الخميس 2 مايو 2024

نجومية من رحم المعاناة

مقالات19-6-2023 | 11:55

بسط المنتخب المغربي لكرة القدم داخل الصالات سيطرته على منافسات البطولة العربية. وأضحى أول منتخب عربي يحرز اللقب ثلاث مرات متتالية، وهو الوحيد أيضًا الذي أحرز ثلاثة ألقاب بعد أن سبق لمنتخبي مصر وليبيا أن أحرزا لقبين.

ولكرة القدم داخل الصالات في المغرب قصة غريبة وعجيبة، لأنها نشأت وترعرعت بعيدا عن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (الاتحاد) وبالتالي كان المنتخب المغربي عضوا في الاتحاد الدولي لهذه اللعبة بعيدا عن الفيفا، وكانت هذه المسألة نقطة خلاف بين مسؤولي الجامعة ومسؤولي كرة الصالات على قلة عددهم آنذاك.

ولم يكن المنتخب المغربي يستفيد من الدعم بل اعتمد بشكل شبه كلي على تضحيات مسؤولي الفرق وأيضا المدربين واللاعبين.

وكان المنتخب المغربي يتشكل في المجمل من فريق اجاكس القنيطري إضافة إلى بعض الممارسين في المغرب وأوروبا. وفي غياب الدعم والاهتمام الاعلامي كان محمد الجامعي، رئيس أجاكس القنيطري، الذي يعيش حاليًا في أمريكا، يطوف بين معارفه لتأمين مصاريف الرحلات الدولية والمشاركة في البطولات الخارجية.

 وظل لاعبو كرة القدم داخل الصالات يرضون بالقليل ولا يستفيدون من ممارسة هذه اللعبة إلا في حال حالفهم الحظ وانتقلوا للممارسة في الخارج.

ويكفي أن نستدل على معاناة لاعبي ومدربي هذا الصنف أن المنتخب المغربي فاز بكأس إفريقيا وتأهل لبطولة العالم بقيادة المدرب هشام الدكيك، ولم يكن الأخير مرتبطا بعقد مع الجامعة، إذ لم يجر التعاقد معه إلا بعد هذا الانجاز.

اليوم تغيرت الأمور بعد أن أصبح المغرب يحتل المركز الثامن عالميا علما أنه الأول عربيا وإفريقيا. لكن مع ذلك لا يمكن أن نقارن من حيث الحقوق والاستفادة ماليا بين لاعبي كرة الصالات وكرة القدم التقليدية لأنهم يضحون بالكثير من أجل القليل، ويبقى الاحتراف الخارجي السبيل الوحيد لتأمين المستقبل وتحقيق مداخيل مهمة للاعبين غير الدوليين.

اما لاعبو المنتخب المغرب فأضحوا أفضل حالا لأن الجامعة التفتت إلى المنتخب بعد أن تعاقدت مع مدربه الذي كان في البدء متطوعا، وهيأت ظروف العمل والتحضير والعلاوات للاعبين وأطلقت مشاريع تكوين المدربين وتحفز الفرق على مواصلة المسار والمواكبة.

إن تألق كرة القدم داخل الصالات وتسلقه الدرجات كان نتيجة معاناة وتكبد رجال كثر خسائر لا تحصى، والأكيد أنهم اليوم سعداء بما يتحقق وإن كانوا بعيدين عن المجال.

قصة هذا المنتخب ليست أكثر غرابة من المنتخب النسوي الذي جرى تكوينه وجود بطولة وطنية نسوية، من لاعبات فرق الحواري، وكان الفضل في تجميع الممارسات وتنظيم أول مباراة للمنتخب الوطني للبطلة الأولمبية نوال المتوكل حين كانت تشغل منصب وزيرة الشباب والرياضة. واتخذت المبادرة وكانت وراء تنظيم أول مباراة دولية ضد السويد فازت لبؤات الأطلس  خلالها بثلاثة أهداف لهدف واحد،  ما شكل حافزا لأحداث بطولة وطنية.  وتكوين منتخبات ما ساعد على التقدم خطوات إلى الأمام والتأهل لنهائيات كأس العالم في فئتي الكبيرات وأقل من 17 عاما.

مثلما صار نجوم كرة الصالات معروفين لدى العموم صارت لاعبات الكرة النسوية نجمات بعد التأهل للمونديال وخوض نهائي البطولة الإفريقية وتتويج الجيش الملكي بطلا للأبطال، وتبقى هذه النجومية من رحم المعاناة لأن الاعتراف جاء بعد نضال وتضحيات جسام ما خلف ضحايا دون شك.

صحافي مغربي

Dr.Randa
Dr.Radwa