أشاد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي بالتعاون بين مصر والأمم المتحدة من أجل تحقيق مستقبل أفضل، لافتا إلى أن الأمم المتحدة تعد أحد أهم شركاء التنمية لمصر.
جاء ذلك في كلمة رئيس الوزراء اليوم الثلاثاء، خلال حفل توقيع إطار الشراكة بين جمهورية مصر العربية والأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة للفترة من 2023 إلى 2027.
وقال رئيس الوزراء "إن مصر تعتز بكونها أحد الدول المؤسسة للمنظمة الدولية"، مضيفا " إن مصر أحرزت تقدما كبيرا في معالجة التحديات التي تواجه التنمية وذلك بالشراكة مع الأمم المتحدة، كما عززت مصر تجربتها في الحد من الفقر وتعزيز برامج الحماية الاجتماعية لتوفير حياة كريمة للمواطنين ومحاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر والإسهام في تعزيز الأمن والسلم الدوليين".
وأوضح أن مصر شرعت في تنفيذ إصلاح اقتصادي تضمن تدابير للحماية الاجتماعية من خلال توسيع برنامج "تكافل وكرامة" وزيادة المعاشات والأجور ودعم السلع والخدمات الأساسية.
وأضاف أن التحديات التي أعقبت الصدمات العالمية أثّرت على النشاط الاقتصادي وضاعفت من التحديات التي تواجه المواطنين لذا أعطت مصر الأولوية لتحفيز النشاط الاقتصادي ودعم نظم الحماية الاجتماعية.
وأشار إلى أن مصر تولي اهتمامًا كبيرا بإفريقيا ومستقبلها، لافتا ألى أن القارة في حاجة لمزيد من الدعم الدولي وتبادل الخبرات والاستثمار في البشر وتطوير البنية الأساسية.
وأكد مدبولي أن مصر تسعى في الفترة القادمة للاستثمار في رأس المال البشري وزيادة الإنتاجية والابتكار، لافتا إلى الحاجة لقطاع خاص أكثر ديناميكية لخلق فرص عمل وزيادة الصادرات وتنويع مصادر الاقتصاد ودعم حقوق الملكية الفكرية.
وأشار إلى أن التنمية تبدأ من تأهيل البنية التحتية والمشاركة في سلاسل الإمداد والإنتاج لذا اهتم الرئيس عبد الفتاح السيسي بخطط تحسين شبكات الطرق والنقل والمواصلات والكهرباء والمياه وتنويع مصادر الطاقة المتجددة.
وأكد أن شراكات مصر الدولية تعد محورا أساسيا لتحقيق التنمية المستدامة، موجها الشكر لكل من ساهم في صياغة استراتيجية الشراكة بين مصر والأمم المتحدة.
أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن مصر أحرزت تقدمًا كبيرًا خلال الأعوام الماضية، من خلال مشاركة شركائها في التنمية في معالجة العديد من التحديات الإنمائية على المستوي القُطري، وقد تصدّر دعم الأمم المتحدة، كونها الشريك الإنمائي الأكثر تنوعاً، مقدمة شركاء التنمية ذوي الخبرات المتعددة في مختلف القطاعات.
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي -خلال كلمته- أن الدولة المصرية عزّزت تجربتها في مجابهة الفقر، وتحسين جودة التعليم والخدمات الصحية، وتمكين النساء والشباب، واتباع النظم الاقتصادية المبتكرة لتعزيز برامج الحماية الاجتماعية، وغيرها من الاحتياجات المُلحة لتوفير حياة كريمة للمواطن المصري، كما كانت مصر في مقدمة الدول ذات الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر، فضلاً عن إسهاماتها المشهودة في دعم السلام والأمن الدوليين.
وخلال كلمته، وجه مدبولى التحية والشكر لكل الأطراف ذات الصلة بالعمل الإنمائي والتعاون الدولي، على الجهود المبذولة من جانبهم كشركاء في التنمية، من أجل تعزيز قيمة رأس المال البشري، والنهوض بالمستوى المعيشي لسكان هذا الوطن بجميع أطيافه، بمن في ذلك المهاجرون واللاجئون وطالبو اللجوء، وتمكين الفئات الأكثر احتياجاً، وفي مقدمتهم النساء والشباب، والمساعدة في الوصول إلى الخدمات الأساسية عالية الجودة والعمل اللائق من أجل مستقبل أفضل.
وقال إن هذه المناسبة، التي تجمعنا اليوم، تعد بمثابة تتويج لعلاقات مصر الإنمائية مع أحد أهم شركاء التنمية وأكثرهم تنوعًا وتأثيراً، وهي منظمة الأمم المتحدة والوكالات الأممية المتخصصة، والتي تربطنا بها علاقات تاريخية تنظمها مبادئ راسخة للعلاقات الدولية نصّ عليها ميثاق الأمم المتحدة، مؤكدا أن مصر تعتز بكونها إحدى الدول المؤسسة لهذه المنظمة العريقة عام 1945.
وأضاف رئيس الوزراء أنه بالتكامل مع أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة وأهدافها السبعة عشرة، وكذا رؤيتنا الوطنية للتنمية المستدامة، والاستراتيجيات الوطنية التي أطلقناها بالتعاون مع وكالات وبرامج الأمم المتحدة (مثل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية)، شرعت مصر في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي وفقا لمراحل متتالية، وتم تنفيذه بدعم من شركاء مصر في التنمية.
و أشار إلى أن هذا البرنامج تضمن عدة تدابير للحماية الاجتماعية تستهدف الفئات الأكثر احتياجًا، من ضمنها توسيع نطاق تغطية برنامج التحويلات النقدية "تكافل وكرامة"، والذي يقدم الدعم لملايين الأسر، كما قامت الدولة بزيادة المعاشات التقاعدية والأجور، وتبنت إعفاءات ضريبية لذوي الدخل المنخفض، فضلاً عن أشكال الدعم المختلفة للسلع والخدمات الأساسية.
ولفت إلى أننا ندرك التحديات التي لا تزال قائمة، لا سيما في أعقاب الصدمات غير المسبوقة التي أصابت وتصيب الاقتصاد العالمي؛ حيث أثرت تداعيات جائحة كوفيد-19، والأزمة الروسية الأوكرانية على النشاط الاقتصادي، وأدت إلى تزايد التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها شبابنا ونساؤنا، والذين يشكلون أكثر من نصف سكان مصر.
وأوضح أنه في ضوء الاستجابة لهذه التحديات، أعطت الحكومة المصرية الأولوية لاتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لتحفيز النشاط الاقتصادي وتعزيز نظم الأمان الاجتماعي، بما في ذلك الإجراءات المتخذة بالتعاون مع الشركاء؛ من أجل استعادة الاستقرار في ظل اضطراب عالمي مستمر.
وأشار إلى أن انعقاد مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة للتغيرات المناخية في دورته السابعة والعشرين والتي استضافتها مصر العام الماضي، خير دليل علي أهمية إقامة الشراكات وتعزيز أواصر التعاون من أجل التصدي للقضايا الإنمائية الأكثر إلحاحًا ومنها التغيرات المناخية.
وأكد رئيس الوزراء أن مصر تُولي اهتماما بالغًا لمستقبل القارة الأفريقية، التي يتواجد بها قرابة 22% من إجمالي الدول النامية على مستوى العالم، بالإضافة إلى 71% من إجمالي الدول الأقل نموًا في العالم، وهو ما يعني أن القارة في حاجة لمزيد من الجهود الدولية المشتركة، والمشروعات والأنشطة متعددة الأطراف، وتبادل الخبرات الناجحة بين الدول بعضها البعض، وفي المقدمة تعزيز دور القطاع الخاص والاستثمار في رأس المال البشري، وتطوير البنية التحتية على المستوى القاريّ.
وتطرق رئيس مجلس الوزراء إلى بعض المحاور الرئيسية التي تسعي الدولة المصرية لتحقيقها خلال المرحلة المقبلة، والتي تتماشى بشكل وثيق مع الأولويات الاستراتيجية للشراكة مع الأمم المتحدة خلال الفترة من 2023 وحتى 2027، وكذلك البرامج القُطرية للوكالات الأممية المتخصصة التي يجري إعدادها تحت إشراف الجهات الوطنية المعنية، وبالتنسيق مع وزارة التعاون الدولي، المنسق الوطني للإطار الاستراتيجي للتعاون مع الأمم المتحدة.
واستعرض أبعاد هذه المحاور، مشيرا إلى أن المحور الأول يتمثل في أن هناك أهمية قصوى للعمل على الاستثمار في رأس المال البشري من أجل زيادة الإنتاجية وتعزيز الابتكار، حيث تلتزم الحكومة المصرية بتحسين نوعية التعليم والتعلم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية، وإتاحة الفرص الاقتصادية للفئات الأكثر احتياجاً، وفيما يتعلق بالمحور الثاني، فأشار رئيس الوزراء إلى أنه لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة بدون قطاع خاص ديناميكي وتنافسي، وهو أمر بالغ الأهمية وتضعه الحكومة المصرية في مقدمة أولوياتها من أجل خلق فرص العمل اللائقة وزيادة الصادرات وتنويع الاقتصاد، لذلك نحن ملتزمون بتحسين بيئة أعمالنا من خلال تبسيط إجراءات الاستثمار، والحد من البيروقراطية، وتحقيق الشفافية، وحماية حقوق الملكية الفكرية.
وفيما يتعلق بالمحور الثالث، أوضح رئيس الوزراء أن النظريات والمبادئ الإنمائية على مر العصور أثبتت أن التنمية تبدأ من رحلة تأهيل البنية التحتية للدول، كأساس تُبنى عليه المسارات المختلفة، ويعد أمراً حيويًا لتعزيز قدرتنا التنافسية وجذب الاستثمارات والمشاركة في سلاسل الإمداد والتموين والتجارة الإقليمية والدولية، وفي هذا الصدد نوه الدكتور مدبولي إلى أن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، أولى اهتماماً بالغاً بخطط تحديث شبكات النقل والمواصلات والطاقة والمياه والصرف الصحي والبنية التحتية الرقمية، مع العمل أيضًا على تنويع مصادر الطاقة لدينا من خلال تطوير مشروعات الطاقة المتجددة.
وحول المحور الرابع، أشار إلى أن شراكات مصر الدولية تمثل محورًا رئيسيًا من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وقال: نُقدر أهمية تعزيز تعاوننا مع شركائنا الدوليين في كل المجالات ذات الصلة، ونحن ممتنون للشراكة والتضامن اللذين تلقيناهما من شركائنا الدوليين، ولا سيما الأمم المتحدة.
وفي ختام كلمته، توجّه رئيس مجلس الوزراء بالتهنئة على النجاح في إعداد وصياغة هذه الاستراتيجية المهمة، التي سيتم تنفيذها وتمويلها عبر شراكات إنمائية ثنائية ومتعددة الأطراف، وتقدّم بالشكر للأمم المتحدة ولمكتبها في مصر، والوكالات الأممية المتخصصة، والمنظمات الدولية، والمُمثِـلة المقيمة للأمم المتحدة، ولوزيرة التعاون الدولي، وفريق عمل الوزارة المعني بهذا الملف، لما تم بذله من جهد خلال مختلف مراحل الإعداد لهذه الاستراتيجية المحورية الشاملة.
ووجه الشكر أيضًا لبعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة وجميع الوزارات والجهات الوطنية المشاركة، والأطراف الأخرى ذات الصلة مثل القطاع الخاص والمجتمع المدني، والذين كان لهم أيضا دور محوريّ في بلورة الاستراتيجية، بما يُعزز مسيرة مصر التنموية نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
يذكر أن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كان قد شهد مساء اليوم، في فعاليات إطلاق الإطار الاستراتيجي الجديد للتعاون مع الأمم المتحدة للفترة من 2023-2027، التي حضرها عدد كبير من الوزراء والمحافظين، وإيلينا بانوفا المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر، والفريق القُطري للأمم المتحدة في مصر، ورؤساء ومديرو وممثلو المنظمات الإنمائية ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة، وعدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وسفراء ورؤساء بعثات الدول الشريكة، وممثلو القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني ومختلف الأطراف ذات الصلة.
واختتمت الفعاليات بالإعلان عن إطلاق الإطار الاستراتيجي الجديد للتعاون مع الأمم المتحدة للفترة من 2023-2027، حيث شهد الدكتور مصطفى مدبولي، مراسم توقيع الاتفاق الخاص به؛ وتضمن هذا الإطار خمس مجموعات للنتائج وفقاَ لكل محور من المحاور التالية: التنمية الاقتصادية الشاملة، والعدالة الاجتماعية، واستدامة الموارد البيئية والطبيعية، والحوكمة الرشيدة، وتمكين النساء والفتيات.
كانت الفعاليات قد بدأت بعرض فيلم وثائقي عن الأنشطة المتعددة التي تقوم بها منظمة الأمم المتحدة في مصر، وكذا العلاقات التاريخية والتعاون المشترك بين الدولة المصرية والمنظمة، وتطرق الفيلم الوثائقي إلى مشروعات التعاون الإنمائي في مختلف المجالات، التي من بينها مشروعات التكيف البيئي والمناخي، وفي المجال الاقتصادي والثقافي والتراثي وفي مجال التعليم، والرياضة، كما تشمل مجالات التعاون قطاعات الصناعة والطاقة.