أحد أبرز كُتاب الرواية العرب في القرن العشرين، وأحد الكُتاب الرواد في الأدب العربي الحديث؛ استطاع برواياته أن يعكس الواقع العربي الاجتماعي والسياسي، خاصة التحولات الثقافية والسياسية العنيفة التي شهدتها دول الخليج، ساعده في ذلك عمله كخبير في مجال النفط، حيث أدرك حجم الاقتصاديات النفطية، وحجم التغيرات التي أحدثتها الثروة النفطية في المجتمعات الخليجية إنه الكاتب والروائي عبدالرحمن منيف، الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده، ويحتفي به مُحرك البحث الأشهر "جوجل" بهذه المُناسبة.
ولد عبدالرحمن منيف في عمان بالأردن عام 1933م، لأب سعودي وأم عراقية، وقضى فترة طفولته بين شرق الأردن والسعودية، غادر والده مع إحدى القوافل التجارية بلدته قصيبًا بعيون الجواء شمال مدينة بريدة 1883م وظل يتنقل بين مدن الشام والعراق وكان يزاول مهنة التجارة بالمواشي والموارد الغذائية، كما تزوج عدة مرات واخيرا تزوج السيدة نورة الجمعان 1931م وأثمر زواجهما عن ابنهما عبدالرحمن.
في العام 1936 رحل والده وهو في عمر الزهور، ولم يبلغ عامه الرابع بعد، كان مايزال طفلًا صغيرًا لا يدري ما يدور حوله، حينما تحولت والدته لأم وأب في ذات الوقت، حيث قامت على رعايته، فتأثر بها كثيرًت وتعلم منها الكثير، ومن بين يدي أمه انطلق محبًا للعلم، ومع هذا لم تكن أمه الوحيدة التي دفعته لمحبة المعرفة، والسعي نهمًا وراء العلم الغزير، فقد كان لجدته لأمه دورًا لا يقل أهمية في تنشئته، وغرس حب المعرفة بداخله، وهذا الفترة كانت في الأربعينيات التي شهدت تحولات كبيرة في تاريخ مدينة عمان التي شهدت مولدته وطفولته المُبكرة، فهناك كانت أولى خطواته، وهناك عرف النطق بأول كلماته، وهناك أيضًا أطلق لخطواته العنان، محتضنًا نسائم المدينة من أعالي جبالها، وبين شوارعها وحواريها ووديانها.
كانت سنوات منيف الدراسية الأولى في مدينة عمان، حيث التحق هناك بالمدرسة الابتدائية ومنها تدرج في مراحل التعليم المُختلفة إلى أن وصل إلى المرحلة الثانوية عام 1952م، وكان لهذه السنوات تأثيرًا كبيرًا على شخصيته وتكوينه، وازدياد معارفه واتساع أفقه، وانعكس ذلك على كتابه سيرة مدينة التي رصد خلاله ما يُشبه رحلة صباه وسنوات شبابه الأولى، من خلال سرد تفاصيل ما جرى خلال هذه الفترة إجتماعيًا وسياسيًا، منذ أن كانت البلدة مجتمعًا صغيرًا وضيقًا إلى أن اصبحت عاصمة كبيرة ولها قيمتها الحضارية.
انتقل عبدالرحمن منيف بعد ذلك إلى بغداد والتحق بكلية الحقوق لاستكمال دراسته ولكن سرعان ما تم استبعاده عام 1955م، فحول مسار دراسته إلى جامعة القاهرة وتخرج فيها ثم بعدج ذلك رحل إلى يوغوسلافيا لاستكمال الدراسات العليا وذلك في عام 1958م، في جامعة بلجراد الحكومية حيث حصل هناك على شهادة الدكتوراة في علم الإقتصاد في مجال "اقتصاديات النفط، الأسعار والأسواق".
أهم أعماله الأدبية هو مدن الملح الذي كتبه في خمسة أجزاء حيث رصد في كل جزء بدقة وعناية شديدة جدًا المجتمع البدوي وسماته الاجتماعية بعد ظهور النفط كما تناول أيضا رجال الاعمال الأجانب الذين جاؤوا إلى الخليج ومحاولاتهم في فرض السيطرة على المنطقة مع حكامها وخصص الاجزارء الثلاثة الاخيرة لوصف التحولات الاجتماعية والسياسة التي طرأت على المنطقة وهذا ما جعل يتم تصنيفه كمعارض للسياسة السائدة آنذاك.
في عام 1989 فاز بجائزة العويس الثقافية في دورتها الثانية،كما حصل على جائزة ملتقى القاهرة للإبداع الروائي في دورته الأولى 1998م،كما كرمه الملتقى في دورته الثالثة عام 2005 إلى اسمه وتخليدًا لأعماله.
رحل عبدالرحمن منيف عن عالمنا 24يناير 2004م، بعد رحلة طويلة من الإبداع والتميز.