السبت 25 مايو 2024

مصر تنهي الانقسام الفلسطيني وتمكن "الوفاق" من غزة ..تفاصيل وكواليس

17-9-2017 | 21:48

كتبت- أماني محمد

 

أكثر من عشر سنوات مرت على الانقسام التاريخي بين حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين، رغم المحاولات العربية والدولية لإنهاء الخلاف والانقسام السياسي وفشل جميع جهود المصالحة الوطنية طوال تلك السنوات العجاف، لم ينجح الفصيلان الأكبران داخل فلسطين المحتلة في تجاوز ما وقع  في أعقاب الانتخابات الفلسطينية عام 2006، إلا أن مصر استطاعت أخيرًا النجاح في حل الخلاف بينهما وتقريب وجهات النظر.

 

بيان حركة "حماس" اليوم، هو ثمرة جهد المخابرات المصرية لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وأعلن إنهاء الانقسام، وأعلنت حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، ودعوة حكومة الوفاق للقدوم إلى قطاع غزة؛ لممارسة مهامها والقيام بواجباتها فورًا، فضلا عن الموافقة على إجراء الانتخابات العامة، مؤكدة استعدادها لتلبية الدعوة المصرية للحوار مع حركة فتح، حول آليات تنفيذ اتفاق القاهرة 2011 وملحقاتها، وتشكيل حكومة وحدة وطنية في إطار حوار تشارك فيه الفصائل الفلسطينية على اتفاق 2011م كافة.

 

«الهلال اليوم» تستعرض محطات الخلاف بين الحركتين خلال السنوات الماضية وأثرها السياسيوالإستراتيجي على الشعب الفلسطيني.

 

رغم اللقاءات والمشاورات وجهود تحقيق المصالحة بين طرفي النزاع الذي يحكم كل منهما جزءًا من دولة فلسطين، ففي الوقت الذي تسيطر فيه حماس على قطاع غزة، تقع الضفة الغربية تحت حكم حركة فتح متمثلة في السلطة الفلسطينية بقيادة رئيسها محمود عباس أبو مازن.

 

إلا أنه ووفقا لنص بيان حركة حماس اليوم سينتهي هذا الوضع لتخضع غزة لسلطة حكومة الوفاق الوطني بعد أن حلت حماس اللجنة الإدارية في غزة وأعلنت موافقتها على إجراء الانتخابات.

 

بداية النزاع

بعيدا عن الخلاف الأيديولوجي بين كلا الفصيلين فكل منهما له أفكاره وتوجهاته، إلا أن النزاع السياسي بدأت شعلته مع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 فأنشأت حركة فتح "القيادة الوطنية الموحدة لإدارة العمل الميداني للانتفاضة" والتي رفضت حماس الانضمام حتى لوائها وفضلت العمل بشكل منفصل ثم أعلنت انطلاقتها خلال تلك الانتفاضة كمنافس قوى لفتح.

 

ومع توقيع اتفاقية إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي "أوسلو" عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي وهو الاتفاق الذي عارضته حماس وفصائل فلسطينية أخرى لرفضهم الاعتراف بدولة إسرائيل وحقها في أية أراض فلسطينية.

 

وازداد الخلاف بعد أن تسلمت السلطة الفلسطينية الحكم عام 1994 وخاصة بعد حملة اعتقالات نفذتها السلطة ضد المنتمين إلى حركة حماس وآخرين من المنتمين إلى حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية وغزة، إلى أن جاءت انتفاضة الأقصى الثانية والتي أجبرت الطرفين على الاتفاق والاتحاد في مواجهة الاحتلال.

 

الانقسام التاريخي

ومع قرب انتهاء عام 2004 وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات وانتخب محمود عباس أبو مازن رئيسا للسلطة والذي دعا إلى سلطة واحدة وسلاح شرعي واحد إلا أن حماس رفضت ورأت أن الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من قطاع غزة وشمال الضفة عام ٢٠٠٥، دليلاً على قدرة المقاومة على الإنجاز، وأكدت تمسكها بسلاح المقاومة وحماية جهازها العسكري المعروف بكتائب القسام حسبما جاء في بيانها آنذاك.

 

وأعلنت حماس بعد ذلك مشاركتها في الانتخابات المحلية والبلدية والتشريعية، وفي يناير لعام 2006 فازت حماس في انتخابات المجلس التشريعي بحصولها على 76 مقعداً من مجموع مقاعد الـمجلس الـ 132، مقابل 43 مقعد لحركة فتح، شكّلت الحكومة وحيدة بعدما رفضت حركة فتح وبقية الفصائل التقاسم معها في حكومة وحدة وطنية.

 

وكان الالتزام بالاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية الذي رفضته حركة حماس الإقرار بشروط الرباعية والاعتراف باتفاق أوسلو.

