الأربعاء 29 مايو 2024

الاسم: «منظمات حقوق» السُمعة: «إخوان» الوظيفة: مخابرات غربية قصة الإخوانية سلمى عبد الغفار التى تدير مؤامرة هيومن رايتس ووتش ضد مصر

16-9-2017 | 23:16

بقلم  -ثروت الخرباوى

كان من أكبر أخطاء الأنظمة السابقة أنها اعتبرت الإخوان مجرد جماعة، وظنت تلك الأنظمة أنها بضربة أمنية قوية تستطيع القضاء على هذه الجماعة، والحقيقة أن أحدا لم يدر بخياله أن هذه الجماعة اعتبرت نفسها دولة، ولكى تكون دولة يجب أن تكون لها مؤسسات، وقد كان، ولكى تستطيع دولتهم ذات المؤسسات مواجهة دولة مصر يجب أن تكون لها أذرع متنوعة، بعضها أذرع مدنية وبعضها أذرع عسكرية.

وذات يوم رأينا أذرع الإخوان العسكرية، وعانينا من إرهابهم وجرائمهم وتفجيراتهم، ومع ذلك ظن الغافلون من فرط غفلتهم أن من يبادرنا بالقتل والتفجير ليسوا هم الإخوان ولكنها جماعات أخرى! وكأن الشعب حين ثورته ثار على حكم جماعات أخرى وليس على حكم الإخوان، وكأن من يرتكبون هذه الجرائم مجرد «فاعل خير» يقتل ويسفك ويهدم حتى يساعد جماعة الإخوان السلمية البريئة للوصول إلى الحكم رغم إرادة الشعب!، وسيظل الغافلون فى غفلتهم والمتغافلون فى تغافلهم، وسيزداد عدد «المغفلين» مع الوقت؛ لأن أذرع تلك الجماعة المدنية تعمل بكل قوتها على نشر الغفلة وتغييب وعى الشعب، وقد برعوا فى علم «صناعة الغفلة» براعة كبيرة، واستخدموا فى تلك الصناعة كل علوم «البرمجة الذهنية» ووسائلها المتاحة، مثل مواقع التواصل الاجتماعى التى تعتبر أخطر أسلحة العصر، فمن خلالها يتم تزييف مشاعر الناس العاديين وتوجيهها نحو المساهمة فى هدم الدولة، ومع مواقع التواصل برعت تلك الجماعة الإرهابية فى استخدام الصحف والمجلات، وفى بعض الأحيان تأجير صفحات من صحف بعينها لتنشر من خلالها أفكارها الخبيثة، ثم مواقعها هى على شبكة الإنترنت، ثم مواقع أخرى تدعى أنها لا تربطها علاقة بالإخوانية وهى من مواقعها الخفية، تم إعدادها لتنشر مظلوميتها المزيفة فتؤثر على الغافلين أو الذين يقبلون أن يقعوا فى الغفلة، وللأسف كان عددا لا يستهان به من نخبتنا يقع عامدا فى الغفلة لعله يحصل على دراهم معدودة وكان من هؤلاء جمال الجمل وسليمان الحكيم وسليم عزوز ومحمد ناصر ومعتز مطر وغيرهم، ثم قبل هؤلاء بعد ذلك أن يقوموا بدور كبير فى صناعة الغفلة وهم يعلمون، والحديث عن هؤلاء قد يجرنا للحديث عن القنوات الفضائية، التى يمتلكها الإخوان والتى تعمل بكل قوتها على تزييف وعى الناس، ولكن الأهم من قنوات التليفزيون «قنوات حقوق الإنسان» التى أصبحت تابعة للجماعة أو هى أصلا من صنيعتها، فتلك تعمل من أجل تزييف الحقائق أمام المجتمع الغربى، مستهدفين من ذلك توقيع عقوبات اقتصادية على مصر من خلال تقارير مزورة، ووقائع مختلقة، ولم تكن تلك المنظمات الحقوقية والبحثية وليدة هذه الأيام ولكن كان لها تاريخ فى الإخوان، ألم نقُل إنهم دولة أنشأوا لأنفسهم مؤسسات؟!، والمؤسسات المدنية فى الجماعة تعتمد أول ما تعتمد على الحماية، التى تسبغها عليها المنظمات البحثية والحقوقية، كما أن من أولويات تلك المنظمات الحقوقية الإخوانية وضع صورة مزورة لدولة مصر أمام المجتمع الدولي، بحيث تظهرها وكأنها تعتدى بشكل منظم وممنهج على حقوق الإنسان، وتلك الصورة المزورة ترغبها دول الغرب، وتسعى إليها كى تستطيع من خلالها التدخل فى الشأن المصرى الداخلى وصولا إلى تنفيذ خططهم الاستعمارية، فواهم من ظن أن الغرب تخلى عن أطماعه الاستعمارية، ومغفل من ظن أن الغرب يهتم بحقوق الإنسان المصرى أو العربي، ولكنه يستخدم تلك الشعارات الحقوقية لتكون مبررا له، كما كانت أوهام «الأسلحة الكيماوية العراقية» مبررا لها لقتل الملايين من شعب العراق، وصولا إلى الاستيلاء بالمجان على بترول العراق، ثم زرع الدواعش فيها لكى يسهل لهم التدخل فى الوقت الذى يشاءون، وواهم من ظن أن الغرب يسعى للقضاء على بشار الأسد بسبب أن بشار يعتدى على حقوق الإنسان، ولكن الصراع على مناطق النفوذ التى تمر منها مواسير الغاز من سوريا إلى أوربا هى أصل النزاع، وفى كل ما سلف كانت منظمات حقوق الإنسان التابعة للإخوان والعاملة تحت إدارتها أو بالتنسيق معها هى العنصر الفاعل فى تمهيد الأرض للغزاة الجدد، وقد عملت هذه المنظمات بكل جدية فى كل من مصر وسوريا والعراق وليبيا وتونس واليمن، ثم سكتت تماما عن حقوق الإنسان فى السعودية والمغرب وباقى الممالك العربية! ويبدو أننا لا نزال إلى الآن لم نتقن كيفية مواجهة تلك المنظمات، ولكى نواجهها يجب أن نعرف بداياتها وطريقة عملها ورموزها الأوائل،  فلهذه المنظمات قصة.

