قضت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار بولس فهمي، برفض الدعوى المقامة طعنًا على دستورية المادة 143 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، فيما تضمنته من منح الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي الحق في تحصيل المبالغ المستحقة لها بمقتضى أحكام ذلك القانون بطريق الحجز الإداري.
وذكر المستشار محمود محمد غنيم - نائب رئيس المحكمة ورئيس المكتب الفني بها، أن المحكمة شيدت قضاءها على سند من أن الدستور ناط بالدولة كفالة توفير خدمات التأمين الاجتماعي ومدها إلى المواطنين بجميع فئاتهم لمواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم، كما أضفى حماية خاصة على أموال التأمينات والمعاشات، بحسبانها وعوائدها حقًا للمستفيدين بها، لكون مظلة التأمين الاجتماعي هي التي تكفل الحد الأدنى لمعيشة كريمة لا تمتهن فيها آدميته.
ومن أجل ذلك حرص الدستور على النص على ضمان الدولة لأموال التأمينات والمعاشات، كما نص على تمتعها بكافة أوجه الحماية المقررة للأموال العامة، ويأتي تحصيلها بطريق الحجز الإداري من بين أوجه حمايتها.
وأكدت المحكمة أن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، تتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة، وتدخل في عداد أشخاص القانون العام، بحكم قيامها على شأن من شئون التضامن الاجتماعي، ومن ثم قرر المشرع لها بعض اختصاصات السلطة العامة، ومن بينها اقتضاء المبالغ المستحقة لها بطريق الحجز الإداري، ولو كانت الجهة المحجوز عليها من شركات قطاع الأعمال العام، ليستهدف النص في غايته النهائية أن يكون بيد الهيئة وسائل ميسرة تمكنها من تحصيل حقوقها، دون التقيد بالقواعد التي فصلها قانون المرافعات المدنية والتجارية، ليستطيع عن طريقها الوفاء بالتزاماته في إشباع الحاجات العامة.
وفي الآن ذاته كفل المشرع، بمقتضى قانون الحجز الإداري، للمدين المحجوز عليه وذوي الشأن، المنازعة أمام القضاء في أصل الدين أو في صحة إجراءات الحجز أو ملكية الأشياء المحجوزة واستردادها، ورتب على رفع هذه المنازعة وقف إجراءات الحجز والبيع الإداريين لحين الفصل نهائيًا في ذلك النزاع.
ومن ثم يكون المشرع قد وازن بين مصلحة الجهة الحاجزة والمدين المحجوز عليه، واستهدف مصلحة اجتماعية مشروعة لها وزنها، وبما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور.