللجان الفرعية، وذلك بعد أن أرسلت القوى السياسية ترشيحاتها، كما أقر المجلس لائحة سير إجراءات جلسات اللجان الفرعية بالحوار الوطني، وحدد مهام مقرري اللجان كافة، وكُتيب إرشادات قواعد السلوك في جلسات الحوار الوطني.
وضمانًا لتوسيع قاعدة المشاركة وتمثيل جميع فئات الوطن في الحوار المجتمعي، دعا مجلس الأمناء الكيانات السياسية والأهلية الفاعلة لإجراء حوارات مجتمعية وجماهيرية في المحافظات المختلفة، وذلك في إطار تخصصات اللجان النوعية التي أقرها مجلس الأمناء وتلقي مقترحات المواطنين والجهات المختلفة، مع رفع نتائج تلك الحوارات لمجلس أمناء الحوار الوطني؛ لضمان الوصول المتكافئ لكافة فئات المجتمع المصري.
وبعد انتهاء مجلس الأمناء من وضع الهيكل الأساسي للحوار، بدأ في الخطوات الفعلية للتحضير، حيث انتهى المجلس من تحديد الموضوعات التي ستناقش داخل 19 لجنة فرعية تندرج تحت المحاور الرئيسية الثلاثة، والتي وصل عددها إلى 113 موضوعا جرى تحديدهم بناء على اقتراحات المواطنين ووفقا لآراء الخبراء والمتخصصين، كما أعلن خطة انعقاد الجلسات النقاشية على التوازي بواقع ثلاثة أيام على الأقل أسبوعيًا لجميع المحاور.
مخرجات للحوار بالتزامن مع إعداد الهيكل
وتكللت جهود إدارة الحوار الوطني على مدار الفترة الماضية باستخدام صلاحياته وتعبيره عن مختلف القوى المشاركة في الحوار، في رفع اقتراح مشروع قانون لرئيس الجمهورية للنظر في عرضه على البرلمان؛ لمناقشته، حيث يعبر هذا الاقتراح عن إجماع كامل بين كل أطراف الحوار الوطني، ويتعلق بتعديل تشريعي في قانون الهيئة الوطنية للانتخابات يدخل على نص المادة (34) يوجب إتمام الاقتراع والفرز، في الانتخابات والاستفتاءات التي تجري في البلاد، تحت إشراف كامل من أعضاء الجهات والهيئات القضائية بنظام قاض لكل صندوق، في ضوء أن المادة المشار إليها تحدد مدة الإشراف القضائي الكامل بعشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور وذلك في 18 يناير 2014 والتي تنتهي في 17 يناير 2024، وذلك كله ضمن النص الدستوري وقانون الهيئة الوطنية للانتخابات، واللذان يعطيانها باعتبارها هيئة مستقلة دون غيرها الاختصاص بإدارة الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية.
وعلى الفور، استجاب الرئيس السيسي لهذا المقترح، حيث وجه الحكومة والأجهزة المعنية في الدولة بدراسة هذا المقترح وآلياته التنفيذية.
ولم تكن إدارة الحوار الوطني بمنأى عن الواقع خلال عقد جلساته الإجرائية لوضع هيكله، ولكن حرص مجلس الأمناء على التفاعل مع كافة قضايا المجتمع باعتباره ممثلا عن مختلف القوى السياسية، حيث أرسل منسق عام الحوار الوطني ضياء رشوان، الأسئلة والاستفسارات التي أعدها المحور الاقتصادي للحوار ولجانه، لرئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، لوضعها أمام المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في نوفمبر الماضي للنظر فيها وطرح ما يراه من مخرجات بشأنها، آملًا في أن تعين الحوار الوطني فيما سيتناوله من قضايا اقتصادية.
وفي إطار حرص الحكومة على تعزيز قنوات التفاعل والحوار مع كافة الأطياف المُهتمة بالشأن الاقتصادي أرسل الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، ردودا على الأسئلة والاستفسارات التي تلقاها من المنسق عام الحوار الوطني، كما شارك ونظم الحوار الوطني جلسات نقاشية خلال قمة المناخ التي عقدت بمدينة شرم الشيخ.
وللتأكيد على جدية الحوار الوطني، تم، بالتزامن مع دعوة الرئيس لإطلاق الحوار، إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي التي نجحت في الإفراج عن أكثر من ألف شخص على مدار عام، حيث جاءت قرارات العفو لتؤكد جدية الحوار الوطني، وصدق ما دعا وتعهد به الرئيس السيسي بتنفيذ لمخرجات الحوار الوطني وصولًا لإرساء دعائم الجمهورية الجديدة على أسس الديمقراطية والاختلاف في الرأي الذي لا يفسد للوطن قضية.
وتنطلق فعاليات الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني اليوم بقاعة المؤتمرات في أرض المعارض بمدينة نصر ويشارك في الجلسة، أعضاء مجلس أمناء الحوار الوطني والمقررون والمقررون المساعدون باللجان، وأعضاء لجنة العفو الرئاسي، والشباب من القوى السياسية المختلفة، ورجال الدين، وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، ورؤساء الجامعات والمراكز البحثية، ومنظمات المجتمع المدني، ومقدمو المقترحات بقضايا الحوار الوطني، والإعلاميون وكتاب الرأي، إلى جانب فئات أخرى.
وكان المنسق العام للحوار الوطني ضياء رشوان قد قال، في وقت سابق، إنه استمرارا لتأكيد حق الرأي العام في المعرفة والمتابعة الفورية والشفافة لمجريات الحوار الوطني، فقد تم دعوة جميع وسائل الصحافة والإعلام المصرية والأجنبية المعتمدة في مصر؛ لمتابعة الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني.