الإثنين 29 ابريل 2024

في ذكرى ميلاده .. نكروما الرئيس الغاني يتزوج عروس النيل

21-9-2017 | 20:49

كتب ـ خليل زيدان

قصة أغرب من الخيال، تثير الشجون لما بها من تحدٍ وحب ووفاء ونضال، هي قصة المناضل الإفريقي الذي أصبح أول رئيس لغانا، ووقع في غرام مصر، فاختار منها عروس النيل لتصبح سيدة غانا الأولى.. في ذكرى ميلاد الزعيم الغاني كوامي نكروما التي تحل اليوم، نروي التفاصيل الشيقة في التقرير التالي.

 

المولد والنشأة

يعد الزعيم الغاني كوامي نكروما من أشهر المفكرين والمناضلين الأفارقة، فهو المولود في 21 سبتمبر 1909 في قرية نكروفل أقصى الجنوب الغربي لساحل الذهب "غانا الآن"، وعرف عنه تفوقه الشديد في دراسته الأولى بمدارس الإرساليات الكاثوليك الرومانية، حتى تخرج في دار المعلمين، وذهب في عام 1926 يتدرب على التدريس بأكرا، وفي عام 1935 سافر إلى الولايات المتحدة للدراسة بجامعة لنكولن، حتى حصل على الليسانس عام 1939 وأيضاً حصل على ليسانس العلوم الدينية من جامعة لنكولن ثم ماجستير في الفلسفة من من جامعة بنسلفانيا.

نزعة النضال

واتت نكروما نزعة النضال السياسي وهو يعمل في جامعة بنسلفانيا، حيث شكل منظمة للطلاب الأفارقة في أمريكا وكندا وأصبح رئيساً لها، واهتمت المنظمة الطلابية بالقضايا السياسية لغرب إفريقيا .. وكان نكروما يعتمد على أحد المرابطين المسلمين هناك في شئون الدين والشئون السياسية، وقد نصحه المرابط المسلم بأن يتزوج من مصرية.. وغادر أمريكا عام 1945 إلى لندن ليصبح الأمين العام لمؤتمر التضامن الإفريقي عام 1947، وعاد إلى شاطئ الذهب التي بدأت تسعى للتحرر والاستقلال في هذا العام، فأصبح أمين عام حزب ساحل الذهب وبدأ النضال لأجل الاستقلال فتم اعتقاله في العام التالي، وأفرج عنه وترك المؤتمر ليؤسس جريدة أخبار مساء أكرا ثم أسس حزب المؤتمر الشعبي لتحقيق الاستقلال في منتصف عام 1945 ليلقي القبض عليه في أوائل عام 1950 وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، ليفوز حزبه أثناء سجنه الانتخابات العامة بأغلبية ساحقة، ويتم الإفراج عنه ليصبح رئيساً للوزراء عام 1952 أي قبل شهرين من قيام الثورة المصرية على أيدي الضباط الأحرار.

نكروما يتزوج عروس النيل

في صيف عام 1957 زار الزعيم الغاني نكروما مصر، وبدأ جولته لزيارة بعض الكنائس مع التجول في بعض شوارع القاهرة يراوده الحلم وفي ذهنه نصيحة صديقه بأن يتزوج من مصرية، وأثناء جولته وقعت عيناه في أحد المحال على عروس النيل، فتاة امتلكت كل مقومات الجمال، امتزج في قوامها جمال النيل وحلاوته، فأشار إليه قلبه وعقله بأنها الفتاة التي يبحث عنها وهي منية النفس وشريكة العمر .. فتقدم منها نكروما وتحاور معها قليلاً، ليمضي بعدها مقرراً على اختيارها زوجة له.. فأخبر الرئيس جمال عبد الناصر برغبته في المصاهرة، وقد أسعدت ناصر تلك الفكرة التي تدعم أواصر العلاقة بين مصر وغانا، ومضى نكروما نحو تحقيق هدفه وتقدم لخطبة الفتاة، إلا أن طلبه قوبل بالرفض من جانب والدتها التي خشيت ألا ترى ابنتها مرة أخرى كما فعلت أختها الكبرى عندما تزوجت وهاجرت مع زوجها.

