حوار : إيمان الدربي
تؤمن بأن التعليم من أهم آليات بناء المجتمعات والنهوض بها، وتعترف بأن المنظومة التعليمية تعانى الكثير من الأزمات والمشكلات التى جعلت من إعادة هيكلتها ضرورة ملحة لبناء وتنمية الوطن، لكن على الرغم من اعترافها بوجود مشكلة حقيقية إلا أنها لم تفقد الأمل فى إمكانية الارتقاء بها، ولم تتدخر جهدا فى تقديم يد العون من مكانها كعضوة بلجنة التعليم بالبرلمان للنهوض بالتعليم وتغيير المناهج وتحسين وضع المعلم والقضاء على الدروس الخصوصية، إنها النائبة البرلمانية د. ماجدة بكرى، عضو هيئة التدريس بأكاديمية السادات.
فما هى ملامح خطة تطوير التعليم، وهل سيتمكن النظام الجديد للثانوية العامة من القضاء على مشكلاتها والحد من الدروس الخصوصية، وما آليات تطوير التعليم الفنى، وهل تسهم المدارس اليابانية فى النهوض بالمنظومة التعليمة؟ أسئلة عديدة تجيب عنها د. ماجدة بكرى فى هذا الحوار..
فى البداية ما تقيمك لوضع التعليم المصرى؟
أتفق تماما مع ما يتناوله خبراء التعليم ورجال الإعلام من المشكلات والأزمات التى يعانيها التعليم فى مصر، كما أؤيد الدعوات التى تنادى بإعادة هيكلة المنظومة التعليمة لتصبح قادرة على تخريج أجيال تمتلك من المهارات ما يؤهلها لإيجاد فرص عمل والمنافسة فى سوق العمل، فالهدف من التعليم ليس حصول الطالب على شهادة جامعية فقط بل بناء إنسان لديه تقاليد ومبادئ وعلم مناسب للمرحلة التي يمر بها الوطن ومواكب للتطور العلمي، لذا فأنا مع تغيير منظومة التعليم بصورة تزود الطالب بالمهارات الأساسية للتعامل مع الآخرين بالإضافة لتنمية قدرته على البحث العلمى للمشاركة فى بناء الوطن.
ما هى المبادى الأساسية التى ترتكز عليها خطة تطوير التعليم؟
ترتكز خطة تطوير التعليم على مبدأين أساسين لتحقيق هدف شامل هو بناء منظومة التعليم جنبا إلى جنب مع تنمية المهارات الشخصية للطالب، حيث يتمثل الأول فى التعليم الوجداني والاجتماعي والذى يهدف إلى تعليم الطالب كيفية التعامل مع الأسرة والمجتمع بالإضافة إلى تعليم القيم والأخلاق، فهذا الهدف يسهم فى إعداد جيل قادر على التعامل مع سوق العمل وفقا لمنظومة الأخلاق تتناسب وقيم المجتمع، أما المبدأ الثاني فهو التعليم المستمر للطالب والعمل على تنمية قدرته من خلال التعليم الذاتى والبحث عن المعلومة بطرق علمية ووفقا لمبادئ البحث العلمى لمواكبة التقدم في مختلف المجالات.
الثانوية العامة
من وجهة نظرك..هل تغيير نظام الثانوية العامة قادر على الحد من الدروس الخصوصية والقضاء على مشكلات المنظومة التعليمية؟
لا شك أن تغيير نظام الثانوية جزء من إعادة هيكلة المنظومة التعليمية ككل التى نسعى لتحقيقها، لأن حل معضلة الثانوية العامة بداية القضاء على كافة مشكلات المنظومة التعليمية، فما يحدث في مراحل الثانوية من حفظ وتلقين للحصول علي مجموع عال بهدف الالتحاق بإحدى كليات القمة ليس موجودا في دول العالم التى استطاعت تحقيق النهضة من خلال البدء بمنظومة التعليم، وكما قال سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي: هل يريد الناس أن يتعلم أبناؤهم فعلا أم يحصلون على مجموع فقط؟ لذا أرى أن هذا التغيير سيمكننا من القضاء علي رعب الثانوية العامة والحد من الدروس الخصوصية, لأن الالتحاق بالكليات يعتمد على اختبارات القدرات وليس المجموع.
