الأحد 19 مايو 2024

معجزة الشاب جرجي زيدان

24-9-2017 | 14:26

خالد ناجح

نحصل على الحكمة ونتعلم القدوة من قصص السابقين، خاصة لو كانت دراما القصة تشبه دراما حياة الكثير منا، فما بالك لو كانت تلك هي قصة الشاب “المعجزة” جرجى حبيب زيدان، المولود لأسرة فقيرة، كان يساعد فيها والده بعمله في «المطعم »، إذ كان عمل الصغير جرجي هو خرط البقدونس لزوم التبولة، غير أن أمه كانت تتمنى له مستقبلا آخر بعيداً عن التخريط والتقشير وحمل الصوانى ومسح الطاولات، حتى يصبح “معلم”، الأب وافق على اقتراح الأم واصطحب ولده إلى دكان أحذية ليعمل جرجى “جزماتى” ثم انتقل وعمل في محل بيع قماش ثم بدأت رحلة الانتقال من صنعة لأخرى.

هذا التنقل من مهنة لأخرى فجّر لديه ينابيع المعرفة التي كانت كامنة عنده، فظهرت طاقاته المعرفية، وهو قد هيئ للبحث عن العلم، وفي المسار نفسه بدأ يحصّل العلم بواسطة معلمه “ مسعود” الذي كان يعلمه الدروس مقابل طعام مجاني من دكانة والده، والذي كان من زوار مطعمه الأدباء أمثال إبراهيم اليازجى وعبد الله البستانى ويعقوب صروف، مما أيقظ لديه طموح المعرفة.

وفي الجامعة اضطر لترك الدراسة فى سنتها الثانية بسبب إضراب طلابى سنة 1866 لتطرده الجامعة مع كل زملائه فى اللجنة. وكان السبيل لاستكمال حلم تحصيل العلم والمعرفة السفر إلى مصر، التي حضر إليها سنة 1883 بواسطة باخرة بضائع مقترضا ستة جنيهات تكاليف رحلته من أحد جيرانه. وشاركه على سطح الباخرة “شوام” آخرون هربوا من بطش الأتراك، بحثا عن “لقمة عيش” في مصر حلم جميع العرب في ذلك الزمان. وصل جرجي زيدان مصر، وقد قرر تغيير وجهته من الطب لأدب والكتابة. وعمل فى جورنال «الزمان » اليومى وهو الجورنال الوحيد الذي صمد بعدما عطٌل الاحتال الإنجليزى كل الصحف.

سافر جرجي إلى لندن وزار متاحفها ومكتباتها واطلع على الحركة الثقافية فى أوروبا وعاد إلى مصر عام 1886 مستكملا العمل فى صحف ومجات مختلفة.

اشترك جرجى مع نجيب مترى فى فتح مطبعة لكن الشراكة انتهت بعد سنة واستقل جرجى بالمطبعة التي سمّاها “مطبعة الهلال” وأصدر منها “مجلة الهلال” التي أشرف على تحريرها بنفسه وهو ابن الثلاثين عاما كي يؤسس معجزة «الهلال» .