تقرير يكتبه: سليمان عبدالعظيم
بمجرد أن تلقيت هذا البيان المهم الذى أصدره الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين قررت - رغم عدد صفحاته الخمسة أن أنشره كاملا وبدون أي اختصار أو تدخل من جانبى.. وأعلم جيدا أنكم ستدركون وتتأكدون بعد قراءة كل سطر في هذا البيان قراءة عميقة ومتأنية وفاحصة أن آلاف المستثمرين يقفون الآن موقف المشارك بحق في تنشيط الاقتصاد القومى بالعمل والانتاج.. وليس بالكلمات المنمقة الفضفاضة .
واليكم النص الكامل لهذا البيان المهم.
لما كان الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين معنياً فى الأساس، ومنذ نشأته بالتنمية الاقتصادية فى مصر، وحل المشكلات المتراكمة التى أدت إلى عجز متزايد فى الموازنة العامة للدولة وميزان المدفوعات، فقد أصدر الاتحاد دراسة وافية عن التنمية الاقتصادية فى مصر، متضمنة برنامجاً لتشجيع الاستثمار، وكيفية التغلب على باقى المصاعب والمعوقات.
واعتمدت هذه الدراسة، والتى تمت بمشاركة خبراء متخصصين فى مجالاتهم، على الإحصاءات الرسمية، وتجارب الدول التى مرت بظروف كالتى تمر بها مصر، مثل الهند- الصين- ماليزيا، وتمكنت من الخروج منها، وتحقيق التنمية المنشودة.
وهنا- ومن قبيل الإنصاف- يجب أن نشير إلى المجهودات الكبيرة التى بذلتها القيادة السياسية بمعاونة الحكومة، والخطوات الإيجابية التى تم اتخاذها بهدف الإصلاح الاقتصادى، التى لا شك ستؤتى ثمارها المرجوة قريباً، رغم آثارها الآنية الصعبة على محدودى الدخل، تلك الآثار التى يروج لها فقط ودون غيرها، وبمعزل عن المشهد كاملاً، ضعاف النفوس، محدودو الهمم، وكذلك قوى الشر فى الداخل والخارج التى يسوءها تحقيق أى نجاحات على أرض الواقع.
ولأن النية صادقة، والعمل مخلص، فقد خابت ظنونهم، وحاق المكر السيئ بأهله، وبدأت النجاحات تتكشف، وتظهر النتائج الإيجابية لإجراءات الإصلاح الاقتصادى، فى أمور كثيرة منها:
• انخفاض معدلات البطالة إلى نحو ١١.٩ فى المائة.
• زيادة احتياطى النقد الأجنبى ليصل إلى ٣٦ مليار دولار.
• ارتفاع معدل نمو الناتج المحلى إلى ٤.٩ فى المائة.
• قفزت الصادرات المصرية خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام ٢٠١٧ مقارنة بنفس الفترة من عام ٢٠١٦ حيث سجلت زيادة نسبتها ١٤ فى المائة إلى ٧ مليارات و٤٣٨ مليون دولار مقابل ٦ مليارات و٥٤٥ مليون دولار خلال نفس الفترة فى عام ٢٠١٦
وفى المقابل انخفضت الواردات خلال تلك الفترة بنسبة ٣٠ فى المائة لتصل إلى ١٥ ملياراً و٩٣١ مليون دولار مقابل ٢٢ ملياراً و٧٤٢ مليون دولار خلال نفس الفترة من عام ٢٠١٦، وانعكس انخفاض الواردات على حجم الميزان التجارى، حيث انخفض العجز فيه من ١٦ ملياراً و١٩٦ مليون دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام ٢٠١٦ إلى ٨ مليارات و٤٩٣ مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الجارى، وذلك بفارق ٧ مليارات و٧٠٩ ملايين دولار، وبما يمثل ٤٨فى المائة انخفاضاً فى العجز فى الميزان التجارى.
ما تقدم، وغيره، كان نتاجاً لما اتخذه الرئيس والحكومة من قرارات اقتصادية مهمة، كانت لها آثارها الإيجابية وحققت قدراً مما يصبو إليه رجال الاستثمار والصناعة فى مصر، ومنها «ترشيد الإنفاق الحكومى، وتشجيع المنتج المحلى، وخفض الاعتماد على الاستيراد العشوائى، وترشيد استخدام الطاقة، وتدبير الموارد المالية لتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، فضلاً عن الزيارات المتكررة لدول العالم بهدف جذب الاستثمارات، وكان آخرها الصين وفيتنام».
وتحققت العديد من الإنجازات فى الآونة الأخيرة، نعرض منها على سبيل المثال لا الحصر:
• استعاد الشارع المصرى الاستقرار والأمن، وتقوم الحكومة بتنفيذ برنامج جاد للإصلاح الاقتصادى، فضلاً عن اتخاذ خطوات ملموسة لتوفير مناخ جاذب للاستثمار، وهو الأمر الذى حفز القطاع الخاص خلال الفترة الأخيرة على توجيه استثماراته إلى مصر.
