الإثنين 25 نوفمبر 2024

مقالات

العمال ودورهم العلمي والثقافي.. دراسة من وحي الحضارة الإسلامية


  • 16-5-2023 | 10:33

د. زينب ناجي المنسي

طباعة
  • د. زينب ناجي المنسي

● يجب أن نفرق بين المهنة والحرفة، فالمهنة هي كل عمل يقوم به الإنسان، أما الحرفة فهي الصنعة أو العمل اليدوي، والاثنتان بمعنى العمل والتكسب
● في الوقت الذى حظي فيه الكثير من الأدباء والعلماء برعاية الأمراء والسلاطين كان كثير من الموهوبين بعيدين عن ساحة العطاء وهؤلاء هم مثقفي قوى الشعب العامل
الاشتغال والعمل الحرفي والمهني سُنة الله في عباده والتي أقرها الأنبياء فكان آدم عليه السلام مزارعًا، وكان نوحٌ نجارًا صنع السفينة بعون الله له، وكان إدريس خياطا ، وزكريا نجارًا،  والنبي محمد صلي الله عليه وسلم راعيا للغنم وتاجرا.
وقد جاهد النبي صلى عليه وسلم لتغيير نظرة العرب إلى الحرفيين والعمال فعمل بيديه الشريفتين مع العمال في البناء والحفر وساعد الكثير من العمال والحرفيين، وقد جاء سعي النبي الكريم في هذا الأمر حيث عرف عن العرب في الجاهلية احترامهم للرعي والتجارة وفي نفس الوقت احتقروا كثيرل من الحرف وقدروا حرفا أخرى. فعلى سبيل المثال اختلفوا على مهنة الزراعة رغم أهميتها وقدروا صناعة الغزل والنسيج لارتباطها بالرعي في حين احتقروا الحدادة وسموا (الحداد) بالعبد وهنا نرى حكمة النبي عندما أرسل ابنه إبراهيم إلى زوجة أبي سيف الحداد لكي تُرضعه وكان النبي الكريم يجالس أبي سيف أمام منزله حتى يرفع من قدره ويقضي على عنصرية العرب تجاهه وجاءت الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة لتجل العمل والعمال وتؤكد على أهميتهم قال تعالى "وَهو الذي أَنشَأ جَنات معروشَات وغير معروشَات" الأنعام: 141، وقوله تعالى "والأنْعام خلَقها لكم فيها دِفء ومنافع ومنها تَأكلون * ولَكم فيها جمال حين ترِيحون وحين تسْرحون * وتحمل أَثقالَكم إِلى بلد لم تَكونوا بالغيه إِلا بشِق الأنفسِ إن ربكم لرءوف رحيم * والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمونَ"  الأنعام: 5 - 8، "يا أَيها الذين آمنوا ليَبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيدِيكم ورماحكم" المائدة: 94، " أني لا أُضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أُنثى" آل عمران :195، "وعلمناهُ صنعة لبوس لكم لتحصنكُم من بأسكم فهل أنتُم شاكرون" الأنبياء :80.
ويُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
-"لأن يَحتطب أحدكم حُزمة على ظهره، خير ممن أن يسأل الناس أعطَوه أو منَعوه".
-"ما كسب الرجل كسبا أطيب من عمل يده قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: "لأن المؤمن إذا لم يكن ذا حرفة تعيش بدينه" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نماذج لعمال أثروا الحضارة العربية الإسلامية.
وفي إطار موضوع العمل والعمال يجب أن نفرق بين المهنة والحرفة فالمهنة هي كل عمل يقوم به الإنسان أما الحرفة فهي الصنعة أو العمل اليدوي والاثنتان بمعنى العمل والتكسب. وقد ظهرت أسماء المهن والحرف مقترنة بأسماء الكثير من الأعلام لتؤكد أن هؤلاء الأعلام كانوا عمالا بجانب موهبتهم أو إنهم كانوا أبناء لأحد العمال جدير بالذكر أنه في الوقت الذى حظي فيه الكثير من الأدباء والشعراء والعلماء والمثقفين برعاية الأمراء والسلاطين كان كثير من الموهوبين بعيدين عن ساحة العطاء وهؤلاء هم مثقفي قوى الشعب العامل فلم يكن غريبا أن نجد أديبا أو شاعرا أو فقيها عاملا أو جزارا أو وراقا وحماميا وصائغا وخياطا وعطارا وكحالا وحلويا وقد كان هؤلاء الأدباء والعلماء لسان حال الشعب والأكثر تعبيرا عن مشاعره ونبضه حتى أن تاريخ المجتمعات العربية الحقيقي لا نجده إلا في كتابات الأدباء من الحرفيين والعمال فكانت كتابات مثقفي السلطة معبرة عن طبقات الخاصة من ناحية أخرى فقد كانت للألقاب الحرفية لكثير من الشعراء والأدباء أكبر الأثر في ذيوع صيتهم في مختلف الأنحاء.
أبو القاسم الأنماطي توفي 288 هجرية ببغداد:
