الإثنين 25 نوفمبر 2024

حب على "الواتس أب"

  • 19-9-2017 | 14:13

طباعة

بقلم : إقبال بركة

مر ربيع العمر واقترب الخريف وهى فى انتظار نسمة ترطب أيامها وتعوض ما فاتها فى زحمة انشغالها بواجباتها كأم وزوجة, لقد رحل الزوج وغادر الأولاد إلى بيوتهم, وهدأت حركة الحياة حتى استحالت إلى سكون تام يحتله الملل, تجلس إلى النافذة ساعات طوية تتأمل الرائح والغادى وتحسدهم لأنهم يعرفون إلى أين يذهبون ومتى يعودون.

تباعدت زيارات الأبناء والإخوة وقلت اتصالاتهم الهاتفية, الكل مهموم بحياته، تحاصره مشاكله, إذا رن جرس الهاتف أسرعت إليه فرحة فى شوق للتواصل مع أى قريب أو غريب، لكن المكالمة تنتهى سريعا ويعود الصمت يملأ فراغات البيت والقلب.

فى يوم جاءها أحد أبنائها بجهاز كومبيوتر جديد كهدية عيد الأم وعلمها كيف تستخدمه, وجدت على "الوتس أب" صورة لشاب يتحدث عن طائر الحب الذى هاجر إلى بلاد بعيدة, تجاوبت معه ثم أغلقت الجهاز بسرعة, عاود الاتصال وظل يرسل لها يوميا صور باقات ورد رائعة مصحوبة بكلام أذاب الجليد المتراكم على قلبها, فى البداية امتد خيط من الحوار لم ينقطع لمدة ساعة, فى اليوم التالى طال الحوار إلى ساعتين واستمرت الزيادة حتى أصبحت تحتل اليوم بطوله, صارت تنتظر بلهفة حكاياته الطريفة والنكات والصور النادرة وتعقب عليها فرحة بالعلاقة التى لم تكن تحلم بها, ثم طلب منها صورتها, "انتِ مليتى حياتى ومش حاقدر أستغنى عنك سواء كنت شابة جميلة أو غير ذلك, أنا لا أبحث عن الشكل، أما الجوهر فقد وجدته أخيرا ولن أتنازل عنك", انتشت بكلماته, قرأتها عدة مرات حتى حفظتها.

أرسلت له صورة قديمة لها أخذت لها فى فرح منذ سنوات, كانت يومها فى قمة السعادة تشع الفرحة من عينيها ويطل التفاؤل.

كتب يقول: أنت أجمل بكثير مما كنت أحلم, بعد يومين كتب يقول: إنه وقع فى غرامها, هل أنت متزوجة؟ أنا أرملة، ولم تكذب, إذن ما المانع أن نلتقى؟ أصيبت بحالة هلع لم تكن تتوقع أن تتطور العلاقة إلى هذا الحد.

تجاهلت رسائله لعدة أيام، ثم فتحتها من باب الفضول فوجدت رسائل عديدة يتوسل لها أن تصفح عنه, آسف إنى أغضبتك, لن أزعجك مرة أخرى. ولكنها ضعفت وذهبت إلى العنوان الذى كتبه, استسلمت لعناقه المحموم وبادلته كلمات الحب والغرام وهى تشعر أنها عثرت أخيرا على ما كانت تتوق إليه عمرها كله, فجأة ظهر بالباب رجل قاسى النظرات ونعتها بأقذر الألفاظ ثم جرها من شعرها وهى عارية تماما إلى الحمام وأمرها أن تتطهر من الدنس أما حبيب "الواتس أب" فقد اختفى, أحضر الرجل ورقة وقلما وطلب منها أن تتنازل له عن كل ما تملك من مال أو عقار, رفضت فأوسعها ضربا وهددها بالطرد من الشقة عارية تماما, توسلت إليه أن يرحمها فقذفها خارج الشقة هى وملابسها بعد أن استولى على الموبايل وكل ما معها من نقود.

 فى اليوم التالى وجدت رسالة من حبيبها ففتحتها بلهفة لتجد شريط فيديو يصور لقاءهما الحميم وعدة صور وهى عارية وتهديد بأن يرسل الشريط إلى أبنائها وكل معارفها ما لم تنفذ ما طلبه منها .

    أخبار الساعة