ناصر يذلل العقبات

علم الرئيس جمال عبد الناصر بمخاوف أسرة العروس المصرية فتحية رزق المولودة بحي الزيتون عام 1932 والتي تفرغت والدتها لتربيتها وإخوتها بعد رحيل الأب، فأرسل في استدعاء والدتها لمعرفة أسباب الرفض، فأخبرته الأم بأنها تشعر أنها لن ترى ابنتها مرة ثانية، فطمأنها الزعيم جمال بأن ابنتها ستتزوج من زعيم إفريقي، وأنه قرر افتتاح سفارة مصرية هناك، وسيكون بين القاهرة وغانا خط طيران مباشر، يمكنها أن ترى ابنتها في أي وقت تشاء.. فاطمأنت الأم لحديث الزعيم جمال ووافقت على مضض، وفي أول يناير عام 1958 تم زفاف الزعيم الغاني نكروما على عروس النيل فتحية رزق في القاهرة وقد سعدت العروس بتلك الزيجة وانتقلت مع زوجها على الفوز إلى غانا لتصبح سيدة غانا الأولى، لتنال حب الجماهير الذين أطلقوا عليها عروس النيل .. وكانت فتحية نكروما سفير غير رسمي لمصر في غانا، فكانت السبب في توطيد العلاقات بين البلدين، وعشقت بلدها الجديد وناسه، بدأت في عمل الخير وتوزيع الأطعمة والأقمشة على الشعب الغاني مع مساعدة زوجها في عمله النضالي.

 

عروس النيل سيدة غانا الأولى

في مارس عام 1960 قررت غانا أن تصبح جمهورية مستقلة، وفي 19 إبريل طرح الزعيم الغاني استفتاء على دستور جديد للبلاد، ليصبح رئيساً للدولة في الأول من يوليو من نفس العام وتصبح السيدة فتحية رزق سيدة غانا الأولى، وقد أنجبت منه ثلاثة وأولاد وهم جمال وسامية وسيكو.. وجمال سماه الزعيم نكروما على إسم الزعيم جمال عبد الناصر.. وفي عام 1966 وقع انقلاب في غانا عند زيارة نكروما لفيتنام، وكانت زوجته وأبناؤها في غانا .. فاتصلت بالرئيس جمال عبد الناصر تطلب منه إنقاذها وأولادها، فأرسل لها الزعيم طائرة خاصة أعادتها وأولادها سالمين إلى القاهرة.. واستضافها الزعيم ثلاثة أشهر بقصر الطاهرة حتى نقلت إلى فيللا في المعادي تم بناؤها لها ولأولادها .. أما الزعيم نكروما فقد اتجه إلى غينيا ليقيم بها، وقد تدهورت أحوال غانا على يد الانقلابيين مما دعا الشعب الغاني أن يطالب بعودة نكروما للحكم، إلا أن قضاء الله كان أسرع فقد رحل عن دنيانا أثر إصابته بالمرض ودفن في غينيا ثم نقل جثمانه إلى غانا.

أمضت عروس النيل وسيدة غانا الأولى ما بقي من عمرها مع أولادها في مصر، ومع نكبة 1967 تبرعت بمالها وذهبها للمجهود الحربي في مصر وعكفت على تربية أولادها الثلاثة، إلى أن أصابها المرض ونقلت إلى مستشفى النيل بدراوي، وعند زيارة الرئيس الغاني جون كافور إلى مصر عام 2000 أصر على زيارتها بالمستشفى أثناء مرضها، وقد رحلت عروس النيل عن عالمنا في عام 2007 ونقل جثمانها لتدفن في غانا بجوار قبر زوجها.

بقي أن نوضح أن الابن الأكبر للزعيم نكروما وعروس النيل هو الصحفي الكبير جمال نكروما الذي يعمل حالياً بجريدة الأهرام، أما أخواه سامية وسيكو فهما في غانا، وقد رحبت سامية كريمة الزعيم الغاني بالوزير سامح شكري عند تواجده في غانا من شهرين وزار معها ضريح والدها ووالدتها.

 

    Dr.Randa
    Dr.Radwa