المناهج التعليمية
كثرت الدعوات لاستبدال المناهج التعليمية بدعوى أنها لا تتناسب مع متطلبات سوق العمل فكيف سيتم تنقيح تلك المناهج بما يتناسب والتطور العلمي الذى يشهده العالم؟
بالفعل بدأنا فى تعديل المناهج الدراسية من خلال الاستعانة بلجنة من اليونسكو والتى قدمت تقريرا تضمن تقييما للمناهج التى يتم تدريسها فى المراحل التعليمية المختلفة، كما وضعت تصورا للصورة التى ينبغى أن تكون عليها المناهج، هذا بالإضافة إلى لجنة أخرى تضم نخبة من أساتذة الجامعات لتعديل تلك المناهج، وبالفعل تم تغيير جزء كبير منها، ونحن بصدد تعديل مادتى الرياضة والعلوم وفقا لتقرير اللجنتين للخروج بشكل جديد ومختلف للمناهج بما يفيد الطالب ويقضى على أسلوب الحفظ والتلقين.
التعليم الفني
يجمع الخبراء أن التعليم الفني هو قاطرة التنمية، فما آليات تطويره وتحسين مناهجه؟
مما لا شك فيه أن التعليم الفني قادر على حل الكثير من المشكلات التى يعانى منها الاقتصاد المصرى، ففي ألمانيا مثلا يعتمدون بشكل أساسي علي الفنيين في الصناعة، لكن ما نحتاج إليه فى هذا الصدد هو تغيير نظرة المجتمعى لخريجى المدارس الفنية، من خلال تكثيف جهود رجال الإعلام لتصحيح الصورة والتأكيد على أن التعليم الفني عنصر فاعل فى البناء والتنمية، وتجدر الإشارة إلى أن خريجى المدارس الفنية يمكنهم استكمال تعليهم فى ظل المنظومة التعليمية الجديدة وذلك من خلال كليات تأهيلية متخصصة ليصبحوا أكثر تخصصا كل فى مجاله.
ومتى ينتهي كابوس الدروس الخصوصية؟
عندما نتمكن من القضاء على أسلوب الحفظ والتلقين، وعندما يصبح لدينا تعليم مستمر وطالب قادر على البحث عن المعلومة والاستفادة منها ستنتهي الدروس الخصوصة، كما يعد بنك المعرفة على موقع "يوتيوب" الذى أطلقه د. طارق شوقى، وزير التعليم خطوة نحو تطور التعليم والنهوض بالمنظومة التعليمة التى تهدف إلى تحويل المدرسة إلى عنصر جذب للطلاب، ومواجهة التسرب من التعليم والقضاء على ظاهرة الغش فى الامتحانات, وقبل كل هذا الحد من الدروس الخصوصية التى ترهق ميزانية أولياء الأمور وتجعل من الثانوية "بعب" الأسر المصرية.
هيبة المعلم
المدارس اليابانية تجربة جديدة، فما الجديد الذي تقدمه هذه المدارس وما وجه الاختلاف بينها والمدارس الموجودة والتابعة للوزارة؟
تعتمد هذه المدارس على تنمية الإنسان اجتماعيا وأخلاقيا من خلال البحث العلمى والتعلم المستمر، كما أن مناهجها مختلفة عن غيرها من المدارس، ويبلغ عددها حوالي 28 مدرسة.
ومتى يصبح خريج الجامعة قادرا على المنافسة في سوق العمل؟
يحدث هذا عندما يتم إلغاء فكرة الكتاب الجامعي والاعتماد على البحث فى الكتب الموجودة بمكتبة الجامعة والمتاحة عبر المواقع التعليمة على شبكة الإنترنت، عند ذلك سيتمكن الطالب من تعليم ذاته بعمل أوراق علمية وأبحاث باستخدام أساليب البحث العلمي، بالإضافة إلى تأهيل الأستاذ الجامعي علميا وتحسين مستواه الاجتماعى.
