الإثنين 1 يوليو 2024

«جسد المسيح»... حقيقة أم وهم؟

24-9-2017 | 11:51

كتب: أحمد إبراهيم أحمد

عادت للظهور الضجة التي ثارت في أمريكا عام 2012 م عند عرض مسرحية (جسد المسيح) Corpus Christi التي كتبها تيرنس ماكنالي McNally عام 1969م كدراما مسرحية عاطفية، تحكي قصة يسوع والرسل، وتم عرضها لأول مرة في نيويورك عام 1998م في نادي مسرح منهاتن وفي مفارقة زمنية تبتعد بالحدث بعيداً عن الإمبراطورية الرومانية، وتصور يسوع والرسل كمثلي جنس، يعيشون في ولاية تكساس الحالية، ويستخدمون الأجهزة الحديثة مثل التليفزيون؛ حيث يخون يهوذا يسوع بسبب الغيرة الجنسية، ويزوج يسوع اثنين من الرسل مثلي الجنس!

عادت الضجة عند الإعلان عن عرض فيلم عن نفس المسرحية أشيع أنه سيناريو وإخراج ريتشارد كيلي روثRichard Kelly وإنتاج ريتشارد كيلي، وسين ميكيتريكSean McKittrick، وإلي روث Eli Rothلصالح شركة الإنتاج داركو إنترتيمنت Darko Entertainment الذي يقال إنه تحول من مسرحية إلى فيلم سينمائي من إنتاج هوليود، وقيل إن عرضه يتم الآن في بعض الدول، مما أحدث ضجة وردود فعل غاضبة بين قطاعات مسيحية كبيرة في دول عدة من بينها مصر بعد الإعلان عن إطلاق الفيلم للعرض في أغسطس الماضى من هذا العام، والذي كان مقرراً عرضه في شهر يونيه وتم تأجيل عرضه.

ورغم خلط البعض بين هذا الفيلم وفيلم وثائقي آخر، يعرض صورة تاريخية مختلفة عن صورة المسيح المعروفة، ويحمل نفس الاسم من إنتاج عام 1997 م للسينمائيين جيرار مورديلات Gerard Mordillat وجيروم بريور Jerome Prieur إلا أن فيلن مورديلات وبريور لا يتناول شخصية المسيح من منحى جنسي بأي صورة من الصور - خاصة من حيث كونه مثلي الجنس - على عكس فيلم ماكنالي الأخير ، فقد وصلت الاحتجاجات لحد ثورة بعض المتدينين ضد الفيلم - خاصة - على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد انتشرت في الولايات المتحدة الأمريكية انتشار النار في الهشيم رسالة الكترونية فحواها:

"إن بلادنا في حاجة ماسة لصلاة دائمة لمواجهة مثل هذا الفيلم وأشياء أخرى تصيب بلادنا، ففيلم جسد المسيح الذي تأجل عرضه من شهر يونيه إلى أغسطس يعرض المسيح وحواريه كمثلي الجنس وقد سبق من فترة عرض نفس النص كمسرحية يتم فيها الاستهزاء بالرب، ونحن قادرون على صنع فارق؛ لذلك أرسل لكم هذا البريد الإلكتروني الذي إن أرسلناه لكل من نعرف، وأعادوا إرساله لمعارفهم، يمكننا منع عرض هذا الفيلم في أمريكا."

التقط بعض المصريين نفس الفكرة وبدأوا في تداول رسالة مشابهة على وسائل التواصل الاجتماعي المصرية وقيل إن بعض الدول الأوروبية اتخذت قراراً بمنع عرض الفيلم بها بعد تحرك لوبيات مسيحية لمنع السخرية والاستهزاء بشخص المخلص يسوع في هذا الفيلم مستخدمين خطابات دينية ووعظية وآيات إنجيلية مثل "أنكرني في الأرض، وسوف أنكرك أمام الأب في السماء."

ثار جدل كبير في أمريكا وأوروبا حول الدعوة لمنع عرض الفيلم حيث رأي المعارضون لمنع عرض الفيلم أن المنع يمثل عدواناً على حرية التعبير التي هي حق دستوري وقانوني تكفله كافة الدول الغربية، ولا يوجد أساس منطقي لأي محاولات لمنع الفيلم، وأن الذين ينشرون هذه الرسائل الإلكترونية ربما لا يدركون الآثار الضارة المترتبة على حرية التعبير، وحرية الضمير لو اتخذت قرارات بحجب الفيلم، وأن من يعترض على أشكال معينة من التعبير، ويضغط من أجل تشريعات لتقييد الحريات، أو حظر حرية التعبير عن بعض الأشياء سوف يقيد حرية الحديث ضد الاضطهاد الديني، أو أي من أشكال التمييز العنصري، أو الأخطاء الاجتماعية والسياسية أينما كانت؛ وأن حرية التعبير كل لا يتجزأ، فيجب أن يكون للجميع حرية التحدث في كل شيء، والاختلاف حوله في مناخ من حرية الرأي، وأن المطالبة بمنع مثل هذا الفيلم هو تقييد لحرية الرأي، يمنح الحكومات فرصة للتدخل، وتقييد حرية التعبير، والاعتقاد الديني.

وطالب ناشطون سياسيون في أمريكا وأوروبا بعدم المطالبة بتدخل الدولة لأن هذا التدخل سيكون مقدمة ورخصة للسلطة بالتدخل في مجالات أخرى تقيد الحريات، وأن بديل المطالبة بالمنع هو تشجيع المجتمع المدني على النقاش حول قبول أو رفض مضمون العمل وأفكاره، وأن المطالبة بالمنع هي الأخرى فعل غير إيماني، يتنافي مع تعاليم الرب الذي يدعو في الإنجيل أن "أحبوا أعداءكم."

المدهش في الموضوع أن الفيلم غير موجود على الإطلاق في قاعدة بيانات الأفلام على الإنترنت؛ بينما توجد بيانات وصور وفيرة عن المسرحية والعرض المسرحي اللذين يحملان نفس الاسم وسبق عرضهما بالفعل، وحتى مشاهد من المسرحية ولقاءات مع رهبان ومشاهدين وفنانين يتجادلون حول النص والعرض المسرحيين سلباً وإيجاباً.

وجاء في موقع http://www.snopes.com/politics /religion/gayjesus.asp

"ترددت شائعة زائفة وقوية أنه سيتم تجسيد المسيح والحواريين كمثلي جنس في فيلم سيتم عرضه قريباً؛ وهذه الشائعة واحدة من تلك الأمثلة التي تبرهن على المدى الذي يمكن لشائعة أن تصل إليه؛ حتى لو كانت تتناول مسألة قديمة، أو لم يكن هناك موضوع من الأصل، والمدهش أنه خلال عام 1984 وحتى نهاية عام 1985 م كتب أكثر من مليون مسيحي من المحتجين رسائل احتجاج على فيلم غير موجود... نعم، غير موجود، ورغم ذلك انتشرت الاحتجاجات وما زالت تنتشر."

فأين هي الحقيقة؟