لست من رجال الدين حتى أبارز الدكتور صبرى عبد الرؤوف فى فتواه الشاذة عن جواز جماع الزوج لزوجته بعد وفاتها، بحجة نكاح الوداع، ولكننى مسلم أقرأ القرآن يومياً، وأعرف أن الله قد كرم المرأة فى كتابه الحكيم، فى أكثر من موضع فى القرآن الكريم.
وأعرف أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أوصانا بالنساء خيرا فى خطبة الوداع، وفى كثير من الأحاديث.
أعرف كرجل مسلم أن المرأة كان لها دور كبير فى معارك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضد الكفار، وليسمح لى الدكتور صبرى عبدالرؤوف الذى يزعم أنه تم تحريف ما قاله، أن يقرأ القرآن الكريم جيداً ليرى كيف كرم الله سبحانه وتعالى المرأة، وليدرس مرة أخرى سند رسول الله، ليعرف مدى عظمة الدين الإسلامى فى الاهتمام بالمرأة، وليدرس التاريخ جيداً، ليرى الدور العظيم للمرأة فى صدر الإسلام.
ولأنى لست من رجال الدين، فإننى أطالب الدكتور صبرى عبدالرؤوف أن يفسر سر الفتاوى الأخيرة التى صدرت منه تجاه المرأة من جواز جماع الزوج لها بعد موتها، وجواز تصوير الزوج للزوجة فى «فيلم سكس»، لكى يتمتع بها بدلا من رؤيته لأفلام «سكس» الأجنبية.
ألهذا الحد أوصلنا بعض الشيوخ إلى مرحلة الانحطاط، «البورنو» ليس فى حق المرأة فقط، بل فى الإساءة إلى الدين الإسلامى، وكأن الإسلام أصبح دينا جنسيا فقط. بعكس منطق الإنحطاط هذا فإنى أطالب من أساء لمرأة ليست المسلمة فقط، بل لكل امرأة فى العالم، أن يقول لنا، هل هناك فى اليهودية أو المسيحية، مثل هذه الفتاوى السافلة، أو فى أى عقيدة أخرى على مستوى العالم، ولهذا أسأل شيوخنا، لماذا الإصرار على الإساءة للدين الإسلامى بمثل هذه الفتاوى، بمنطق الإنسان، لم نرَ فى عالم الحيوان وعالم الحشرات وعالم أدنى المخلوقات، أن هناك ذكرا قد مارس الجنس مع أى أنثى من فصيلته بعد موتها، لم نسمع أن هناك كلبا قد مارس الجنس مع كلبة بعد موتها، وهكذا الأمر فى بقية الحيوانات، وكذلك الحال فى عالم الحشرات.
إذن فلماذا تحقرون المرأة فى الإسلام وقد أكد الإسلام احترامها؟!.
حتى فى أحط الجرائم الجنسية فى عالم بنى الإنسان، قد نسمع عن أن الأب مارس الجنس مع ابنته، لكن ليست وهى ميتة وكذلك الأخ مع الأخت.
وأياً كانت الجرائم الجنسية الدنيئة، فلم يحدث أن وصل الأمر إلى ممارسة الجنس مع ميتة، وحتى فى أحط الجرائم بالتمثيل بالجثث، لم يحدث أى اعتداء على جثمان امرأة بعد وفاتها، حتى فى أعتى جرائم الاغتصاب فى عالم بنى الإنسان، لم يحدث اغتصاب لأنثى بعد وفاتها إلا فى عالم المجانين وفاقدى العقول.
لست رجل دين، ولكن هل وصل الأمر أن تكون الإهانة للمرأة المسلمة، ممن ينتسبون إلى الأزهر الشريف، وأن تنطلق الأقوال الدنيئة المنحطة، التى ليست بفتاوى من داخل مصر؟.
هل وصل الأمر بمن ينتسبون إلى الأزهر الشريف، أن يطعنوا المرأة المصرية العظيمة بمثل هذه الأقوال المجنونة، من جواز جماع الزوج للزوجة بعد وفاتها وجواز تصويرها عارية.
هل يجوز ذلك، أن نطعن الأم المصرية العظيمة بمثل هذه التخاريف المجنونة، هل وصل القبح إلى أن نسىء للأخت والبنت المصرية بهذا الشكل؟
أى قبح هذا أيها الشيخ مهما كانت الاعتذارات، لماذا ننسى الدور العظيم للأم المصرية، فى ثورات هذا الوطن، من ثورة ١٩١٩ ومرورا بثورة ١٩٥٢ وثورة ٢٥ يناير وثورة ٣٠ يونيه، ألم يقع منهن شهيدات؟، ثم نقتلها بأفظع الفتاوى المسمومة!
أى عقل هذا أيها السادة، إنه الجنون الذى لم يأتِ فى خيال أى فيلم للعنف على مستوى العالم، إنه الانحطاط، إنه القبح، إنها السفالة.
أى فكر مريض، نسمح له بأن يهين المرأة المصرية العظيمة، أن يهين أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا.
إنها المرأة المصرية العظيمة التى ربت وبنت وضحت، وتحملت كل الآلام، إنها العالمة فى معملها، إنها أستاذة الجامعة، إنها المهندسة، إنها المعلمة، إنها الصحفية والإعلامية، إنها الفنانة، إنها القاضية، إنها الموظفة المجاهدة، إنها الثائرة عبر التاريخ.
إنها فى الجيش المصرى، إنها فى الشرطة المصرية، إنها النائبة فى البرلمان، إنها الوزيرة، إنها الطبيبة، إنها الممرضة، إنها الصيدلية.
إنها أمى فى قريتى، إنها أختى فى المزارع والمصانع.
إنها شقيقتى وابنتى فى الجامعة.
إنها زميلتى فى العمل.
إنها المرأة المصرية العظيمة التى نجلها ونفخر بها.
إنها المرأة المصرية الصامدة أمام الفكر الأسود
إنها المرأة المصرية فى المساجد والكنائس.
إنها المرأة المصرية الأصيلة العاشقة لهذا الوطن، التى قدرها الملوك والرؤساء عبر تاريخ مصر، والآن تجد الرئيس السيسى أكبر نصير لها.
إنها المرأة المصرية الحكومية التى تعانى من الكثير والكثير وتتحمل وتتحمل، لكى تحافظ على أسرتها وبيتها.
إنها رمانة الميزان فى المجتمع المصرى، التى لولاها ما كان هناك وطن، ما كانت هناك حياة.
أمى، زوجتى، أختى، ابنتى، لن تنال من قدسيتك، أى سهام مسمومة؛ لأنك أكبر من أى فكر أسود مجنون ينظر إليك من منظور جنسى ضيق، من منظور فكرى مريض، من منظور لا يمكن يفكر فيه حتى المختل والمجنون.
سيدتى الأم المصرية العظيمة لن ننسى أنكِ أم الشهيد،
أم البطل، أم المقاتل، أم حامل السلاح الذى يحمى هذا الوطن.
سيدتى، المرأة المصرية الجليلة.. أنتِ الأعظم، أنتِ الأجمل، أنتِ الأطهر، أنتِ الأشرف، أنتِ قدس الأقداس، التى لا يمكن أن نقبل بأية أهانة لكِ فى حياتك ومماتك.
سيدتى أنتِ الأقوى.. أنتِ الأعظم.
سيدتى أنتِ الزوجة العظيمة مع الزوج العظيم، ضد الفكر المريض، ضد السهام المسمومة.
سيدتى المرأة المصرية العظيمة سنظل نفخر بكِ طالما هناك وطن، سنفخر بكِ، وسيسجل التاريخ أنكِ لست مجرد جسد، ولكنكِ أنتِ وطن وشرف وروح وأمل.
سيدتى المرأة المصرية... أنتِ أعظم .. أنت أقوى..من هؤلاء الشيوخ السفلة الذين لم يحترموا حرمة الميت وباعوا ضمائرهم للشيطان.
الشيطان الذى لم يقُل هذا منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها، ومنذ أن خلق الإنسان.
سيدتى المرأة المصرية العظيمة، أنت حبنا، أنت أملنا، فإليك السلام.. ولله الأمر من قبل ومن بعد