كانت البداية منذ أن أصبح «عمر التلمساني» مرشدا رسميا لجماعة الإخوان عام ١٩٧٦ وقتئذ كان العديد من الإخوان ــ سواء ممن كانوا قد تركوا الجماعة أو خرجوا من السجون ــ قد بدأوا فى العودة إلى أحضانها مرة أخرى فأراد التلمسانى استغلال ملكاتهم الفكرية فاستثمر مقر جماعة الإخوان فى ١ شارع سوق التوفيقية بمنطقة وسط البلد الذى كان فى ذلك الوقت مقرا لمجلة الدعوة ــ والتى كانت قد بدأت فى الظهور بعد توقف فترة طويلة ــ فى تأسيس مركز للدراسات أطلق عليه اسم «تقوى» وذلك بالتعاون مع «محمد المسماري» و «عبدالله سليم» المحاميين، ثم اشترك معهما فيما بعد الدكتور «عبدالله رشوان»، ليعد أول مركز إخوانى يهتم بالأمور البحثية والحقوقية، حيث قام على مدار سنوات بكتابة تقارير عن القضايا التى يُتهم فيها الإخوان، وكانت تلك التقارير تقدم لوزارة الداخلية وتُنشر فى بعض الصحف، وكان هدفها تخفيف الضغوط الأمنية على تلك الجماعة، إلا أن هذا المركز قام فى نفس الوقت بإعداد تقارير وأبحاث عن وجوب تطبيق الشريعة وقاموا بتقديم هذه الدراسات والأبحاث بل وبعض مشاريع القوانين حتى نهاية عهد الرئيس الراحل «أنور السادات» فى مجلس الدكتور «صوفى أبو طالب».

