السبت 27 ابريل 2024

تلك آثارنا (14).. الرأس غير المكتمل للملكة نفرتيتي

مقالات9-6-2023 | 19:43

جميلة الوجه، بهيجة بتاجها ذي الريشتين، سيدة السعادة، التي يسعد الإنسان عند سماع صوتها، سيدة الرشاقة والجاذبية، المحبوبة الكبرى، التى يسرُّ طبعها رب الأرضين، زائدة الجمال سيدة الأرضين، هكذا وصف إخناتون زوجته نفرتيتي.

هل كان إخناتون، الذى لَقِّب نفسه بالعائش فى الحقيقة، أو "من يحيا فى الصدق"، صادقاً فى وصفه لزوجته، عندما وصفها هذا الوصف  البديع، وهل كان رأيه هذا، موضوعياً، أم كانت عين المحب المتيم، التي عن كل عيب كليلةٌ، أو مرآة الحب العمياء هي من تصف. 

الحقيقة أن الآثار المادية التي تصور نفرتيتي، والتي يعني اسمها بالمصرية القديمة، "الجميلة أتت" أو "الجميلة أقبلت"، تؤكد جانباً كبيراً من وصف زوجها لها، وتؤكد أيضاً ما يقال من أن لكل امرئ من اسمه نصيب، فما خلَّفه لنا عصرها من منحوتات أو رسوم وصور لها، فى فترة تاريخية من مصر القديمة كان الفن فيها فى أوجِّ واقعيته، جميعها تصورها في صورة تفيض بالشباب والحيوية، رأسها يرتفع فوق عنقها النحيل مثل زهرة لوتس خارجة من صفحة الماء تعلو على صفحة الحياة، ملامحها ومفاتنها متناسقة أنيقة، عيونها واسعة مسحوبة كحيلة الأهداب، يكسبها الكحل سحرا وجاذبية، وحاجبين مقوسين مرسومين، وأنف مستقيم يعلو شفتين مكتنزتين تطوقان فماً رقيقاً، وذقنٌ بديع المثال، وصدر ناهد، وقوام ممشوق كزهرة برية وجذع أنثوي، وهذا ما تجسده المنحوتات أو تصوره النقوش والرسومات من صفات حسيِّة، ولسنا على علم بالصفات الأخرى اللا حسيِّة.

ومن أورع الآثار المصرية التي تصور الملكة نفرتيتي، رأس غير مكتملة عثر عليها في تل العمارنة من حجر الكوارتزيت المتحول عن الحجر الرملي، اكتشفها عالم الآثار الإنجليزي جون بندليبيري في 9 يناير 1933 في تل العمارنة بمحافظة المنيا، وهو الموقع الذي احتل مدينة "آخت آتون" العاصمة الجديدة التي اتخدها أخناتون مقراً للحكم بدلاً من طيبة مركز عبادة المعبود آمون. 

الرأس تم اكتشافه داخل قاعة صغيرة يعتقد أنها ورشة نحت غير التي كان يعمل بها المثّال والنحات الشهير تحتمس، الذي يعتقد أنه نحت رأس نفرتيتي الملونة الموجودة في متحف برلين، وغيرها من الأعمال المميزة لعصر العمارنة.

والرأس هذا من مقتنيات المتحف المصري بالقاهرة، ضمن مجموعة العمارنة بالدور الأرضي، لكنه لا يحظى بالحفاوة التي تناله تماثيل شبيهة خارج مصر، وخاصة مجموعة العمارنة الكبيرة في متحف برلين وأبرزها الرأس الأيقوني الملون للملكة من الحجر الجيري في متحف برلين، وإن كان لا يقل روعة عنها. 

وهذا الرأس غير المكتمل يحتفظ بما يشير إلى خط يد الفنان لتحسين الشكل وصنفرة بعض الأجزاء وتركيب تاج للرأس وجسد أسفل العنق، مما يرجح أن الرأس كان معدَّا ليكون جزءاً من تمثال أكبر للملكة نفرتيتي.

 

Dr.Randa
Dr.Radwa