• كما تقوم الحكومة باتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة معوقات عمل القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب، وتضمن ذلك إنشاء المجلس الأعلى للاستثمار، وقانون الاستثمار الجديد، وتطوير منظومة خدمات الاستثمار للتيسير على المستثمرين، كما تحرص الحكومة على تعديل قوانين المنافسة والاحتكار لتعزيز التنافسية، والعمل على تشجيع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.
• تولى الحكومة أهمية كبيرة لمساهمة القطاع الخاص فى عملية التنمية، من خلال المشاركة فى تنفيذ المشروعات القومية الكبرى، وعلى رأسها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، والذى يعد من المشروعات القومية الكبرى.
• وقامت الحكومة أيضاً، بجهد كبير لتطوير ورفع كفاءة شبكة الطرق القومية، بالإضافة إلى تنويع مصادر توليد الطاقة، لتشمل التوسع فى الطاقة المتجددة، إلى جانب إنشاء محطات جديدة للطاقة التقليدية.
• بالإضافة إلى مشروع المثلث الذهبى الذى يهدف إلى إنشاء مراكز للصناعات التعدينية ومناطق سياحية عالمية، وتوفير نحو نصف مليون فرصة عمل، بحيث يصبح هذا المثلث منطقة عالمية جاذبة للاستثمار، وذلك على مساحة تقترب من ٩ آلاف كم٢، وقد أصدر رئيس مجلس الوزراء قراراً ببدء تفعيل الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبى، ومقرها سفاجا.
• كما تسعى الحكومة إلى تنمية اكتشافات الغاز العملاقة ومضاعفة إنتاج الغاز الطبيعى تدريجياً بحلول منتصف عام ٢٠١٩
• هذا فضلاً عن مشروع (المليون ونصف المليون فدان)، والذى يهدف إلى زيادة الرقعة الزراعية لجمهورية مصر العربية وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة متكاملة بهدف منع التكدس السكانى بالمناطق القديمة من الوجه البحرى وصعيد مصر وتوزيع السكان، وتوفير فرص عمل آمنة ومستقرة، وتشجيع فرص الاستثمار وفرص التنمية بالمحافظات الجديدة.
• إلى جانب مشروع إنشاء المليون وحدة سكنية، والذى يهدف إلى توفير وحدات إسكان اجتماعى للمواطنين ذوى الدخول المنخفضة فى جميع المحافظات.
• هذا فضلا عن تنمية الساحل الشمالى الغربى من خلال مدينة العلمين الجديدة.
• ولا ننسى مشروع إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، الذى يهدف إلى إنشاء مدينة إدارية واقتصادية جديدة فى إقليم القاهرة الكبرى، تتضمن منطقة سكنية، ومنطقة تجارية، ومناطق خدمية أخرى.
• كذلك المحطة النووية بالضبعة، التى تستهدف تنويع مزيج الطاقة الحالى، والذى يعتمد على نسبة تصل إلى ٩٦ فى المائة من الغاز الطبيعى والمنتجات البترولية، بحيث يؤدى إلى خفض الاعتماد على هذه المصادر والتحول إلى الطاقة المتجددة من المصادر النووية، ويتضمن المشروع إنشاء ٤ مفاعلات نووية من الجيل الثالث المطور الذى يتميز بارتفاع معدلات الأمان وبساطة التصميم وانخفاض التكاليف والعمر الافتراضى الكبير الذى يصل إلى أكثر من ٦٠ عاما.
• إلى جانب المركز اللوجيستى العالمى بدمياط على مساحة ٣.٢ مليون م٢ شمال شرق ميناء دمياط كمنطقة اقتصادية ذات طابع خاص يتم ضمها إلى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتقوم هيئة ميناء دمياط بإنشاء شركة استثمارية تخدم على المركز اللوجيستى.
• كما تم البدء الفورى فى استكمال الدراسات التنفيذية لمشروع تنمية غرب مصر، وتم الانتهاء من التقسيم الإدارى للمحافظات، وصدر قرار جمهورى بتشكيل لجنة عليا لدراسة المشروعات المتعثرة، وتم توجيه الحكومة للاستعانة بالشباب فى استراتيجية ٢٠٣٠.
وحتى نستكمل المسيرة، وتتحقق الطموحات كاملة، يجب أن نؤكد أن هناك ستة عناصر يحرص المستثمر دوماً على توافرها، قبل اتخاذه قراراً بالاستثمار فى بلد من البلدان، وهى:
١ - الاستقرار السياسى والاقتصادى ومن ثم الاجتماعى.
٢ - حجم السوق (السوق المحلى والدول المرتبطة بالاتفاقات).