ومن بعد بدأت مراكز الأبحاث الإخوانية فى الظهور بكثرة فى منتصف الثمانينيات وبداية التسعينيات، وكان سبب هذا الظهور المبكر المتزايد هو فشلهم فى دخول المنظمة «المصرية لحقوق الإنسان» التى كانت مكونة من نشطاء ناصريين وشيوعيين بالإضافة إلى بعض الليبراليين مثل «عبدالعزيز محمد» عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، و»يحيى الجمل»، وعندما حاول الإخوان دخول هذه المنظمة والسيطرة عليها ومصادرتها لخدمة مصلحتهم وقف القائمون عليها وقفه حادة ضدهم، ولم يسمحوا لهم حتى بالانضمام لعضوية الأمانة العامة للمنظمة، وإن كانوا قد سمحوا بدخول شخصيات إسلامية ادعت أنها مستقلة عن الإخوان إلا أنها محسوبة عليهم مثل «محمد سليم العوا» الذى كان عضوا بالأمانة العامة للمنظمة، وحين أيقن الإخوان فشلهم فى دخول مثل هذه المنظمات، فكان أن بدأوا فى التوسع فى إنشاء مراكز حقوقية وبحثية، وفى الحقيقة أن هذه المراكز كانت غطاء سياسيا للجماعة استغلتها الجماعة زمنا طويلا وجعلتها عملا موازيا للنقابات المهنية التى كان الإخوان قد بدأوا وقتها فى عملية غزوها.

 وتزايدت أعداد مراكز الأبحاث الإخوانية بشكل كبير حتى وصل عددها مابين ٢٠ إلى ٢٥ مركزا، انتشرت فى العديد من المحافظات كالقاهرة والإسكندرية والغربية والدقهلية والعديد من المحافظات الأخرى، ومن أهم تلك المراكز الإخوانية فى هذا الوقت مركز «الأمة للدراسات والتنمية»، الذى كان يديره محمد مرسى وقت أن كان عضوا بمكتب الإرشاد والمتحدث الإعلامى باسم الجماعة، وكان غرض هذا المركز هو إعداد الدراسات السياسية وإصدار الأبحاث وعقد الندوات، ثم أضافت له الجماعة مهمة أخرى هى متابعة حقوق الإنسان فى مصر، وبدأ هذا المركز فى التواصل مع منظمة العفو الدولية، فضلا عن منظمات حقوقية دولية أخرى، إلى أن أصبحوا مراسلين للجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، كل ذلك ودولة مصر غافلة أو مستحبة الغفلة، أو قل متغافلة لسبب أو لآخر.

ثم استولت الجماعة على مركز حقوقى تابع لحزب العمل وقت أن كانت تسيطر عليه، فأصبح مركز دراسات حزب العمل تابعا للحزب شكلياً، إلا أنه كان تحت إدارة الإخوان وتحت تصرفهم، وبدأ المركز بالفعل فى ممارسة مهامه قبل تجميد حزب العمل، بعد أن نشبت الخلافات بين قيادات الحزب وأعضاء الجماعة، حينئذ أعلنت الجماعة انفصال هذا المركز تماماً عن الحزب، ليصبح مركزا إخوانيا خالصاً وتم تشكيل مجلس إدارة جديد للمركز برئاسة «محمد مرسى».

 كما قام الإخوان فى غضون عام ٢٠٠٥ بإنشاء مركز «سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز» وهو مركز حقوقى يديره «عبدالمنعم عبدالمقصود» محامى الجماعة، وقد ضم عبدالمقصود إلى مجلس الأمناء بالمركز العديد من الشخصيات العامة بهدف إبعاد الأنظار عنه والإيهام أنه مركز لا يتبع الجماعة، وكان من أشهر الشخصيات الحقوقية التى تم وضع اسمها فى مجلس أمناء «سواسية» الدكتور «عاطف البنا» أستاذ القانون الدستورى والمستشار «طارق البشرى» والدكتور «محمد عمارة»، ورغم نفى «عبدالمقصود» الصفة الإخوانية عن المركز، إلا أن انضمام عدد كبير من الشخصيات الإخوانية مثل «محمد مرسى» و»محمد عبدالقدوس» إلى المركز يؤكد أنه يتبع الجماعة، خاصة أنه يضم أيضا الكثيرين من أبناء الجماعة من المحامين والذين يشكلون الفريق الإدارى لـ «سواسية» والمكون من ١٢ فردا هم «سيد جاد الله – أسامة الحلو – على كمال – حاتم عبدالوهاب – مصطفى الدميرى – طارق البلتاجى – محمد على - مصطفى الحدة - محمد حسـن - أسامة نور الدين» ويتولى المركز تدريب الطلاب على العمل السياسى فى الجامعات، فضلا عن تدريب وتثقيف الشباب والبرلمانيين على يد ذوى الخبرات والتخصصات المختلفة من داخل الجماعة وخارجها، كما يقوم بانتداب عدد كبير من المندوبين أثناء الانتخابات البرلمانية لمراقبة العملية الانتخابية خاصة فى الدوائر التى يترشح فيها أعضاء الجماعة، ويصدر بيانات عن مراقبة الانتخابات، وذلك من منطلق دوره كمركز حقوقى يصدر بيانات وتقارير عن الأحداث السياسية والانتخابات البرلمانية والتشريعية وانتخابات المحليات، كان آخرها انتخابات مجلس الشورى ٢٠١٠، ولكن جميع تلك التقارير تصب فى مصلحة مرشحى الإخوان وتخدم أهداف الجماعة، حيث يتأثر المركز بخلفيته الإخوانية عند تغطية الانتخابات وكتابة تقارير عنها.

كما أنشأ الدكتور «إبراهيم الزعفراني» القيادى الإخوانى بالإسكندرية مركزا آخر هو «مركز ضحايا لحقوق الإنسان ومناهضة التعذيب» وجعل من زوجته الدكتورة «جيهان الحلفاوي» عضوا فيه، وقام بتعيين الإخوانى هيثم أبو خليل مديرا للمركز، وقد أقام الإخوان لهذه المنظمة مقراً بالإسكندرية وفرعا فى القاهرة، إلا أن الزعفرانى ظل يمارس معظم أعباء المركز من مقر اتحاد الأطباء العرب بدار الحكمة بشارع قصر العينى، كل ذلك والدولة المصرية كانت غافلة أو متغافلة لسبب لا يزال خافيا عن الجميع حتى الآن!.

 ومن المراكز الإخوانية أيضا مركز «حوار للتنمية والإعلام» الذى كان يديره النائب حسين إبراهيم وقت أن كان نائب رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان، وأيضا «مركز الإعلام العربي» الذى كان يديره الإخوانى الهارب «صلاح عبدالمقصود»، وكان هذا المركز من أخطر مراكزهم فى هذا الوقت إذ كانت تصدر عنه مجلات غير دورية هروبا من القيود الأمنية والقانونية مثل دورية «القدس» و»عالم الفكر»، كما أنه اهتم بالحوار مع الغرب وفتح قنوات اتصال مباشرة معهم، وقد استغل الإخوان هذا المركز لتحسين صورة الإخوان فى الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة عن طريق ترجمة مفهوم الإخوان للديمقراطية وحقوق المرأة والإصلاح السياسى والدستورى وقضايا حقوق الإنسان والتعددية السياسية، وقد تواصل هذا المركز مبكرا مع منظمة «هيومان رايتس» وأصبح عضوا فاعلا فيها ومراقبا لها فى المنطقة العربية.

