الجمعة 27 سبتمبر 2024

ما المصير الذى ينتظره بعد أن أصبح فى حوزة الدولة؟ قصر حسين سالم «خرابة»

16-9-2017 | 23:26

بقلم –  غالى محمد

وفقا للمصالحة التى تمت بين جهاز الكسب غير المشروع ورجل الأعمال حسين سالم، والتى بموجبها تحصل الدولة على ممتلكات قيمتها تقتبر ٦مليارات جنيه، تم تقدير قصر حسين سالم بالتجمع الخامس بما قيمته ٨٠ مليون جنيه. هذا القصر الذى تنازل عنه حسين، يقع على مساحة عشرة آلاف متر، تصل نسبة المبانى فيه إلى حوالى ١٢٠٠ متر.

هذا القصر الذى هجره حسين سالم وأولاده فى الأيام الأولى لثورة ٢٥ يناير، وكان يشهد أعتى الصفقات البترولية والعقارية وغيرها فى تجارة السلاح، أصبح الآن خرابة، وأصبح وكرا للثعابين والحشرات، وتم إهمال حديقته، توفيرا لقيمة المياه التى يتم دفعها كل فترة.

هذا القصر، الذى لم يكن يقترب منه أحد، وكانت الكاميرات تقوم بتصويره، استطاع زميلى المصور إبراهيم بشير أن يلتقط صورة لصبى يقضى حاجته بجوار أشجار.

هذا القصر، يوجد به حتى الآن، بعض أمتعة حسين سالم وأسرته خاصة من الأثاث، أما الأشياء الثمينة، فقد تم تهريبها فى الأيام الأولى لثورة ٢٥ يناير خارج مصر عبر سيارات دفع رباعى وشاهدها سكان المنطقة، وقامت هذه السيارات بنقلها إلى طائرة حسين سالم التى ترددت شائعات وقتها عن أنه تم فيها أيضاً تهريب عشرات الملايين من الدولارات .

هذا القصر، الذى لم تتسلمه الدولة حتى الآن، ولا يزال حارس القصر، يحصل على راتبه من شركة تتبع رجل الأعمال أو من قريب لحسين سالم، طلب جهاز الكسب غير المشروع، أن يأتى حسين سالم بشهادة من جهاز مدينة القاهرة الجديدة،تفيد بأنه لا يوجد عليه أية مستحقات للجهاز، وعندما ذهب ممثل حسين سالم خلال الأيام الماضية إلى الجهاز، وجدوا عليه ١٢ مليون جنيه قيمة تعديات على الطريق فى منطقة القصر، فسدد حسين سالم هذا المبلغ لجهاز الكسب غير المشروع ليسدده بدوره إلى جهاز القاهرة الجديدة.

ومن ثم أصبح القصر جاهزا لكى تتسلمه الدولة رسميا من رجل الأعمال حسين سالم، والسؤال ماذا ستفعل الدولة بهذا القصر بعد استلامه؟ هل ستتركه خرابة أم ستعرضه فى المزاد؟ أم ستحتفظ به كقصر ضيافة يتبع الدولة مثلما حدث مع بعض القصور التى احتفظت بها عقب ثورة يوليو ١٩٥٢؟

قبل الإجابة عن هذه الأسئلة، ينبغى الإشارة إلى أن هذا القصر يقع فى منطقة شمال الشويفات المعروفة بمنطقة القصور، وبالقرب من منطقة المشتل التى يقيم كان بها زكريا عزمى وفتحى سرور وفيلا صفوت الشريف ومنير ثابت شقيق سوزان ثابت قرينة الرئيس الأسبق مبارك.

هذا القصر تم بناؤه على جزيرة منفعة عامة بقرار فاسد من إبراهيم سليمان وزير التعمير فى عصر مبارك. فقد قام إبراهيم سليمان بتعديل التخطيط العمرانى فى هذه المنطقة، لتكون منطقة قصور، بالمخالفة للقانون، الذى لا يجيز تعديل أرض المنطقة العامة لأراض سكنية، لكن ما حدث حدث، وحصل حسين سالم على قطعتى أرض، كل واحدة منهما خمسة آلاف متر وقام بضمها لبناء القصر الذى سكنه بالفعل مع أسرته لعدة سنوات، وقام بعزله عن المنطقة التى تقع فيه بغابات من الأشجار وكان أشبه بقلعة حصينة قبل ثورة ٢٥ يناير، وكان سكان المنطقة يتابعون الزيارات الليلية لكبار المسئولين فى عصر مبارك لحسين سالم.

واكتسب القصر شرعية لأنه حصل على تراخيص المياه والكهرباء، وبناء على ذلك، قام إبراهيم سليمان بتخصيص الأراضى الخلفية، لأبناء وبنات شخصيات حتى جاءت ثورة ٢٥ يناير، وقام سكان المنطقة بقيادة بعض المستشارين، برفع قضية لوقف أعمال البناء فى هذه المنطقة، باعتبارها جزيرة منفعة عامة، وبالفعل حصلوا على أحكام من مجلس الدولة بإيقاف أعمال البناء على هذه الجزيرة، وقام لاحقاً بالحصول على حكم ثاني لإزالة تلك القصور من على هذه الجزيرة التى يقع عليها قصر حسين سالم، وكان سببا فى تحويلها إلى منطقة قصور.

