بقلم : إيمان حمزة
بعد أن أصبح الحج أمنية صعب على الكثيرين منا تحقيقها مع هذه الأرقام الخيالية لتكاليفه، أضحت النفوس تتوق إلى عمرة لبيت الله - الكعبة المشرفة - والقلب يهفو إلى المسجد النبوى الشريف والروضة الشريفة التى قال عنها نبينا صلى الله عليه وسلم: «ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة .»
دائما يأخذك الشوق إلى مكة وفيها جبال النور.. طلة على البيت المعمور.. دخلنا باب السام.. غمر قلوبنا السام بعفو رب غفور،.. كلمات تحمل معانى جميلة مؤثرة تأخذ القلوب تشدو بها كوكب الشرق.. هناك حيث تنسى المشقة وكل شىء فى حياتك عندما ترى مآذن المسجد الحرام وأسراب الحمام تحط من السماء إلى الأرض فى سام وأمان.. تطير إلى بيت الله حيث لا يهدأ ولا ينقطع الطواف والسعى ليس فقط طوال ساعات الليل والنهار بل كل الدقائق والثوانى با انقطاع جاءوا من باد الدنيا ملبن مكبرين لا فرق بينهم، يقول عنهم رسولنا الكريم: «ليبعثن الله أقواما يوم القيامة في وجوههم النور، على منابر اللؤلؤ، يغبطهم الناس، ليسوا بأنبياء ولا شهداء هم المتحابون في الله من قبائل شتى، وباد شتى يجتمعون، على ذكر الله ».. هناك حيث تصفو النفوس وفيض من السعادة تغمر النفس والوجدان حن ترى الكعبة المشرفة والحجر الأسود، تسأل الله من خزائن رحمته فقد وعد خلقه فى عهد على ذاته العليا أن يجيب أول دعوة لمن تقع عيناه لأول مرة على الكعبة المشرفة، فيسارع الجميع إلى دعوة نبينا إبراهيم خليل الله: «رب اجعلني مقيم الصاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ».. ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وتوفنا مع الأبرار.. دعاء لنا ولكل خلق الله الطيبن دعاء لأن يفرج كرب بلادنا حن يعتصر قلبك الحزن على شعوبنا فى سوريا والعراق وليبيا واليمن مع بكاء نسائهم وصغارهم مع الدعوات بأن يفرج الله كربنا وعودتهم سالمين لبلادهم، متوجهن للمولى أن ينقذهم ممن لا يرحمهم، وما يفرحك هذه الدعوات التى تنطلق منهم أن يحفظ الله مصر شعبها وجيشها لتبقى قوية عندما يعلمون أننا من مصر.
وبعد الطواف والدعاء فى حجر إسماعيل والصلاة أمام مقام إبراهيم ننطلق إلى شعائر السعى بين جبلى الصفا والمروة.. هناك حيث كانت السيدة هاجر زوج نبى الله وخليله إبراهيم حن تركها وحيدة مع رضيعها نبينا إسماعيل عليهم السام.. أجابته بثقة فى الله اذهب فالله لن يضيعنا، ومع شدة الحرارة وصراخ وليدها يستجيب المولى لتضرعها بعد أن جف لبنها ويفجر عينا بن قدمى إسماعيل فترويه وتروى عطشها لتبقى زمزم تروى عطش ضيوف الرحمن إلى قيام الساعة.. ومع طواف الوداع ترى أجمل الطيور تطوف فى أسراب تسبح مع الذاكرين من تحت عرش الرحمن والبيت المعمور.. وتكتمل الرحلة بزيارة حبيب الله حيث المدينة المنورة بطريق الهجرة للرسول وصديقه أبى بكر الصديق.. طريق ممتد بن جبال وعرة حيث غار حراء وغار ثور وجبل الرحمة بعرفات.. وإلى مدينة النور التى دعا لها المصطفى ولأهلها وزرعها وأرضها وكل شىء بها لنصرة أهلها له ولدعوته فقال: «إن الله يحب من يحب المدينة وأهلها ».. هناك أكرمنا الله بصاة الجمعة فى مسجد قباء أول مسجد بنى للإسام وقال عنه رسولنا الكريم إن الصاة به تعادل ثواب عمرة بإذن الله.. ومنه وصلنا إلى رحاب المسجد النبوى الشريف يشع بنورانياته وجمال عمارته وقبابه ومآذنه البيضاء وقبته الخضراء الفريدة التى تعلو روضته الشريفة.. تفوز فيها بتحية وسام من الله ورسوله حن تلقى بتحيتك وسامك.. رحلة تصفو فيها النفس ندعو الله أن ينعم بها الجميع.