قدرت الأكاديمية الدولية للوساطة والتحكيم حجم الخسائر السنوية في المنطقة العربية بسبب قضايا التحكيم الدولي بأكثر من 20 مليار دولار تم دفعها على هيئة تعويضات في 700 قضية أمام مراكز التحكيم الدولية، وذلك بسبب نقص الكوادر البشرية والخبرات القانونية اللازمة لمواكبة المتغيرات العالمية في مختلف القاطاعات القانونية، لا سيما تلك التي تهتم بالقضايا الاستثمارية والاقتصادية مع الشركات العالمية وبين الحكومات وهيئاتها المختلفة.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تستعد فيه القاهرة لاستضافة فعاليات المؤتمر المهني الأول للتحكيم الذي ينعقد تحت شعار “التحكيم العربي.. الحاضر والمستقبل”، في الفترة من 12 - 14 أكتوبر المقبل، لترسيخ وتعزيز مكانة منصات التحكيم العربية، والنهوض بكفاءة المحكمين العرب، مستهدفًا رأب الفجوة القانونية بين المتغيرات العالمية وأدوات المحكمين العرب، ومطالبًا بضرورة مواكبة متطلبات اللجوء المتزايدة للشركات متعددة الجنسيات إلى مراكز التحكيم الدولية كمنصةٍ للفصل بين النزاعات الواقعة مع الهيئات والشركات العربية.
وتشير الإحصائيات الصادرة عن الأكاديمية الدولية للوساطة والتحكيم إلى تجاوز طلبات التحكيم المقدمة إلى غرفة التجارة الدولية بباريس إلى أكثر من 100 طلب سنويًا، وفيما يتعلق بقضايا التحكيم المحلية، فقد خسرت مصر أكثر من 74 مليار جنيه سدّدتها خزانة الدولة في صورة تعويضات لدولٍ أجنبية في قضايا التحكيم الدولي، وذلك خلال 10 سنوات، ويرجع ذلك إلى ما رصدته الأكاديمية بسبب قلة عدد المحكمين المصريين، حيث شارك 7 محكمين مصريين فقط من إجمالي 450 في 150 قضية كانت الدولة المصرية طرفًا بها.
وأكد الدكتور وليد عثمان، رئيس الأكاديمية الدولية للوساطة والتحكيم، أن الشركات العالمية تشترط اللجوء لمنصات التحكيم الدولية بسبب عدم ثقتها الكاملة بمراكز التحكيم العربية، الأمر الذي يضع على عاتقنا في الأكاديمية بحث سبل النهوض بمنصات التحكيم والكوادر العربية، وتأهيل قانونيين متخصصين في العلاقات الدولية التجارية لتفادي الخسائر الاقتصادية بعد نقل المعرفة والتوجهات العالمية الحديثة للاستعانة بها عند صياغة العقود الاستثمارية، وذلك لتوفير البنية القانونية السلمية في إبرام العقود، وللوقوف على كل الثغرات القانونية التي تتسبّب بشكلٍ أساسي في خسارة الكثير من القضايا.
وأضاف أن الخسائر الاقتصادية الناتجة عن قضايا التحكيم في المنصات الدولية تعتبر حجرة عثرة أمام النمو الاقتصادي لما تسبّبه من عجزٍ في ميزانية الدول العربية، وذلك بسبب عدم الإلمام بإجراءات التحكيم الدولي وتشريعاته القانونية، بالإضافة إلى ضعف القوانين والتشريعات الداخلية وتضارب سياسات الاستثمار في الكثير من الأحيان، مما يؤدي إلى لجوء المستثمر الأجنبي للتحكيم الدولي بهدف الحفاظ على استثماراته.