وماذا عن إنشاء جامعات تواكب التطور العلمي والاحتياجات البيئية؟
هذا ما سيحدث بالفعل على أرض الواقع، حيث أولت الدولة اهتماما ملحوظا للتعليم المتخصص وفقا لظروف المجتمع والبيئية، ففي منطقة القناة ومطروح ودمياط سيتم إنشاء كليات تخدم البيئة وتمدها بمتخصصين فى مختلف المجالات التى تحتاج إليها من خلال تخريج أجيال تتوافق ومتطلبات سوق العمل وتلبى احتياجاته، بالإضافة إلى إنشاء كليات متعددة التخصصات مثل كلية إدارة المستشفيات للأطباء وكليات الزراعة التى تعتمد فى مناهجها على الوسائل العلمية المتطورة، كما بات إنشاء جامعات صغيرة الحجم ضرورة لحل مشاكل التعليم الجامعي لدينا، فالعالم تقدم جدا ويجب أن نواكب منظومة التعليم الجامعي عالميا.
وما وضع تنمية الإبداع لدى الطلاب فى استراتيجية تطوير التعليم؟
تتعلق استراتيجية تطوير التعليم بتنمية الإبداع على كل المستويات للطلاب علميا وفنيا وثقافيا وأدائهم بشكل مبتكر يستطيعون من خلاله تقديم حلول للمشكلات التي تواجههم فى سوق العمل.
ما الرؤى التى تقدمها لجنة التعليم بالبرلمان لتغيير المنظومة؟
بجانب الدور الرقابي والتشريعي نحن حريصون في البرلمان ولجنة التعليم على المشاركة والتنسيق مع الوزارة من خلال وضع الخطط وتقديم حلول سريعة لحل مشكلة التعليم وتطوير المنظومة بشكل عام.
نظام البوكليت في الامتحانات كيف ترينه، ولماذا واجه كل هذه الانتقادات؟
يهدف نظام البوكليت لحد من ظاهرة الغش من خلال توزيع الأسئلة داخل كراسة كبيرة بدلا من جمعها بورقة واحدة، وإن كنا نريد كأعضاء بلجنة التعليم تغيير أعمق في شكل الامتحان وطريقته وقدرة الطالب على التحليل والربط بين المعلومات، لكن هذا يحتاج إلى تهيئة المجتمع لتقبل التغيير، وتكاتف مجلس النواب والحكومة لإعداد شكل مختلف لتطوير التعليم وتوضيح الأشكال الجديدة للامتحانات وإقناع المجتمع بها, لكن عادة ما يخاف المجتمع من فكرة التغيير رافعا شعار "اللى نعرفه أحسن من اللى ما نعرفوش".
هناك قرى ونجوع ومناطق نائية كثيرة لا توجد بها مدارس فكيف ناقشت لجنة التعليم هذه القضية، وما الحلول المقترحة؟
المشكلة في عدم إنشاء مدارس بتلك المناطق عدم وجود أراض لإنشائها خاصة وأن القانون يمنع البناء على الأراضي الزراعية وعدد كبير من القرى لا يوجد بها ظهير صحراوي وهنا تكمن المشكلة فيصبح التوسع محدودا في هذه الأماكن، لكننا نسعى لإيجاد حل مع مراعاة عدم مخالفة الدستور.
ماذا قدمت لجنة التعليم بالبرلمان للمشاركة في تطوير المنظومة التعليمية؟
تتواصل اللجنة مع المعنيين بالتعليم في مصر وتستمع للمتخصصين بالمراكز البحثية، وقد شاركنا في أكثر من جلسة للنهوض بالتعليم الفني، وسيتم مناقشة قانونى التعليم وتنظيم الجامعات فى دور الانعقاد المقبل ونتوقع في المستقبل شكل أفضل للمدارس والتركيز على التعليم الفني ونظم امتحانات مختلفة وقانون جديد للتعليم.