حرفة الأنماطي والمقصود بها بائع الأثاث والمستلزمات المنزلية من أشهر الأنماطية  أبوالقاسم الأنماطى الشافعي وكان من كبار فقهاء الشافعية.
أبو القاسم الزجاجي توفي 340 هجرية: 
الزجاجي هو بائع الزجاج وصانعه ومن أشهرهم أبوالقاسم إسماعيل بن محمد الزجاجي وكان عالم في اللغة والنحو.
أبو عمر حفص بن حميد الأكاف الزاهد المروزي:
والأكاف وهو خادم البهائم وكان ابن عمر عالما فقيها وصاحبا لعبدالله بن المبارك بن واضح شيخ الإسلام.
أبو نصر أحمد الأبرسيمي ت 371 هـجرية:
 والأبرسيمي المقصود بها الإبرة التي لا عين لها يلقب بها من يعمل بالثياب وهو من أشهر من لقب بهذا اللقب وكان من أعلام نيسابور.
الفقيه أبوبكر محمد بن بكر الثعالبي ت 380 هـجرية:
الثعالبي هو الذي يخيط فرو الثعالب ويصنع منها الفراء ومن أشهر من حمل هذا اللقب الفقيه أبو بكر محمد بن بكر الثعالبي.
أحمد بن سهل المعروف بالحداد ت 389 هـجرية:
الحدادون هم المشتغلون بالحدادة وأحمد بن سهل من أشهرهم وكان أديبا محدثا.
أبو عبدالله الأكفاني توفي 405 هجرية:
بائع الأكفان وكان قاضيا معروفا في بغداد.
محمد بن عمر الفخار ت 419 هـجرية:
الفخار هو صانع الفخار وعرف فيما بعد باسم الفخراني من أعلام تلك الحرفة محمد بن عمر الفخار وكان قاضيا عالما.
 أبو عبدالله محمد المعروف بالخطيب الإسكافي توفي 420 هجرية:
 نسبة إلى صنعة الأحذية وأبو عبدالله  صاحب كتاب درة التنزيل وغرة التأويل.
عبدالرحمن بن أحمد بن سعيد الحصار ت 422 هـجرية:
الحصّارون هم بائعي الحصر وصانعيها وعرف صاحب تلك المهنة بعد ذلك بالحصري و عبدالرحمن الحصّار من أشهر الحصّارون حيث ولي القضاء في الأندلس وكان عالما بعلوم الدين.
ابن الحناط محمد بن سليمان الرعيني  ت 438 هـجرية:
 الحناط بائع الحنطة وصانعها ومن أعلام الحناطين الأديب الشاعر محمد بن سليمان الرعيني المتوفي 438هـ /1046م والذي عرف بابن الحناط.
أبو قتيبة الشعيري ت 460 هـجرية:
الشعيري ينسب إليها بائع الشعير وصانعه من أهم أعلامهم أبو قتيبة الشعيري وهو من أهم رواة الأحاديث.
الإمام أبو منصور الخياط ت 499 هجرية:
محمد بن أحمد بن علي بن عبدالرازق أبو منصور البغدادي الزاهد المعروف بالخياط، له مؤلفات منها المهذب في القراءات.
ابن الدجاجي ت 564 هجرية:
الدجاجي بائع الدجاج ومن أشهرهم سعدالله بن نصر بن سعيد الدجاجي من أئمة الحنابلة وصاحب كتاب سفط الملح وزوح الترح.
أبو الحسين الجزار ميلاده 601 هجرية:
جمال الدين أبو الحسين يحيا بن عبدالعظيم، ولد بالفسطاط يعمل بالجزارة كأبيه وأقاربه نبغ في الشعر وفنونه وذاع صيته إلا أنه لم يترك الجزارة.
-أبو عبدالله الشذوني الإشبيلي:
عمل قاضيا بإشبيلية واشتهر بالفقه والعلوم، ارتحل لمدينة تلمسان والتي عمل بها بحرفة وصنعة الحلوى حتى صار يعرف بسيدي الحلوي، بني له مسجدا تخليدا لذكراه نسبة إليه بمدينة تلمسان بالجزائر. 
ابن الأبار القضاعي توفي 658 هجرية:
نسبة إلى عمل الإبر وصنعتها وهو أبو عبدالله محمد القضاعي مؤرخ وشاعر أندلسي.
السراج الوراق توفى 695 هـجرية:
 اشتغل في صناعة الورق ونبغ في الشعر وصفه ابن تغربردي في (النجوم الزاهرة) بقوله: "شاعر مصر في زمانه بلا مدافعة"، له ديوان يسمى لمع السراج.
علي البقلي 696 هجرية:
  البقلي هو زارع البقول والتاجر فيها وعلي البقلي أمهر من عمل في هذا المجال في العصر المملوكي وبني مسجده المشهور بالقاهرة.
ابن الأمشاطي توفي 902 هجرية: 
الأمشاطي هو بائع الأمشاط ومن مشاهير هذه الحرفة محمود بن إسماعيل الأمشاطي كان طبيبا عالما بفنون القتال وبرع في الصنائع والفنون ووفاته بالقاهرة.
عين بصل توفي 907 هجرية:
اسمه الحقيقي إبراهيم بن علي بن خليل الحراني وكان خياطا وموهوبا في الشعر وعن عين بصل يذكر صاحب (فوات الوفيات) أن قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان قصده وسمع منه وقال له (أنت عين بصر لا عين بصل).
أبو بكر الجصاص توفي 981 هجرية:
الجصاص هو من يقوم بمهنة النقاشة والتزويق أعمال الجبس حاليا ومن أشهر الجصاصين أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص من أئمة المذهب الحنفي.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة