• ومن أشهر شعراء العامية فى بورسعيد وفي منطقة قناة السويس حامد البلاسى الذى كان يخط بيمناه شعره ويبيع عطارته بيسراه، ورجل الترسانة البحرية كامل عيد الشاعر الشعبى الكبير، متعدد المواهب
اشتهر فى الأدب العربى القديم والحديث الكثيرون ممن يعملون بأيديهم، ويحترفون حرفة أومهنة، بل صارت لهم مهنتهم لقبا فى أسمائهم، وعرفوا وانتسبوا إلى مهنتهم كالعطار والنسّاج والخياط والطرّاز، والإسكافي، والفاكهى، وكان عمر الخيام صاحب رباعيات الخيام الشهيرة، والتي شدتْ بها السيدة أم كلثوم ، خيّاما.
وقد عرفنا فن السمسمية الشائع والمنتشر في بورسعيد وفي منطقة القناة كلها، وقد كان مؤلفو هذا الفن الجميل الذى يتغنى به الناس، وكان منشدوه جميعا من الطبقة العاملة الشريفة المكافحة، وكذلك كان كثير من شعراء العامية، وهو شعر أكثر ارتباطا بالجمهور والمتلقين، وقد عمل الشاعر الكبير بيرم التونسى (1893ـ1961) ( عتّالا) وعاملا حين فر إلى مارسيليا منفيا ومطاردا.
الشاعر العطار حامد البلاسى
ومن أشهر شعراء العامية فى بورسعيد وفي منطقة قناة السويس حامد البلاسى الذي كان يخط بيمناه شعره ويبيع عطارته بيسراه، واحتل موقعه المرموق في حركة الشعر العامى فى منطقة قناة السويس. لا في بورسعيد فحسب، مختارا لقب (خيّام مصرى)، وكما كان عمر الخيام القديم حكيما كان الخيام المعاصر عطّارا، بما في مهنة العطارة القديمة والحديثة، معا، من أمور الطب والوصفات الطبية حسب معتقدات الطبقات الشعبية.
أصدر دواوين من شعر العامية، من بينها رباعياته التى تزخر بالحكمة والرمز وتعدد الدلالة، لتذكرنا برباعيات عمر الخيام الشهيرة.
تزخر رباعيات حامد البلاسى بالمعنى العميق الموحى، وبالموضوعات الحية المعاصرة، وبالعنوان المعبّر، ومن نماذجه: الحب، والروحية والاغتراب، والتعبير عن الغلابة والمطحونين، والعدل والرحمة، ومقاومة المستعمر في منطقة القناة وبورسعيد، والانتماء للوطن ومقاومة الدخلاء والأجانب الغازين. والنظر فى هذا الجانب له خصوصيته في منطقة القناة (بورسعيد والإسماعيلية والسويس)، حيث عانى الشعب من الاحتلال الإنجليزى، واشتعلت نار المقاومة في مواجهة ذلك الغاصب المحتل المستعمر، ومع شعر المقاومة نجد الشاعر يحلم بأب جديد عادل أمين مؤتمن، ويشتاق للمسة أمومة ومخدّة من وجْد صوفى، فى انحياز لأساس الانتماء الإنسانى، ومن ثم الوطنى، راجعا للأصول: خوفو، وأحمس، ومينا، وصولا للمصرى الفلاح، والوطن بعامة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى عند الدخلاء والمستعمرين، رامزا لنيرون الذى ذهب وبقى الشعب، ولعرابى الذى بقى وذهب المستعمر، وهكذا يمضي مع رموز: صلاح الدين، والبطل الشعبي أدهم، وسعد زغلول، وما فى "صحائف الماضى" تخليدا للدور البطولى لشعب منطقة القناة وللشعب المصري بأسره.
شاعر الترسانة البحرية
أما كامل عيد فهو صاحب الأغنية المشهورة ( حلوة وعال يا ام الخلول)، وقد كان يعمل في ترسانة بورسعيد البحرية ولد فى 17/6/1932، شاعر شعبى كبير، متعدد المواهب، فهو ملحن ومنشد للسمسمية، وباحث، ومؤرخ للشعر الشعبي، ألف مع رفاقه فرقة" شباب النصر للسمسمية"، انبثق ينبوع شعره مع العدوان الثلاثي على مصر 1956وهوالمؤلف الأصلى لأغنية تداولتها الفرقة القومية للفنون الشعبية سنة 1973، وهى: (طاظه وعال يا ام الخلول)
وقد ألفها ارتجالا ـ كما حكى لى ـ حين عاد ذات مساء إلى قرينيته حاملا في بيته قرطاسا من " أم الخلول" المملـّحة، وهو يشدو ويتغنى ويردد هذا المطلع طربا وتلحينا، ومن مؤلفاته: دراسة فولكلورية بعنوان (بورسعيد علم ونغم)، جمع فيها نصوصا مهمة شفهية ومغناة أنشدها المنشدون، ومن دواوينه: مركبة من ورق، وبحّار من بورسعيد، ونال جوائز عديدة.
وكما هو معروف في الأدب الناقد، وبخاصة الأدب الشعبى انتقد سياسة الانفتاح فى الثمانينيات من القرن الماضى، وتهكم من تطبيق نظام المنطقة الحرة ببورسعيد تطبيقا استهلاكيا وليس إنتاجيا واستثماريا، الأمر الذى أدى إلى شيوع مظاهر الرفاهية والتمادى فى الاستهلاك حتى ارتفع سقف الطموحات الاستهلاكية لدى الإنسان، وكيف ترك رجل الشارع درّاجته (العجلة)، واستبدل بها سيارة حديثة خالصة الجمارك، وتغير الحال فقال:
العجلة باتت في الجراشْ
وبلدنا داستْ دبْرياشْ !!