كما أنشأ الإخوانى الهارب «جمال نصار» فى مايو ٢٠٠٨ مركزا للدراسات البحثية حمل اسم «المركز الحضارى للدراسات المستقبلية» وجعل من زوجته «أسماء عبدالعزيز النحراوي» الشريكة الرئيسية له فى هذا المركز الذى يعتبر هدفه الرئيسى تأليف الكتب ونشر البحوث والدراسات المستقبلية للمشاريع التنموية والحقوقية، وأصبح هذا المركز من أكبر المراكز التى كانت تكتب التقارير الحقوقية وترسلها للجنة حقوق الإنسان فى الأمم المتحدة، كما أنه حاليا يقوم من دولة الهروب تركيا بإرسال التقارير المزورة للجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ولمنظمة هيومان رايتس عن حالات تعذيب وهمية، وقصص قتل فى السجون مختلقة من أساسها، وحالات مفبركة عن اختفاء قسري، حتى إن «هيومان رايتس» تعتبر هذا المركز من أهم المراكز التى تتعامل معها بشأن حالات الإخوان فى السجون، وجمال نصار يكتب ما يريد وهو هارب فى تركيا يختلق فيها ما يشاء خياله أن يختلقه! . ورغم أن قانون الصحافة يمنع الصحفى من أن يعمل عملا إداريا لدى مؤسسته الصحفية أو لدى أى جهة حكومية أو لدى أى جهة تجارية خاصة بأجر، إلا أن عقد الشركة فى المادة «١١» والتى أنشأ من خلالها جمال نصار مركزه البحثى تنص على أن يتولى وحده دون غيره مهام إدارة الشركة، أما المادة « ١٢ « من عقد الشركة تؤكد أنه صاحب الإدارة الكاملة، وفى البند « ١٥» تم إعطاء الحق له فى مرتب سنوى يحصل عليها أول كل عام ويتم قيده فى حساب المصروفات، علاوة على حقه فى بدل السفر والانتقال، مما يعنى أنه يمارس عملا تجاريا، وأنه يعمل موظفا فى إحدى شركات الأموال؛ حيث إن الشركة ذات مسئولية محدودة ووفقا للقانون تسمى «شركة من شركات الأموال» وإذ كان من الجائز أن يكون شريكا فيها، إلا انه لا يجوز له أن يكون مديرا لها وهو فى الوقت نفسه مقيد فى نقابة الصحفيين، فالعمل الصحفى لا يقبل أبدا من حيث طبيعته ومن حيث قانونه الجمع بين الصحافة والعمل فى وظيفة ما، كل هذا والدولة كانت غافلة ومتغافلة ونقابة الصحفيين لا هى هنا ولا هى هناك، إلا أننا لا ينبغى أن نستمر فى حالة الغفلة والغياب فى وقت يتعرض فيه الوطن لأشرس وأقبح حرب فى التاريخ كله.

وقد كان الإخوان فى بادئ الأمر ينشئون هذه المراكز باعتبارها جمعية وفقا لقانون الجمعيات، إلا أنهم عندما وجدوا صعوبة فى تكوين تلك المراكز، بعد أن كشفت الجهات الإدارية أغراضها وأصبحت ترفض إعطاء الترخيص لها لجأوا إلى تغيير طريقة إنشاء مراكزهم، وأصبحوا يُنشئونها على أنها شركة مساهمة يكون رأس مالها ألف جنيه فقط، وفور إصدار السجل التجارى يصبح من حق أصحاب الشركة ممارسة عملهم فى المجالات البحثية دون أية رقابة .. !!، كان هذا هو الحل السحرى الذى اهتدى إليه الإخوان أو كان هو «عصا موسى» التى شقت لهم طريق العمل السياسى دون رقابة أو مؤاخذة ... وجد الإخوان هذه الطريقة آمنة بعد أن كانوا يجدون صعوبات من خلال قانون الجمعيات الذى يعطى لوزارة التضامن الاجتماعى مصادرة مقار الجمعيات التى تنشأ لأغراض اجتماعية، ثم تبدأ فى ممارسة العمل السياسي، أما قانون الشركات المساهمة فلا يسمح لأى جهة بالقيام بدور رقابى على أعمال الشركة فى هذا الشأن، وهو الأمر الذى انتبه إليه بعض قيادات الإخوان مثل إبراهيم الزعفرانى، وجمال نصار، إذ كانت كل شركة من الشركات التى أنشأوها تخضع لقانون الشركات المساهمة ولا يزيد رأسمالها على ألف جنيه، بالإضافة إلى مقر الشركة الذى غالبا ما يكون «شقة سكنية» خاصة بأصحاب الشركة المساهمة، كل هذا ودولتنا كانت غائبة، أو غافلة، أو متغافلة، ومؤسسات الإخوان تنمو وتتكاثر دون أن نعلم سبب تلك الغفلة، إلا أننا كنا نعلم أنها أدت لهذا التكاثر!.

وعلى مدار سنوات أنشأ الإخوان مراكز حقوقية كثيرة فى محافظات مختلفة مثل «مركز المجتمع المدنى بالغربية» والذى كان يديره المحامى الإخوانى طارق البلتاجي، و»مركز النهضة» الذى كان يديره النائبان محمود على عامر، وعزب مصطفى فى الجيزة، والمثير للانتباه أن جماعة الإخوان استخدمت العنصر النسائى فى هذه المراكز، سعيا للتأهيل السياسى للمرأة الإخوانية، ومن أهم المراكز التابعة للجماعة والتى تديرها سيدات هو «المركز المصرى لرصد أولويات المرأة» ويسمى اختصارا مركز «مرام» ويعتبر هذا المركز بديلا عن مركز « المرأة « للأخوات الذى كانت تديره المهندسة «كاميليا حلمي» وتم وقف نشاطه، وتدير مركز «مرام» السيدة «كبيرة ناجى» زوجة المهندس الكيميائى الإخوانى «محمد عزيز الزم»، ويشاركها مجلس إدارة «مرام» العديد من الأخوات وزوجات قيادات الإخوان وأبرزهن «جيهان عليوة زوجة حسن مالك - خديجة الشاطر زوجة خالد أبو شادي- أمانى أبو الفضل زوجة أحمد سليم فؤاد- منال أبو الحسن زوجة المهندس عاصم شلبي- سوزان عرابى زوجة عصام عبدالمحسن - أمينة هلال زوجة ياسر محمود عبده - منال حسين زوجة أحمد النحاس - ووفاء مشهور - هند عبدالله- سمية مشهور»، وكالعادة كانت الدولة غافلة أو متغافلة لدرجة أنه فور قيام أحداث يناير ٢٠١١ حتى تحركت كل تلك المنظمات لتكتب تقاريرها المزورة وترسلها لكل المنظمات الدولية، وهو نفس الأمر الذى فعلته الجماعة بعد ثورة يونيو ٢٠١٣ ثم أثناء وبعد فض رابعة وهى مازالت تقوم به حتى الآن، إلا أن ما بعد ثورة يونيو تكشفت لنا أمور كانت للأسف غائبة عن الجميع، ولهذا الأمر قصة.

تبدأ القصة منذ أحداث ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ حين ظهرت منظمة «هيومان رايتس ووتش» وهى منظمة حقوقية أمريكية بمظهر المدافع عن تنظيم الإخوان الإرهابي، والمحامى الأكبر لاعتصام رابعة المسلح، وكان من العجائب أن منظمة أنشأتها المخابرات الأمريكية عام ١٩٧٨ من أجل بدء مخطط تفكيك الاتحاد السوفيتى «وقتها» يمتد نفوذها فيما بعد لباقى دول العالم!، وقد كانت وسائل تفكيك المخابرات الأمريكية للاتحاد السوفيتى يبدأ من تلك المنظمة المخابراتية، وذلك من خلال مراقبة الاتحاد السوفيتى فقط لا غير بشأن احترامه أو عدم احترامه لاتفاقية هلسنكى الموقعة بين دول أوربا والمتضمنة العديد من البنود منها احترام حقوق الإنسان واحترام سيادة كل الدول الموقعة على الاتفاقية، ومن أجل ذلك أصدرت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، مئات البيانات عن الاتحاد السوفيتى تدين فيه الحزب الشيوعى الحاكم، وتتهمه بارتكاب جرائم انتهاك لحقوق الإنسان، وجرائم تدخل فى سيادة العديد من الدول، وكأن أمريكا لم ترتكب جرائم التدخل فى سيادة الدول أبدا!، ثم كان أن انضمت بعد ذلك عدة منظمات دولية لهذه المنظمة ليمتد نفوذها إلى العالم كله، وبسطت رقابتها الحقوقية على دول العالم الثالث، فكانت بياناتها وتقاريرها هى أول الخيط الذى أمسك به الأمريكان لضرب العراق، ثم للتدخل السافر فى ليبيا، ثم الحرب التى لا تزال قائمة ضد سوريا، ثم محاولة تفتيت وإنهاء دولة مصر من التاريخ، وكانت جماعة الإخوان هى الساعد الأكبر الذى وقف للأسف مع الأمريكان فى مخططاتهم التخريبية، لذلك كانت الفرصة سانحة لهم ولتلك المنظمة الأمريكية بدعم من جماعة الإخوان، وبدأت حملات التشويه والتلفيق، ودارت عجلة اختلاق الأكاذيب للدولة المصرية، أما كيف تحولت هذه المنظمة إلى أداة فى يد الإخوان؟ أو قل كيف تحوَّل الإخوان إلى أداة تحت يد تلك المنظمة المخابراتية؟ كان هذا من خلال سلمى أشرف عبدالغفار التى تعمل بالمنظمة، مديراً لملف مصر، والمسئولة الأعلى عن إعداد التقارير الحقوقية، وخاصة تقارير ما أطلقوا عليه «الاختفاء القسري».