ونشبت اشتباكات بين المنتمين لفتح وحماس ما جعل قيادات الأسرى الفلسطينيين يطلقون وثيقة للمصالحة سميت لاحقا بوثيقة الأسرى التي لاقت ترحيبا من جميع الأطراف.

 

مؤتمر الحوار الوطني

ورغم عُقد مؤتمر الحوار الوطني في مايو لعام 2006 ظل الانقسام قائما ولم تتوقف الاشتباكات المسلحة، وفشلت وساطات عديدة بينها الوساطة القطرية في أكتوبر في تهدئة الأوضاع، وبعدها تدخل العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، ووقعت في يناير لعام 2007 اتفاقية مكة بين فتح وحماس والتي تقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية.

 

تشكيل حكومتين

ورغم تشكيل الحكومة إلا أن الوضع خرج عن السيطرة واستمرت الاشتباكات الميدانية بين الطرفين، ومع محاولات الوفد الأمني المصري آنذاك لتهدئة الأوضاع فشلت كافة محاولات رأب الصدع بين الحركتين حتى فرضت حماس سيطرتها المطلقة على قطاع غزة، وحددت مهلة لعناصر الأجهزة الأمنية حتى مساء 15 يونيو لعام 2007 لتسليم أسلحتهم.

 

تدخل الرئيس أبو مازن من رام الله وأعلن حالة الطوارئ وأصدر مرسوماً بإقالة حكومة الوحدة الوطنية، وشكّل حكومة جديدة في الضفة الغربية برئاسة سلام فياض، بينما رفضت حركة حماس الاعتراف بقرار الرئيس وأعلن أن حكومة الوحدة برئاسة إسماعيل هنية قائمة وشرعية وأنها "ستمارس عملها ولن تتخلى عن مسؤولياتها".

 

ومع شن قوات الاحتلال الإسرائيلية حربها ضد غزة عام 2008 عاد الحديث إلى المصالحة وإجراء الحوار الوطني فعقد اجتماعا في القاهرة في بدايات عام 2009 اتفقت خلاله الفصائل الفلسطينية على تشكيل خمس لجان تناقش قضايا الأمن والانتخابات ومنظمة التحرير والحكومة الانتقالية والمصالحة المجتمعية وطلبت حماس إجراء تعديلات وحين رفضت مصر تجمدت الأوضاع.

 

الورقة المصرية

وبعدها كانت دمشق مسرحا لواحدة من محطات المصالحة بمشاركة رئيس المخابرات المصرية اللواء الراحل عمر سليمان، إلا أن اللقاء الثاني قرب انتهاء عام 2010 لم يعقد، لكن في أبريل لعام 2011 وبعد تظاهرات فلسطينية تطالب بإنهاء الانقسام وقع طرفي النزاع في القاهرة على "الورقة المصرية" وهي "وثيقة الوفاق الوطني للمصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني"، واستمرت الاجتماعات الثنائية إلا أنهما اختلفا في البرنامج السياسي لحكومة الوحدة.

وبعدها.

 

وفي نهاية 2013 كانت حركة حماس قد فقدت أهم حليفين لها وهما النظام السوري وجماعة الإخوان في مصر، وعقدت في مارس 2014 اجتماعات مع ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية انتهت بالإعلان عن اتفاق الشاطئ الذي قوبل بترحيب كبير والذي نص على بدء مشاورات تشكيل حكومة التوافق الوطني والإعلان عنها خلال خمسة أسابيع.

 

لكن الأمر لم ينجح أيضا فلم تتسلم الحكومة التي شكلت بعد اتفاق الشاطئ الحكم في غزة، وظلت اجتماعات تعقد وتبنت مصر تحقيق المصالحة فاستقبلت عدة وفود من أعضاء حركة حماس والرئيس الفلسطيني أبو مازن، حتى أعلنت حماس قبل أشهر وتحديدا في مارس تشكيل اللجنة الإدارية في غزة متهمة الحكومة بالتخلي عن مسئولياتها تجاه القطاع.

 

مصر من جديد

واتخذ الرئيس محمود عباس أبو مازن يتخذ عدة قرارات ضد غزة منها تخفيض الرواتب وإجراءات أخرى ضد اللجنة في غزة، حتى أعلنت حماس صباح اليوم استجابتها للوساطة المصرية بقيادة جهاز المخابرات العامة المصرية والتي جاءت تعبيرا عن الحرص المصري على تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام.

 

وكان وفد حماس برئاسة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة وصل قبل أسبوع إلى القاهرة لأول مرة منذ توليه قيادة حماس، قد أجرى مباحثات مع رئيس المخابرات العامة خالد فوزي، في حين التقى وفد برئاسة القيادي في حركة فتح عزام الأحمد مسؤولين مصريين أمس السبت.

    الاكثر قراءة