الجمعة 24 مايو 2024

عام على رحيل صحفي القرن و"أستاذ الجورنالجية".. فراغ لا يملأه العظماء

17-2-2017 | 21:06

"أنا جورنالجي"، بهذا الوصف اعتاد الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، أن يلقب نفسه، ولما لا وهو بالفعل “أستاذ الجورنالجية”، الذي ترك برحيله فراغا لا يملأه عظماء الصحافة، رغم كثرتهم. 

وفي مثل هذا اليوم يمر العام الأول على رحيل “صحفي القرن”، الذي اقتحم بلاط صاحبة الجلالة، وهو لم يتجاوز العشرين بعد، ليبدأ في مطلع شبابه، رحلة العمر نحو قمة الصحافة العربية.

ويصف وزير الخارجية الجزائري السابق، الأخضر الإبراهيمي، الذي كان سفيرا لبلاده في مصر، إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الراحل حسنين هيكل، بالقول: “كان هيكل يحظى بصفتين أساسيتين، جعلتاه يتربع على قمة الصحافة العربية، والمصرية، أولهما الذكاء الشديد، والأخرى الفضول الدائم”.

ويحكي الإبراهيمي عن علاقته مع هيكل لصحيفة "جون أفريك" الفرنسية، قائلا: “حتى في اللقاءت الودية، كان هيكل صحفيا أكثر من كونه صديقا، ففي هذه اللقاءات دائما ما يكون لديه الرغبة في البحث عن المعلومات”.
ولد هيكل في 23 سبتمبر 1923 في محافظة القليوبية بالدلتا، وبدأ حياته في صحيفة "ذا إيجيبشن جازيت"، وغطى من خلالها معركة العلمين في عام 1942، ضمن معارك الحرب العالمية الثانية.

وفي سن الخامسة والعشرين، كان يقف بقلمه وورقته على الجبهة في فلسطين، لتغطية الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، قبل أن يعود إلى مصر ويصبح صديقا مقربا للرئيس جمال عبد الناصر، وخلال هذه الفترة، استطاع هيكل أن يضع اسمه على تقارير صحفية لا يمكن لغيره في مصر والوطن العربي أن يكتبها.  
وعقب بعد حرب أكتوبر 1973، كان هيكل هو أول من توقع توجه الدبلوماسية المصرية نحو توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل، ولا ينسى الصحفيون حول العالم، الدور الذي لعبه هيكل لجعل صحيفة "الأهرام" أكثر الصحف الحديثة، ذات المصداقية في العالم العربي، حتى صار يتسابق عليها كتاب الرأي في المنطقة، ليضعوا أسمائهم على أعمدة صفحاتها.

وعلى مر العقود الماضية، ظل يوم الجمعة، يحمل علامتين بارزتين، لدى المصريين، الصلاة، ومقال هيكل، الذي كان ينتظره القراء والمحليون في مصر والوطن العربي؛ من أجل معرفة معلومات جديدة غير محكية من قبل، عن دوائر السلطة في مصر والوطن العربي، وكي يطلعوا على مستقبل المنطقة.
لم يندهش هيكل كثيرا بثورة يناير 2011، التي أطاحت بنظام الرئيس مبارك، بل على العكس، كان من المرحبين بها، إذ إنه بدا أكثر هجوما على نظام مبارك، خلال أعوامه الأخيرة، ولاسيما الدائرة المحيطة بالرئيس، حتى أنه قال مرة: "مصر لا يمكن أن تدار من شرم الشيخ".

والسابع عشر من فبراير الماضي، ترجل الفارس عن صهوة جواده، وأذن لقلمه أن يستريح، بعد رحلة عطاء تجاوزت السبعين عاما، تاركا خلفه أجيالا من أبناء الصحافة، ينتظرون “صحفي القرن” المقبل.