الأحد 5 مايو 2024

الطريق إلى 30 يونيو (3).. يوم أنقذ السيسي مصر من براثن الجماعة الإرهابية

مقالات3-7-2023 | 13:11

 

كشف عزل الرئيس المدعوم من جماعة الإخوان عن قابلية الجماعة للتحالف مع التيارات الأكثر تشددًا داخل الحالة الإسلامية، بل وربما قابلية داخلية في التكوين النفسي والتربوي لأفرادها للمواجهة المفتوحة مع الدولة بكل الأدوات والوسائل العنيفة فكرًا وسلوكًا مما أدخلها في سياق قانون الكيانات الإرهابية، وهو ليس سلوكًا جديدًا للجماعة بل هو سلوك متأصل فيها منذ نشأتها المبكرة.

محاولات إسقاط الدولة

ولعل هذا الفكر المتطرف والسلوك الإرهابي هو ما حدا بأنصار الرئيس الإخواني محمد مرسي إلى الاحتشاد في ميدانيْ رابعة العدوية والنهضة قبل 30 يونيو بأيام وشكلوا حركة (تجرد) التي قالوا أنها جمعت عددًا أكبر من التوقيعات، وبدأوا يتحدثون عن رفضهم المطلق لعزل الرئيس أو لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، حتى ولو كان الثمن أن تسيل أنهارًا، كما هددوا بحرق مصر، وعودة التفجيرات وكل إرثهم في العمليات الإرهابية ضد الدولة المصرية، وهو ما أدى وقوع مصادمات ضخمة بين الجماعة والدولة كان الهدف منها إسقاط الدولة.

ورغم وقوع مصادمات في التظاهرات المستمرة التي قام بها أنصار مرسي وحالات وفاة من مختلف الأطراف مثل أحداث الحرس الجمهوري وأحداث المنصورة والقائد إبراهيم والمنصة وطريق النصر؛ إلا أن فض اعتصام "رابعة" يظل هو الحادثة الأكبر من حيث عدد الضحايا، ولم تبذل قيادات جماعة الإخوان الموجودون في الاعتصام أي مجهود يُذكر سواء في الاستجابة للوساطات المحلية والإقليمية والدولية لفض الاعتصام سلميًا، أو في محاولة تقليل أعداد المتواجدين من أنصارهم مع بدء عملية الفض التي تم التنويه عنها أكثر من مرة، وعقب الفض توالت عمليات العنف مثل أحداث رمسيس ومسجد الفتح واشتباكات المهندسين واقتحام قسم شرطة كرداسة ووقائع إحراق عشرات الكنائس بصورة جزئية أو كلية في عدة محافظات.

 

الجماعة بين الأزمة السياسية والمأزق الوجودي

كشفت أحداث العنف المأساوية التي أعقبت عزل الرئيس الإخواني أنه على العكس من المعارك المجربّة لهذه الجماعة مع النظم الحاكمة، تلك التي خرجت منها أكثر قوة بفعل تعاطف المجتمع معها واحتضانه لها، تأتي الهزيمة الراهنة أمام المجتمع نفسه الذي أطاح بها وهى على رأس الدولة، وهو ما يتجاوز حدود الأزمة السياسية إلى حد المأزق الوجودي الذي لابد وأن تصير الجماعة بعده غير ما كانت قبله، وقد يجاوز الأمر ذلك إلى تلاشي وجود الجماعة مع مرور السنوات، وأن ثورة 30 يونيو قامت دون مراء بكتابة شهادة الوفاة لجماعة الإخوان، التي اندثر أنصارها في الداخل، وصار قادتها فلولٌ يخدمون في بلاط أنظمة تناصب الدولة المصرية العداء.

ورغم أحداث العنف، وتشكيل تحالف دعم الشرعية المؤلف من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية وبعض الفئات الرافضة لإجراءات 3 يوليو 2013، ومحاولات عرقلة خطوات خارطة المستقبل التي تم الاتفاق عليها؛ إلا أن الدولة المصرية استكملت خارطة المستقبل، حيث تولى رئيس المحكمة الدستورية العليا رئاسة الدولة مؤقتًا وقام بتشكيل حكومة، وأصدر إعلانًا دستوريًا ينص على ثلاث خطوات تتمثل في صياغة دستور جديد ثم تجري انتخابات برلمانية وتختتم بانتخابات رئاسية، غير أن تطور الأوضاع السياسية على الأرض وتزايد أعمال العنف فرض الحكومة الإنتقالية بإعلان حالة الطوارئ في أغسطس 2013 لمدة ثلاثة أشهر، وذلك عقب انتهاء المظاهرات المؤيدة لشرعية الرئيس مرسي والإخوان بفض اعتصاميْ رابعة والنهضة. وفي 23 ديسمبر 2013، تم حظر الجماعة وأنشطتها ومصادرة جميع أموالها لنشر الفوضى والإرهاب والقتل واستغلال الدين، كما تم القبض على عديد من أعضاء جماعة الإخوان.

