حذرت الأمم المتحدة من أن الفشل في مضاعفة الجهود من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، قد يؤجج عدم الاستقرار السياسي ويؤدي إلى انتكاس الاقتصادات، ويفضي إلى ضرر لا يمكن إصلاحه للبيئة الطبيعية، وذلك وفق الإصدار الخاص لتقرير أهداف التنمية المستدامة لعام 2023.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، يأتي هذا التحذير الأممي، بالتزامن مع انطلاق فعاليات المنتدى السياسي رفيع المستوى بشأن التنمية المستدامة، الذي ينظمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة ويهدف إلى بناء الزخم لإعادة أهداف التنمية المستدامة الـ 17 إلى مسارها الصحيح، بعد مضي نصف المدة المقررة لتحقيق هذه الأهداف بحلول 2030.
وقد اعتمدت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في عام 2015 أهداف التنمية المستدامة، والتي تُعرف أيضا باسم الأهداف العالمية، باعتبارها دعوة عالمية للعمل على إنهاء الفقر وحماية الكوكب وضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار بحلول عام 2030، غير أن جائحة كـوفيد-19 والأزمات العالمية المتصاعدة تسببت في خروج هذه الأهداف الطموحة عن مسارها الصحيح.
وذكرت الأمم المتحدة، أنه منذ اعتماد خطة عام 2030، شهد العالم تغيرات كبيرة، وتراجع التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة بسبب النكسات الاقتصادية وفي مجالات الطاقة والغذاء والعمل الإنساني، وقد تفاقمت هذه النكسات بسبب التوترات الجيوسياسية، وسيركز المنتدى على سبل تسريع التعافي العالمي، ويمهد الطريق لقمة أهداف التنمية المستدامة الحاسمة المقرر عقدها في سبتمبر المقبل.
من جهتها، وصفت رئيسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي "لاتشيزارا ستويفا"، المنتدى السنوي بأنه فرصة لبناء زخم سياسي للقمة المقبلة، فضلا عن تحديد أولويات السياسة الرئيسية التي يجب معالجتها.
وأفاد تقرير أهداف التنمية المستدامة لعام 2023 في إصداره الخاص ، بأن التأثيرات المجمعة للأزمة المناخية والحرب في أوكرانيا ،والتوقعات الاقتصادية العالمية القاتمة وتداعيات وباء كوفيد-19، كشفت مواطن ضعف منهجية وعرقلت بصورة كبيرة التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقالت الأمم المتحدة ، في بيان لها، إن التقرير أشار إلى أنه مع تبقي سبع سنوات فقط على تحقيق أهـداف التنمية المستدامة، فإن المخاطر تبدو كبيرة، ويأتي التقرير في وقت ينعقد المنتدى السياسي رفيع المستوى حول التنمية المستدامة في الفترة ما بين 10- 19 يوليو الجاري،حيث تستعرض الدول المشاركة الخطوات الملموسة التي يتخذونها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأظهر التقرير أنه من بين 140 غاية تشملها أهداف التنمية ويمكن تقييمها، أظهر نصفها انحرافا معتدلا أو شديدا عن المسار المرجو، كما أن 30 في المائة من هذه الغايات لم تشهد أي تقدم أو تراجعت إلى ما دون الحد الأساسي لعام 2015.
وأوضح التقرير أن تأثير وباء كوفيد-19 عطّل ثلاثة عقود من التقدم الثابت في تقرير الفقر، حيث زاد عدد الناس الذين يعيشون في فقر مدقع لأول مرة منذ جيل كامل، وإذا استمرت هذه الاتجاهات الراهنة فإنه بحلول عام 2030، سيبقى 575 مليون شخص محاصرين بين براثن الفقر المدقع ولن يلتحق 84 مليون طفل وشاب بالمدارس.
وأشار التقرير إلى أن 56 في المائة من الدول تفتقر إلى قوانين تحظر التمييز المباشر وغير المباشر ضد النساء، وأن درجات الحرارة العالمية زادت بمقدار 1.1 درجة فوق مستوى ما قبل العصر الصناعي، ومن المنتظر أن تتخطى 1.5 درجة بحلول عام 2035، وحذر التقرير من أن الأكثر فقرا وضعفا في العالم هم من يعانون من الأثر الأسوأ لهذه التحديات العالمية غير المسبوقة.
وبينت الأمم المتحدة في تقريرها أن التقدم الذي تحقق في بعض المجالات منذ 2015 يؤشر إلى إمكانية تحقيق المزيد من التقدم، فقد زاد عدد السكان في العالم الذين يتمتعون بخدمة الكهرباء من 87 في المائة في عام 2015 إلى 91 في المائة في 2021.
وذكر التقرير أنه بحلول عام 2021، حققت 133 دولة الغاية المتعلقة بتقليل الوفيات بين الأطفال دون سن الخامسة، ومن المنتظر أن تحقق 13 دولة أخرى نفس الغاية في 2030.
وفي مجال النمو الصناعي، قال التقرير إن صناعات التكنولوجيا المتوسطة والمتقدمة أظهرت نموا قويا، رغم تباطؤ النمو الصناعي العالمي، كما وفرت الدول النامية رقما قياسيا من قدرات إنتاج الطاقة المتجددة في 2021 بلغ 268 واط للفرد، وزاد عدد مستخدمي الإنترنت بنسبة 65 في المائة منذ عام 2015 ليصل إلى 5.3 مليار شخص حول العالم في 2022.
وأضاف التقرير الأممي أن مكاسب التنمية المهمة هذه تظهر أن تحقيق انفراجه من أجل مستقبل أفضل للجميع هو أمر ممكن، عبر مزيج من العمل الجماعي والإرادة السياسية القوية والاستخدام الفعال للتقنيات والموارد والمعرفة المتاحة، وأكد أيضا أن هذا التقدم يمكن أن ينتشل مئات الملايين من بين براثن الفقر، ويحسن المساواة بين الجنسين، ويضع العالم على مسار تقليل الانبعاثات الحرارية بحلول عام 2030.
وأكدت الأمم المتحدة، أن المنتدى السياسي رفيع المستوى بشأن التنمية المستدامة في عمله سيعتمد على وثيقتين رئيسيتين: تقرير التنمية المستدامة العالمية لعام 2023 والإصدار الخاص لتقرير الأمين العام عن التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وسيجري المنتدى مراجعات متعمقة للعديد من أهداف التنمية المستدامة.
وهذه المرة ستكون هناك جلسات مخصصة للتدقيق في الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة بشأن المياه النظيفة والصرف الصحي؛ الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة بشأن الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة؛ والهدف التاسع بشأن الصناعة والابتكار والبنية التحتية، والهدف الـ 11 بشأن المدن والمجتمعات المستدامة، والهدف الـ 17 بشأن الشراكات من أجل تحقيق هذه الأهداف.