الأربعاء 15 مايو 2024

الإكراه الاقتصادي.. وصاية دولية جديدة

مقالات12-6-2023 | 01:51


لم تعد الأسلحة وحدها هي القادرة على إخضاع الشعوب ولم تعد القوة النيرانية وشدتها هي السلاح الأمضى نحو إنفاذ الإرادة وقيادة الآخرين بل صرنا نعيش نوعا آخر من الاحتلالات غير العسكرية وحروب الوكالة فقد أفرزت تداعيات الصراع الغربي مع الصين وروسيا نوعا جديدا من التسليح وهو الإكراه الاقتصادي الذي باتت تعقد له المؤتمرات وتعد له الأجندات وتبحث على مستوى القمة سبل مواجهته ومؤخرا بات على أجندة الصراعات الدولية عقب بيان أصدرته كل من  أستراليا وبريطانيا وكندا واليابان ونيوزيلندا مع الولايات المتحدة أكدوا فيه تحذيرا من أن الإكراه الاقتصادي المرتبط بالتجارة والسياسات والممارسات غير الموجهة نحو السوق يهدد النظام التجاري متعدد الأطراف ويضر بالعلاقات بين بلدان العالم لينطلق عصر جديد وصراع جديد وهو تسليح التبعية الاقتصادية.
وعلى الرغم من الدعم الكامل للقطاع الخاص حول العالم إلا أننا بتنا نرى اليوم وبقوة الممارسات المناهضة للمنافسة من قبل الشركات المملوكة للدولة ، والنقل القسري للتكنولوجيا ، والتدخل الحكومي في صنع قرارات الشركات.
بالطبع هذا الاستنفار الجماعي هو موجه للصين التي كان إعلانها حظرًا على الواردات من ليتوانيا بعد أن سمحت ليتوانيا لتايوان بفتح سفارة إشارة البدء لهذا الصراع لتعلق الصين استيراد لحوم البقر والألبان والبيرة من ليتوانيا لتواجه الصين تدشين هذا التحالف بقولها إن الولايات المتحدة تضغط بقوة لنسج شبكة مناهضة للصين في العالم الغربي.
يقوم الإكراه الاقتصادي على وجود عقد قانوني بين طرفين ويحدث عندما يقوم طرف بتهديد الآخر بإلغاء العقد ما لم يوافق على مطالبه وشروطه وتعديلاته
ولا يكـون أمام الطرف الآخر خيارات سوي القبول بالشــروط الجديدة خوفا من الخسائر المحتملة وتطال الخسائر الجميع بما في ذلك الطرف المهدد على المدى الطويل ليسود هذا النهج العصر الحالي للعلاقات بين الصين والدول الغربية ومستقبلا بي أي دوله وتحالف مضاد.
إن العالم يتغير تغيرا سريعا تحت شهوة الصدام وهو ما يفرض علينا كدول عربية الاستعداد لمواجهة مثل هذا النوع المستحدث من الاستقطاب الاقتصادي الحاد الذي قد يعرض مصالح المنطقة للانتهاك تحت شرعية جديدة تقوم على قانون واحد وهو إما معنا أو ضدنا فقد بات امتلاك القدرة على العيش بانفراد وشبه انزواء داخلي تحديا مفروضا يضمن النجاح في مواجهته بقاء الاستقلال الوطني سليما غير مخدوش ولعل سعي الرئيس السيسي الابتعاد بمصر قدر الإمكان عن مفرمة الاستقطاب بإقامة علاقات قائمة على المصلحة نوعا من الاستباق لهذه المخاطر وتحييدا لآثارها على مستقبل مصر ومسارها فهل يتحرك العرب كقوة متكاملة بنبذ صراع الريادة المهلك أم ستخضع المنطقة لنوع جديد من الوصايات الدولية التي لا مفر منها.

Dr.Radwa
Egypt Air