شهد تيار اليسار المصرى الذي يشمل تحت لوائه الناصريون والإشتراكيون والشيوعيون والتقدميون والقوميون إرتفاعا وهبوطاً حاداً خلال الفترات التاريخية المختلفة ، حسب الظروف السياسية والإجتماعية والتاريخية التى تمر بها مصر ونظامها السياسى الحاكم آنذاك ، ومدي اقترابهم وابتعادهم عن ذلك النظام حيث تعرضوا للسجن إبان عهد الأنظمة السابقة حتى قيام ثورة 25 يناير.
قيادات اليسار تؤكد تواجدها بالمشهد وتتهم الإعلام
قال الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع الأسبق ، أن الحزب ليس متباعدا عن الحركة الجماهيرية والشعبية ، ويلعب دورا أساسيا فى الحياة العامة ، مشيرا الى المطالبة بحقوق أصحاب المعاشات ، ورئاسة إتحاد المعاشات وتواجده بالحزب كمقر له .
وأكد أن الحزب لديه حركة شبابية كبيرة ، ويعقد ندوات ثقافية ، ولكن الهجوم والتعتيم الإعلامى له دور كبير فى تراجع حزب التجمع ، مضيفا " لسنا قادرين على إرغام الفضائيات والصحف بأن تعطينا ريق حلو ، وأنا بحاول أوصل صوتنا وأكتب مقالات أسبوعية ، وصوتنا ليس عالياً لكنه ليس خافتا " .
وصرح المهندس محمد سامى رئيس حزب الكرامة ، أن تراجع دور اليسار عن الساحة له بُعد تاريخى متمثل فى نظام مبارك الذي مارس أكبر عملية تجريف للحياة السياسية مركزا على قوى اليسار .
وأشار الى أن الساحة السياسية تضم الآن بعض الصيغ الحزبية المفتعلة وليس لها رصيد ولا تاريخ فى العمل السياسى ، واتخذت موقع الصدارة فى الإعلام بما تمتلكه من مؤهلات مالية .
وأضاف " رغم كل هذه الظروف لا ننسى دور قيادات اليسار فى قضية تيران وصنافير ، ونقل الأزمة الى القضاء ، حيث إنتهت بمردود إيجابى عَبر عن الموقف الوطنى ".
وأوضح سامى أن وضع الأحزاب السياسية أمر لا تُحسد عليه فلا توجد أى واجهة إعلامية سواء صحف أو فضائيات يملكها اليسار ، مضيفا " نحن محرمون من المنابر الإعلامية".
كيف يستعيد اليسار دوره ؟
وقال السعيد " لابد أن يكون هناك تكافؤ فى الإعلام ، فالإعلام الخاص وتحديداً الفضائيات تلعب دوراً فى تشويه الرموز وإختفاءها ".
وأضاف " الله غالب فلا نُرغم الإعلام على ظهورنا وأن يعطينا دورا حتى لو الدنيا اضطربقت مش هتصل بصحفى وقوله خلينى أظهر " .
وأكد سامى أنه لابد من قناعات صاحب القرار فلابديل عن الحياة الحزبية الحقيقية ومشاركتها في صناعة القرار ، مطالباً بإعادة النظر فى دعم الأحزاب ذات التاريخ والدور السياسى ماليا من الدولة .
ولفت سامى الى أن قوى اليسارمطالبة بصياغة ما يسمى "رؤية اليسار" وتوجيه اليسار فى المعترك السياسى .
الإعلام وتيار اليسار
قال محمد المرسى أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة ، أن هناك تواجداً إعلامياً لبعض شخصيات اليسار المصري ، وهناك إعلاميين مشهورين محسوبين علي اليسار، لكنه تواجداً ضعيفاً .
وأشار الى أن أزمة تيار اليسار تكمن في الفكر ومدي قابلية انتشاره في الشارع بتوجهاته الفكرية والدينية ، فهناك موروث ثقافي وديني قوي ارتبط في الأذهان بالعلمانية والالحاد .
وأوضح أن تراجع اليسارنتيجة أنهيار الاتحاد السوفيتي وسقوط النموذج بما تبعه من سقوط للأنظمة والتيارات الشيوعية والاشتراكية وغالبية حركاتها فى العالم وهو انعكس سلبيا على اليسار المصرى .
ولفت الى أنه رغم إتفاق اليسارمع توجهات المساواة والعدالة الاجتماعية الإ أننا لا نجد لهم صوتا منظما ببرنامج عمل واضح قابل للتطبيق بل نجد شبه اختفاء علي الساحة .
وأكد عادل فهمي أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة أن الإعلام لعب دورا لصالح رموز اليسار حيث تولوا أكثر المنابر الإعلامية قوة في روزاليوسف وأخبار اليوم ، لكنهم اعتمدوا على مصادمة الدين وركزوا على العنف والجنس والمخدرات كعوامل تسويق لمطبوعاتهم وابتعدوا عن هموم الناس ولذلك لم يحققوا جماهيرية تحفظ لهم تواجدا حقيقيا .
ولفت الى أن ظهور القنوات الدينية التي إستقطبت الجماهير وصنعت رموزا دينية توجه خطابا عاطفيا مؤثرا أدى إلى انحسار التأييد لليسار الذي تحول إلى رموز متربحة من الأوضاع في كل فترات الحكم ، واللعب على المصلحة الوطنية وتوزيع صكوك الانتماء مما أضعفهم في مجتمع يميل بالفطر ة إلى التدين.
وذكر أنه بسبب التحول في المشهد السياسي واحتكار السلطة والثروة لم يعد اليسار قادرا على توجيه خطاب متماسك مقارنة بخطاب الإسلاميين ، والإعلام الآن مملوك في معظمه للدولة أو رجال الأعمال ومن ثم فاليسار يتسلل إلى المنابر فرادى لكي يحصلوا على مغانم ولكن ليس لديهم جرأة الطَرح ولن يفيدهم الإعلام كثيرا وخصوصا أنهم لم ينحازوا إلى مطالب الفئات الفقيرة منذ ثورة 25 يناير .
وأشار الى أن فترة التسعينيات شهدت طفرة في تواجد التيار الإسلامي الذي له شعبية تحكمها العاطفة الدينية على حساب اليسار، القوى المعارضة كلها لم يسمح لها بالتواجد الفاعل إلا ضمن حسبة كان يحددها النظام الفردي .
واستطرد " إن اختفاء قيادات تاريخية وكاريزمية لليسار منذ فتحي رضوان و خالد محي الدين وغيرهم ترك فراغا لم يملؤه جيل جديد من كوادر حقيقية فقد كانوا ممثلين ضمن مسرح النظام السياسي ولم يكونوا مستقلين " .