"ثورة ثورة في كل مكان .. يسقط يسقط الإخوان"، و"دم ولادنا للحرية.. مش لعصابة إخوانجية"، كانت تلك الهتافات الصوت الذي عبر به الشعب المصري عن رغبته، والتي امتلأت بها الشوارع المصرية إبان ثورة 30 يونيو للمطالبة برحيل محمد مرسي وجماعة الإخوان الإرهابية لينتصر صوت الشعب القوي وأثمر ذلك بتحقيق هدفه وإنقاذ هويته العريقة.
وقف التاريخ ليسجل بنفسه تلك اللحظة الفارقة في حياة الشعب المصري الذي يدون فيها مصر الجديدة وهي تستعيد شبابها وحضارتها رغم أنف الحاقدين والفسدة ورغم بلاء الدهر الذي كاد أن يدمرها.
قام الشعب بثورة 30 يونيو التي صارت ملهمة لكل الثائرين تلك الثورة التي احتشد بها 33 مليونا وهي أكثر من ثلث تعداد السكان الذي كان يبلغ وقتها حوالي 90 مليونا وربما يزيد قليلا هذا العدد لم تشهده ثورات عدة مما يدل علي اتحاد الفكرة والصمود من أجلها فالشعب كان يد واحدة.
ثورة 30 يونيو نجاح شعب
مصر الثائرة التي لا تهتز رفعتها وكرامتها يحميها أولادها ويضحون من أجلها، حيث نجح المصريون في اختيار مستقبلهم ورفض ما يزعزع حضارته حتى ولو بالقول، فأحداث تلك الثورة لن تنسى وستظل مخلدة في الأذهان بعد أن كان عام حكم الإخوان يشكل تهديد لمستقبلهم وحياتهم في مختلف المجالات مثلعدم الاستقرار الأمنى وتحويل الميادين إلى تهديدات بالقتل وسفك للدماء، بجانب أزمات انقطاع الكهرباء المتتالية وطوابير الخبز واختفاء الوقود من المحطات وغيرها من الأوضاع المعيشية الصعبة، ومن ثم توحدت إرادة المصريين وتمكنت من الانتصار على جماعة الإخوان الإرهابية.
وأكد بعض المفكرين والمثقفين فشل الجماعات الإرهابية في مس الهوية المصرية، حيث أن ثورة يونيو أثبتت فشل جماعة الإخوان الإرهابية، موضحين أن ثورة 30 يونيو أنقذ فيها المصريون دولتهم الوطنية من السقوط والتردي، بقدر ما انتصروا لثقافتهم الوطنية وتاريخهم وهويتهم ومنظومة قيمهم الحضارية ومستقبلهم، وفرضوا إرادتهم الشعبية الحرة لتدخل مصر عصرا جديدا.
وقال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن المصريون يميلوا إلى الوسطية ولا يخضعون لمن يحاولوا انحرافهم عن هويتهم يمينا ويسارا"، مضيفا أن الشعب المصري استطاع أن يدرك مخاطر القوي الخفية التي تجعلة ينجرف عن حضارته وهويته وهي جماعات الإخوان الإرهابية، مشددا علي إعادة النظر مرة أخرى في لإنقاذ الهوية إنقاذا كليا.
وتابع في تصريحات لـ"دار الهلال"، أن النساء الإيرانيات شرعوا يحذرن النساء المصريات وينتبهوا كي لا ينخدعن مثلما حدث معهن تحت حكم طالبان".
واختتم أن الشعب المصري كان له القدرة على رفض أي ايديولوجية متطرفة وهذا كان السبب الذي جعل ثورة 30 يونيو أصعب في وجهة نظره من ثورة 25 يناير فمصر بها حضارتها الفرعونية ونيلها ومساجدها وكنائسها ورموزها التي تجعلها متفردة لآخر الزمان.
المصريون استشعروا الخطر
وقالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن كثير من المؤرخين يصفون الشعب المصري بأنه مخادع فهو لا يتحرك جراء أحداث كثيرة لكن عندما يستشعر الخطر ينتفض ويتصدى لهذا الخطر علي مر التاريخ وخصوصا لو كان هذا الخطر يتطرق إلى المساس بالهوية الوطنية، وهذا يدل على عظمة مصر"
وأضافت، في تصريح لـ"دار الهلال" أن الجميع قاموا متحدون وكأنهم يد واحدة لم يتم التفريق بين الرجل والمرأة أو الشباب وكبار السن فالجميع انتفض انتفاضة واحدة للحفاظ على هويتهم لأنها أيضا سر اتحادهم ووجودهم، وهذا هو سر المصريين الذي لم يستطيع أحد اكتشافها فهم في أي ظروف صعبة يندفعون دفعة الرجل الواحد، فهم لا يتحملوا أن يتركوا مصر يصيبها خطر من أي نوع حتى وهم ليسوا على وعى كاف بماهية هذا الخطر"
وأضافت أن الشعب يحتاج أيضا إلى الاهتمام بالوعي الثقافي والاهتمام بالأبطال الحاليين وتقديمهم قدوة للشباب لأن الحفاظ على الهوية لا يحتاج لثورة فقط بل أيا يحتاج لدعائم توعوية لبناء الإنسان، مشيرة إلى أن الاجيال الجديدة تحتاج إلى التنويه للقادة الدماء العظام كي يستلهموا من روحهم كيفية حب الوطن فهم أيضا يحتاجون حياة كريمة للثقافة والفن".