وفي 25 ديسمبر 2013، أعلن مجلس الوزراء في بيان أن جماعة الإخوان جماعة إرهابية، وذلك إثر اتهامها بتفجير مبنى مديرية أمن الدقهلية، كما تم إقرار توقيع العقوبة على كل من يشترك في نشاط الجماعة أو ينضم إليها، أو يروج لها بالقول أو الكتابة أو بأة طريقة أخرى، وكل من يموّل أنشطتها. وتضمن البيان أيضًا تكليف القوات المسلحة وقوات الشرطة بحماية المنشآت العامة، على أن تتولى الشرطة حماية الجامعات لضمان سلامة الطلاب من ممارسات الجماعة. وقد قدم البيان في سياقه مرجعية تاريخية للتدليل على أن الجماعة على مدار تاريخها لا تعرف إلا العنف أداة لتحقيق أهدافها، وذلك بدءاً من اغتيال القاضي الخازندار واغتيال رئيس الوزراء النقراشي (باشا) في أربعينيات القرن الماضي، وحتى أحداث الإتحادية في 2012، وجرائم التعذيب في رابعة ، مرورًا بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل عبد الناصر في الخمسينيات من القرن الماضي ، واغتيال الشيخ الذهبي والرئيس الراحل محمد أنور السادات في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.

خطى واثقة في إدارة المرحلة الانتقالية

كان من أبرز إنجازات تلك المرحلة الانتقالية إعادة النظر في ترتيب الأولويات بهدف تقديم الانتخابات الرئاسية على البرلمانية، وقد تم تشكيل لجنة الخمسين لتعديل الدستور الإخواني وطرح الدستور الجديد للاستفتاء في يومي 14 و15 يناير 2014، وبعد إقرار التعديلات الدستورية بدأت إجراءات الانتخابات الرئاسية، وفي 26 مارس 2014 أعلن المشير عبد الفتاح السياسي وزير الدفاع (آنذاك) استقالته من القوات المسلحة، وتقدم بأوراق ترشحه للرئاسة في الأول من أبريل من العام نفسه وسط تأييد شعبي غير مسبوق من جموع المصريين، وفاز بمنصب الرئيس بفارق كبير على منافسه الوحيد حمدين صباحي ليحلف اليمين رئيسًا للجمهورية في 7 يونيو 2014، لتبدأ مصر مرحلة جديدة من تاريخها.

وفي التاسع من أغسطس 2014، حكمت المحكمة الإدارية العليا بحل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان لعدم اعترافه بثورة 30 يونيو، وإطلاقه لفظ انقلاب على ما حدث في الثالث من يوليو، كما حكمت بمصادرة أمواله وممتلكاته لتؤول إلى الدولة. وأوضحت المحكمة أن المنتمين للحزب خرجوا ضد وحدة الوطن وعملوا على انقسامه وعدم استقراره بعد ثورة 30 يونيو، فنشروا الفوضى والعنف وهددوا السلام الإجتماعي.

ومن هنا، احتفظت جماعة الإخوان بأجندة ورؤية خاصة لدورها في مرحلة ما بعد مبارك، حيث كانت الجماعة ترى أن الفرصة سانحة لأن تحصل على أكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية، وأن تصوغ ترتيبات الانتقال بما يخدم مشروعها السياسي، حتى وإن دفعها ذلك إلى التفاهم المنفرد مع المجلس العسكري الذي تولى مسئولية وضع تريبات مرحلة مابعد مبارك. لم تخل القوى السياسية الإخرى من تناقضات وتضاد أيضًا في الرؤى والإهداف حال بينها وبين الحفاظ على جبهة موحدة طوال المرحلة الانتقالية. لكن في الوقت الذي توحدت فيه معظم هذه القوى في بداية المرحلة الإنتقالية على أهمية التوافق على الدستور، كانت الجماعة وحلفاؤها في التيار الإسلامي يسيرون في اتجاه آخر، يضمن لهم هيمنة سريعة على مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية، ومن ثم التحكم في كتابة الدستور. وقد تطلب الأمر في أحيان كثيرة أن تصطف الجماعة مع المنظومة السلطوية نفسها التى اندلعت ضدها الثورة، في مواجهة سائر القوى السياسية. وعندما كانت الجماعة تتعرض لأزمات نتيجة توتر علاقتها مع المؤسسة العسكرية في بعض الإوقات كانت تحاول ترميم علاقتها بالقوى السياسية الأخرى، لكن بهدف تكتيكي ومرحلي، إذ سرعان ما كانت تنقض أو تلتف على اتفاقاتها، وتعود لمنهجها الإقصائي مجددًا. استمر الإخوان في اتباع هذا المنهج حتى عزل رئيسها محمد مرسي، بل إن تجربتهم القصيرة في الحكم كشفت عن منهجهم الاستبدادي والإقصائي في إدارة البلاد، وهو ما يثير نوبات من الضحك والسخرية عندما يتحدث أعضاء الجماعة ورموز عام حكمها الأسود على الشاشات عن ديمقراطية مرسي في ذكرى وفاته ..!!.