أما من هى سلمى؟، فهى إحدى القيادات النسائية فى جماعة الإخوان، وهى قيادة كبيرة فى قسم الأخوات، ثم أصبحت إحدى المسئولات عن إدارة المعركة ضد مصر من خلال المنظمات الحقوقية، وهى فى ذات الوقت ابنة القيادى الإخوانى الهارب أشرف عبدالغفار، أمين صندوق نقابة الأطباء السابق والذى كان متهما فى قضية غسيل الأموال عام ٢٠٠٧ والمتواجد حالياً فى تركيا هرباً من تنفيذ أحكام عليه، وكانت سلمى فى بدايتها تعمل فى منظمة «الكرامة لحقوق الإنسان» التى نشأت عام ٢٠٠٤، والتى كانت تتابع من خلالها أيضاً عملية فض اعتصام «رابعة» وأصدرت العديد من البيانات وقتها بصفتها من المنظمات الموجودة فى الاعتصام، ومنظمة الكرامة هذه يرأسها قطرى يدعى عبدالرحمن النعيمي، ومقرها جنيف، ثم انتقلت سلمى أشرف عبدالغفار للعمل فى منظمة «هيومان رايتس ووتش» إلا أن عملها فى منظمة «الكرامة» كشف الصلة الوثيقة بين الإخوان والقاعدة.

وبعد أن أصبحت سلمى مديرا نافذا فى منظمة هيومان رايتس تدفقت عليها التبرعات من التنظيم الدولى للإخوان وشركاته الاستثمارية، ومن بعدها ظهرت المواقف العدائية لهذه المنظمة ضد مصر، وانحيازها ضد ثورة ٣٠ يونيو التى أطاحت بحكم الإخوان، ومن خلال مؤسسة الكرامة ومنظمة هيومان رايتس ووتش صدر بيان مشترك حول أحداث بورسعيد التى أعقبت إصدار أحكام ضد عدد من مشجعى نادى المصرى البورسعيدي، والتى تمت فى عهد الرئيس المعزول، واشترك فى البيان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

وتوالت تقارير منظمة هيومان رايتس المفبركة وبياناتها العدائية التى زعمت فيها قيام الدولة المصرية بانتهاكات لحقوق الإنسان «الإخواني» وباتفاق مسبق بين هيومان رايتس ووتش وقيادات الإخون الهاربة قاموا بتقديم مئات البلاغات ضد مصر لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ونجحت فى دفع المقرر الخاص بالاعتقال التعسفى فى إصدار أول تقرير دولى رسمى اعتبر أن القبض على محمد مرسى وبعض أعضاء فريقه الرئاسى يعد خرقاً للقواعد الأساسية لحقوق الإنسان وطالبت بالإفراج عنه.

