مُنذ ثلاث سنوات بالتحديد، شهد مسجد عمر مكرم بمنطقة وسط البلد حشودًا كبيرة من أهل الوسط الفني بكبار نجومه، فنانين وفنانات، كبارًا وصغارًا، جاؤوا جميعًا ليحضروا ذلك الحشد الكبير الذي تمثل في عزاء قنصل الفن "خالد صالح"، ذلك النجم الذي رحل تاركًا وراءه تاريخًا فنيًّا مشرفًا، استطاع إنجازه في فترة وجيزة كفنان، إضافة إلى بصمة الحب التي تركها في قلوب محبيه، سواء على المستوى الفني أو المستوى الجماهيري.

مشهد عزاء صالح يكاد لا ينسى، إذ تكدست السيارات في الشوارع حول المسجد، وتكدس الشارع بالحشود البشرية من أهل الفن، إذ حضر كبار نجوم الفن، ومنهم (عادل إمام، محمود ياسين، صلاح عبد الله، محمود عبد العزيز، سمير غانم، تامر حسني، حسين الجسمي، عزت العلايلي، مكسيم خليل، أحمد بدير، أحمد السقا، محمد هنيدي، محمد رمضان، أنغام، كندة علوش، إلهام شاهين، وفاء عامر، غادة عادل، هالة صدقي، عفاف شعيب، هالة فاخر، درة، فيفي عبده، سمية الخشاب)، ومن الشخصيات السياسية والرياضية والدينية حضر الشيخ مظهر شاهين، والمنتج صادق الصباح، ووزير الثقافة الأسبق صابر عرب، والموسقار هاني شنودة، والكابتن محمود الخطيب، والسياسي حمدين صباحي، والكاتب الكبير وحيد حامد.

هؤلاء وغيرهم حضروا في مشهد مهيب، لتوديع صاحب أطيب قلب وأصفي ضحكة خالد صالح ملك الضحكة التي لا تنسى.

حياته قبل الفن
الفنان المصري الراحل خالد صالح، وُلد في محافظة القاهرة في العشرين من يناير عام (1964)، التحق بالدراسة في كلية الحقوق، وتخرج فيها في عام (1987). في بداية حياته عاش كأي شاب يبحث عن فرصة جيدة للعمل، فالتحق بالعمل في مكتب محاماة لفترة لم تكن كبيرة، ثم ترك المحاماة وانتقل للعمل في بعض المشاريع التجارية المختلفة.

الانطلاقة الفنية
لكن عشقه للسينما والتمثيل لم يغب عن باله لحظة واحدة، حيث كان في أثناء التحاقه بالجامعة يعمل علي مسرحها، إذ شارك في بعض العروض المصرحية المختلفة بشكل هوائي لا احترافي.

وبعد مرور ثلاثة عشر عامًا على تخرجه، قرر صالح التفرغ للعمل في السينما بشكل نهائي، حيث إنه في البداية التحق بمسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية.

وعام 2000 تحديدًا كانت بمثابة انطلاقة للفنان خالد صالح في السينما والتليفزيون، حيث قدم العديد من الأفلام والمسلسلات والمسرحيات، ومنها أفلام (تيتو، الحرامي والعبيط، حين ميسرة، حرب أطاليا، أحلى الأوقات، النعامة والطاووس، فبراير الأسود، عمارة يعقوبيان، كف القمر، الجزيرة 3، عن العشق والهوى، المصلحة، هي فوضي، أحلام حقيقية، ابن القنصل، الريس عمر حرب). 

ومن أهم أعماله الدرامية التي تركت أثرًا كبيرًا مسلسلات (بعد الفراق) التي شاركته بطولته النجمة التونسية هند صبري، وحقق وقتها نجاحًا جماهيريًّا منقطع النظير، وارتبط لدى الجماهير أن الفنان خالد صالح نجح بشكل كبير في الشكل الرومانسي، وجاء مسلسل (سلطان الغرام) ليؤكد موهبته، ثم مسلسل (الريان) الذي جسد من خلاله شخصية حقيقية لرجل الأعمال المصري أحمد الريان، ومسلسل (فرعون)، ومسلسل (تاجر السعادة)، ثم تواكبت أعماله الفنية الدرامية وقدم مسلسل (موعد مع الوحوش) الذي لقي أيضًا نجاحًا كبيرًا.

شارك صالح أيضًا في عدد من الأعمال الإذاعية، منها (مش ألف ليلة وليلة، فيلم عربي، أحمد رامي، أهلًا يا باشاوات). 

التكريمات والجوائز الفنية
حصد الفنان خالد صالح، خلال مشواره النفي، العديد من التكريمات والجوائز المختلفة، وكان أهمها حصوله علي شهادة تقدير كأحسن ممثل من مهرجان الإعلام العربي عن مسلسل (تاجر السعادة)، وجائزة التمثيل من مهرجان الأفلام، وأيضًا جائزة الإباع الذهبية.

الأعمال الخيرية
اشتهر الفنان الراحل خالد صالح كواحد من أهم الفنانين داخل الساحة الفنية بأعماله الخيرية المستمرة، حيث كان يحرص دائمًا على زيارة الأطفال الأيتام ورعايتهم ومساعدتهم وكذلك كبار السن، وحضر افتتاح مستشفى سرطان الأطفال في السودان، وزار مركز راشد لرعاية وعلاج الأطفال في دبي، بالإضافة إلى مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة والجمعيات الخيرية، فدائمًا طيبة قلبه وحنانه كانا يصلان إلى القريب والغريب.

رحيله
شهدت الأيام الأخيرة في حياة النجم خالد صالح أزمات صحية، حيث إنه تعرض لأزمة قلبية وسافر إلى مستشفى الدكتور مجدي يعقوب بمحافظة أسوان، وصاحبه النجم أحمد السقا خلال أيامه الأخيرة، حيث كانت تجمعهما صداقة قوية، ثم قام بإجراء جراحة دقيقة في القلب، وبعد ذلك تدهورت حالته الصحية، ووافته المنية في الخامس والعشرين من سبتمبر عام (2014).
لقد رحل عن عالمنا خالد صالح بجسده، ولكن الذاكرة أبدًا لن تنسى هذا النجم صاحب أطيب قلب وأجمل ابتسامة.