الإثنين 29 ابريل 2024

تلك آثارنا (16).. تمثال الملك خفرع "الدايوريتي"


د محمد أبو الفتوح

مقالات23-6-2023 | 14:16

د محمد أبو الفتوح

كان "أوجست مارييت" عالم الآثار الفرنسي (1821-1881م) ب قد بدأ الحفر حول تمثال أبي الهول تمويل من متحف اللوفر في باريس، واكتشف علامات تدل على وجود طريق حجري يؤدي إلى الجنوب بعيداً عن الخط الطبيعي لجسم أبي الهول، فقرر اتباع هذا الطريق، ووصل إلى موضع جرانيتي مغلق، بداخله جدران معبد، ورأى أنه من المحتمل أن يكون قد بناه ملوك الأهرامات، فأخذ ينظفه حتى الأساس أملاً منه في العثور على كتابة، لكن أرض المعبد الممهدة كانت تهبط إلى سبعة وعشرين قدماً (8.23م)، وكانت الرمال تتحرك، كما كانت هناك كمية هائلة من الحطام يلزم إزالتها. وعندها هذا الحد وهو على اعتاب اكتشاف جديد، نفد المال الذي جاء به من فرنسا، فرفع مارييت طلباً بالحصول على دعم مادي لاستكمال أعمال الحفر، أشار فيه إلى: "مدى عظم الكنز الأثري الذي تتعرض فرنسا لخطر خسارته لحاجته إلى القليل من المال، وكم سيكون حزننا شديداً إذا أصبح منجم الذهب هذا، الذي اكتسبته فرنسا بالقانون عن طريق اكتشافه، ملكاً لغيرها من الأمم التي لن تتردد في امتلاكه واستغلاله كي تربح منه".

وفيما بعد، وعندما عاود الحفر بعد زمن في الموقع، وليس لحساب فرنسا وإنما لحساب الحكومة المصرية، اكتشف مارييت أنه تحت الرمال، وعلى بعد عشرة أيام من حيث توقف عن الحفر، كان يرقد التمثال الرائع للملك الذي بنى الهرم الثاني، وكما ذكر: "كان الأمر يحتاج إلى بضع مئات من الفرنكات كي يكون تمثال خفرع اليوم في فرنسا". 

وهكذا عثر مارييت على تمثال الملك خفرع الدايوريتي الشهير، في معبد الوادي في منتصف القرن التاسع عشر، والتمثال من روائع أعمال النحت المصري القديم، يصور الملك جالساً على كرسى العرش في هيئة شبابية، وخلف رأسه يظهر المعبود حورس على هيئة صقر فارد جناحيه حول الملك كرمز لحمايته.

وتتجلى في هذا التمثال مجموعة من الأفكار الفنية الملفتة، منها أن الفنان أوجد اندماج بين الملك الممثل للمعبود حورس في الأرض، والصقر الممثل للمعبود حورس في السماء، كما أن الصقر حورس، لا يراه المشاهد للتمثال إلا من الجانب أو من الخلف، أما من الأمام فلا يرى المشاهد للتمثال إلا وجه الملك وكأن المعبود حورس يحميه دون أن يرى ذلك البشر.

تزين جانبي كرسي العرش الذي يجلس عليه الملك علامة الـ "سِما تا وي"، رمز وحدة مصر العليا ومصر السفلى، برمزيهما البردي واللوتس، فنشاهد تعانق زهرة اللوتس رمز الصعيد مع نبات البردى شعار الدلتا. وهو ما يدل على بسط الملك نفوذه وسيطرته على شمال مصر وجنوبها.

وكرسي العرش كأنه أسدان، أسد على كل جانب، وأقدام الكرسي كأنها سيقان الأسد وكأن الملك يجلس على ظهر الأسدين. وبالطبع يرمز الأسد دائما ما إلى القوة والشجاعة. 

و التمثال منحوت من صخر الدايوريت الناري شديد الصلادة، وارتفاعه 168 سم، وعرضه 57سم، وهو من مقتنيات المتحف المصري بالتحرير بالقاهرة.

 

 

Dr.Randa
Dr.Radwa