وبين ليلة وضحاها أصبحت سلمى أشرف عبدالغفار أخطر إخوانية تعمل ضد مصر من خارج البلاد، وبتخطيط وترتيب تقف وراءه مخابرات غربية أنشأت سلمى مؤسسة حقوقية أخرى تحت اسم «مؤسسة إنسانية» ومقرها تركيا التى أصدرت عشرات البيانات والتقارير عن فض اعتصام رابعة المسلح، وقد زعمت سلمى فى تقاريرها أن هذا الاعتصام كان سلميا!! وقامت بإجراء العديد من المؤتمرات الصحفية فى إسطنبول للحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر، وعرض ما تزعم أنه انتهاكات ضد الإخوان.

ولكن اختراق الإخوان للمؤسسات الدولية الحقوقية لم يتوقف عند هذا الحد، فقد كشفت صحيفة التايمز البريطانية عن علاقة مسئولة رفيعة لدى منظمة العفو الدولية «أمنستى»، إحدى أبرز الجماعات الحقوقية التى تحظى بمصداقية فى العالم، بشبكة عالمية سرية من الإسلاميين، وقد وضح أن الإخوان أنفقوا على تلك المنظمة الملايين للاستفادة من سمعتها الدولية، وجاء بالصحيفة أن منظمة العفو الدولية لم تكن على علم بأن السيد وائل مصباح زوج مديرة قسم العقيدة وحقوق الإنسان، ياسمين حسين، جاء اسمه ضمن وثائق رسمية تم إصدارها عقب محاكمة جنائية فى الإمارات العربية المتحدة، وقد كشفت تلك الوثائق كما أشارت الصحيفة عن صلات بين جماعة الإخوان فى بريطانيا وإخوان الإمارات، وأضافت صحيفة التايمز أن ياسمين حسين، كانت على صلة أيضاً بمنظمة إغاثة، فى يوركشاير ببريطانيا، وهى منظمة دولية تم تأسيسها عام ١٩٨٤ وتولى إدارتها الدكتور هانى البنا صاحب الصلات الوثيقة بالإخوان، وكانت هذه المنظمة توفر الدعم المادى لجماعة الإخوان.

ولم يكتفِ الإخوان بذلك، فقام القاضى الهارب وليد شرابى بإنشاء منظمة حقوقية فى لندن تحت اسم «هيومان رايتس مونيتور» وكان عمرو دراج هو همزة الوصل بين وليد شرابى والسلطات البريطانية، وهو الذى فتح الباب نحو إنشاء العشرات من منظمات حقوقية تعمل لصالح الإخوان، أما منظمة وليد شرابى هذه والتى تلقت الملايين من تنظيم الإخوان الدولى لدعم أنشطتها فقد دأبت على إعداد تقارير عن حالات وهمية تزعم فيها أنها حالات اختفاء قسرى وتتهم فيها الشرطة المصرية بالضلوع فى هذا الإخفاء، ولا تزال هذه المنظمة تُعد الشكاوى ضد مصر، وتقدمها لمفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، رغم أن معظم الحالات التى أعدت التقارير بشأنها ثبت بعد ذلك أن أصحابها هربوا إلى العراق وسوريا للانضمام للدواعش! ولكن وجه الخطورة فى تلك التقارير أن الكل الآن يتربص بمصر، ويتخذ من تلك التقارير والبلاغات مبررا لحجب المعونات السنوية التى التزمت بها أمريكا عند التوقيع على اتفاقية السلام، ويبدو أنهم يعدون العدة لتوقيع عقوبات اقتصادية ضد مصر.

لذلك لا يكفينا أبدا أن نُحدِّث أنفسنا، بل يجب أن تقوم كل المؤسسات المعنية بفضح جماعة الإخوان الإرهابية على المستوى الدولى، وزارة الخارجية، والمجلس القومى لحقوق الإنسان، وهيئة الاستعلامات، ووزارات الثقافة والشباب، وكما قاموا باختراق صحف دولية يجب أن نقوم نحن بفتح أبواب هذه الصحف لنا، وكما وصلوا إلى قنوات فضائية دولية يجب أن نصل لتلك الفضائيات، حتى لا نبكى بعد ذلك على اللبن المسكوب.