٣ - فرص الاستثمار.
٤ - تكلفة إنشاء المشروع، وتكلفة تشغيله.
٥ - سهولة أداء الأعمال (مناخ الاستثمار - البيروقراطية.. إلخ).
٦ - حوافز الاستثمار.
تتمتع مصر بنجاح تام فى البنود ١، ٢، ٣ وسنسعى جميعاً (حكومة ومستثمرين) فى تحسين وضع مصر، وتقييمها فى البنود ٤، ٥، ٦.
إن لدى مصر مستقبلا اقتصادياً واعداً، خاصة بعد الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة، كما يبلغ حجم السوق المصرى ٢.١ مليار مستهلك بسبب الاتفاقيات المبرمة مع العديد من الدول العربية والإفريقية والأوربية.
● ● ●
وكل ماسبق يتطلب تحقيق النقاط العشر التالية:
أولا: القضاء على البيروقراطية:
حيث إن كثرة الموافقات، وتعدد الجهات، تؤدى إلى ضياع وقت المستثمر، وتسبب الرشوة والفساد.
والمطلوب:
- تطبيق نظام (الشباك الواحد) كما يجب أن يكون، دون تحريف، أو حلول وسط، أسوة بالدول التى سبقتنا، وذلك تيسيراً للإجراءات ومنعا للفساد.
- إلغاء خطاب الضمان الذى يقدمه المستثمر، لإثبات الجدية.
- تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين المستثمرين (الشفافية والإعلان المسبق).
ثانياً: ثبات التشريعات:
والمطلوب: إصدار القوانين واللوائح والأنظمة، لتستمر خمس سنوات على الأقل (خطة خمسية) تتغير بتغير الوزير أو المسئول.
ثالثاً: احترام العقود والاتفاقات بين الحكومة وهيئاتها، والمستثمر فى جميع أركانها.
رابعاً: ضرورة وضع الصناعة المصرية على قدم المساواة مع منافسيها، لزيادة القدرة التنافسية، وذلك من خلال رفع الأعباء المحملة على العملية الإنتاجية، التى لا يتحملها الإنتاج فى البلاد الأخرى.
خامساً: القضاء على التهريب الكلى والجزئى، بسد منافذ التهريب، وتغليظ العقوبات، بحيث تكون مانعة ورادعة.
سادساً: حماية الصناعة الوطنية، بالاستخدام الكامل لما شرعته لنا القواعد الدولية من فرض رسوم حماية وإغراق واستخدام قواعد منظمة التجارة العالمية، التى لا تحظر زيادة الرسوم الجمركية، عندما تتعرض الصناعة لمنافسة غير متكافئة، وكذلك الارتفاع بسقف المواصفات القياسية عند الاستيراد.
سابعاً: إنشاء مناطق حرة متكاملة: وذلك بالمفهوم العلمى بحيث تكون كبيرة المساحة، والإمكانات (مشروع تنمية قناة السويس - سيناء - العلمين أو مطروح).
ثامناً: تكثيف الجهود نحو تنمية حقيقية لصعيد مصر، نظراً للأهمية الأمنية والاستراتيجية لهذه المناطق، فضلا عن الأهمية الاقتصادية، وذلك بتفعيل الـ٢٠٠ مليون جنيه المخصصة لبعض أعمال تنمية المناطق الصناعية بالصعيد.
تاسعاً: تشجيع إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
عاشراً: التوسع فى الأسواق الواعدة (إفريقيا - آسيا - أمريكا اللاتينية) من خلال اتفاقيات تبادل تجارى، واتفاقيات جمركية، تمكن البضائع المصرية من النفاذ إلى تلك الأسواق، أسوة ببلاد نجحت فى ذلك، مثل تركيا، الاتحاد الأوربى، وغيرهم، ولدى الاتحاد دراسة عن وضع كل بلد، والمطلوب من الحكومة السعى للوصول إليها.
إننا نشكر جهد الحكومة، ونجدد الثقة فيها، وندعوها لمواصلة العطاء، باستكمال الإجراءات وعلينا فى الوقت نفسه ألا ننسى حجم العطاء الذى قدمه الرئيس عبدالفتاح السيسى، لانتشال مصر، والخروج بها من قبضة الضياع التى كانت تحاك لها ورفع قدراتها الاقتصادية، ومن ثم السياسية.
إننا فى الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، نقف خلف الرئيس وحكومته، داعمين ومساندين ليس بالعاطفة فقط، وإنما بالمشاركة، لتحقيق أهداف مصر، وما تصبو إليه.
وإننا ندعو جميع المصريين إلى بث روح التفاؤل والثقة فى الاقتصاد المصرى، والعمل بروح الفريق الواحد، وإيثار الوطن عما سواه، والتحلى بالصبر حتى تؤتى الجهود ثمارها المرجوة منها.