وبالفعل توقفت أعمال التشطيب فى القصور المجاورة لقصر حسين سالم وتم إيقاف الحفر والبناء فى قطعة آخرى أمام القصر. لكن أصحاب هذه القصور رفعوا قضايا على جهاز القاهرة الجديدة باعتباره هو المسئول عن التخصيص وسببا فى المشكلة ولم يحسم النزاع القانونى حتى الآن.

أي أن قصر حسين سالم الذى سوف تنتقل ملكيته للدولة يقع ضمن منطقة نزاعات قانونية، اضطررنا لذكرها قبل أن نتحدث عن السيناريوهات التى تنتظر هذا القصر.

وفقا لعدة مناقشات مع خبراء عقاريين وشخصيات أخرى من الصعب أن نشير إليها، ينتظر هذا القصر أحد السيناريوهات التالية:

السيناريو الأول، أن تعرض الدولة هذا القصر للبيع بالمزاد العلني لاستغلاله كقصر بشكله الحالى دون هدم، بعد إجراء تقييم جديد له، بغض النظر عن قيمته التى جاءت فى المصالحة وهى ٨٠ مليون جنيه، هذا التقييم يراعى سعر الأرض فى هذه المنطقة، التى يمكن أن تزيد عن ٢٥ ألف جنيه لمتر الأرض فى هذه المنطقة، بخلاف تكلفة المبانى والموقع.

وفى هذه الحالة، يحق لأى مشتر سواء شخصية عربية أو مصرية أو حسين سالم نفسه أو أبناءه أو أقاربه التقدم لشراء هذا القصر وفقا لأعلى سعر وأعلى تقييم.

السيناريو الثانى: أن تعلن الدولة عن بيع هذا القصر كأرض لإعادة بنائها كفيلات ومن الممكن أن تصل قيمة أرض هذا القصر ما بين ٢٥٠ إلي ٣٠٠ مليون جنيه على الأقل.

لكن هذا السيناريو سوف يصطدم بالنزاعات القانونية والأحكام التى صدرت بإيقاف البناء والإزالة على القصور المجاورة لقصر حسين سالم، باعتبار أن البناء تم بالمخالفة على جزيرة منفعة عمومية .

وفى هذه الحالة، سوف تصبح قيمة القصر صفراً ولا يمكن لأى مقاول أن يتقدم لشراء قصر حسين سالم كأرض إذا لم تحل النزاعات القانونية القائمة.

فضلا عن أن هناك حالة ترصد من سكان المنطقة لمنع هدم القصر وبيعه كأرض وتحويله إلى عدد من الفيلات، كما يحدث فى القاهرة الجديدة.

ومن ثم فمن المؤكد أنه سوف يتم استبعاد هذا السيناريو .

السيناريو الثالث: أن تحتفظ الدولة بهذا القصر كأحد قصور الضيافة، لإقامة كبار الضيوف الأجانب على غرار ما حدث بعد ثورة يوليو ٥٢، حيث احتفظت الدولة بعدد من القصور التى تم تأميمها، وأقامت بها بعض الشخصيات مثل شاه إيران وجعفر نميرى الرئيس السودانى الأسبق وغيرهما.

كما حصلت بعض جهات الدولة على عدد من هذه القصور التى تمت إساءة التعامل معها وتم إهدار قيمتها المعمارية وبالتالى من الخطأ أن تحتفظ به الدولة، أو أن يتم نقل ملكيته لأي جهة حكومية.

إزاء هذه السيناريوهات الثلاثة، نرى فضلا عن إجماع الكثير من الشخصيات التى ناقشت معهم قضية هذا القصر، أن يتم فورا إعادة تقييم سعر هذا القصر، دون ارتباط بسعر المصالحة ٨٠” مليون جنيه” وبيعه فى مزاد علنى بأعلى الأسعار وبشفافية كاملة.

ومن ثم فلا بد من أن يتحرك جهاز الكسب غير المشروع عاجلا لبيع هذا القصر فى مزاد علنى دون هدم، خاصة أن حالة القصر بدأت فى التدهور، ولا يوجد أدنى صيانة لمبانيه وحدائقه التى أصبحت الآن ضمن مكونات المال العام للدولة، ولم يعد ملكا لحسين سالم الذى لا يعرف أحد أين يقيم الآن بعد عودته إلى مصر؟

وحتى إن أراد حسين سالم أو أبناؤه التقدم لشراء القصر مرة أخرى، ولكن بالسعر الجديد الذى تحدده للدولة. وفى هذا الشأن، من الخطأ أن نصدق حسين سالم بأنه لا يملك سوى المبالغ التى تصالح بها، فقد تصالح بعدد من أصوله، بينما أمواله التى تقدر بالمليارات من نشاطه فى البترول من خلال معمل ميدور وتصدير الغاز الإسرائيلى والعقارات فى شرم الشيخ والأراضى هنا وهناك وتجارته المعروفة فى السلاح، وكل هذا لن نتعرض له فى هذا المقال.

تلك هى وقائع قصر حسين سالم، التى تكشف غابة من الفساد فى زمن ما قبل ٢٠١١، وبخاصة فى مجال تخصيص الأراضى.

غابة من الفساد، لدىّ يقين أن مصر لن تشهدها، مرة أخرى، وسوف يكون مزاد بيع قصر حسين سالم هو عنوان مرحلة جديدة فى مصر تطبق الشفافية ومكافحة الفساد.